حكومة السرّاج...تحديات محلية قد تؤدي إلى تراجع الدعم الدولي

03 مايو 2016
السرّاج خلال جولة بطرابلس الجمعة(المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي)
+ الخط -

"السرّاج دخل سينخفض سعر رغيف الخبز"، مقولة طالما رددها الشارع في طرابلس، وحفلت بها تعليقات صفحات التواصل الاجتماعي المتفائلة، والتي تعكس المستوى المتدني للمعيشة في العاصمة الليبية، حيث لم يتطلع المواطنون إلى مطالب زيادة الأجور أو استتباب الأمن. ويبدو أنه بعد مضي قرابة الشهر من تمكن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، برئاسة فائز السرّاج، من دخول العاصمة بحراً، وانتصار الأخير على خصمه السياسي الممثل في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته وحكومته، مرتكزاً إلى داعميه الدوليين الذين توالت زيارات وزرائهم إلى طرابلس، بدأ التأييد الشعبي للسرّاج وحكومته في التناقص. كما بدأت الشكوك تعود من جديد لتنظر إلى المخاوف التي أطلقها معارضو حكومة الوفاق على أنها حقيقية.
يتساءل مواطنون، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، عن أسباب بقاء السرّاج وحكومته رهائن داخل قاعدة بوستة العسكرية معزولين تماماً عن باقي البلاد، بل العاصمة، على الرغم من إعلانات السرّاج المتتالية عن استلامه ثمانية مقرات وزارية، من بينها مقر الحكومة في طريق السكة.


ويقول أحد سكان المدينة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكهرباء لا تزال ساعات انقطاعها تصل إلى الست ساعات يومياً، والأسعار على ما هي عليه، والتردي الأمني لم يتغير، فما الذي تغير؟".
ويضيف "كان لدينا حكومة لم تقدم لنا شيئا، ولكنها موجودة ونستطيع أن نصل إلى مقراتها ومسؤوليها، على الأقل تضمن لنا استمرار تدفق المرتبات التي توقفت في ظل غياب شبه تام للسيولة في البنوك". ويعتبر أنّ حكومة (الوفاق) ليست موجودة، إنها أسيرة أسوار قاعدة عسكرية ولا تستطيع المغادرة". ويتساءل "هل دخلت الحكومة طرابلس بالفعل؟".
يصف مواطن آخر قاعدة بوستة العسكرية بأنها "منطقة خضراء"، في إشارة إلى المنطقة الخضراء في العراق التي تضم مقرات مؤسسات الدولة الرئيسية والسفارات الأجنبية. ويضيف "من يحمي هذه الحكومة ويؤمّنها داخل هذه القاعدة. نحن الأقرب إليها في العاصمة لا نعرف عنها شيئا، ولا يستطيع أي مواطن أن يصل إليها مشتكياً أو مطالبا بحق".
سياسياً، تعكس تصريحات أخيرة لداعمي حكومة الوفاق من برلمان طبرق (المطعون في شرعيته من المحكمة العليا) تراجعاً في موقفهم. فهمي التواتي، أحد النواب المشاركين في منح الثقة للحكومة من خلال بيان صدر خارج قبة البرلمان، اعتبر أنه "لا يجب أن يبقى المجلس الرئاسي في طرابلس وداخل القاعدة البحرية". وأضاف في تصريح صحافي لإحدى القنوات المحلية "أن عدم التحرك المباشر والكافي للمجلس الرئاسي بشأن امتصاص الاحتقان القائم بين أطراف في ليبيا يعد خرقاً".

وتواجه حكومة السرّاج تحدياً كبيراً يتمثل في الحفاظ على ولاء المجموعات المسلحة بطرابلس، إذ يرى كثيرون أن هذه المجموعات التي كانت تدعم حكومة المؤتمر الوطني تأثرت بالأزمة المالية التي مرّ بها المؤتمر، ما أدى إلى إعاقة قدرتها على تمويل الجماعات المسلحة ودفع رواتب قياداتها وعناصرها، وهو ما دفع هذه الجماعة إلى إعلان الولاء للحكومة الجديدة.
وعلى الرغم من إعلان المؤسسات المالية والاقتصادية السيادية كالبنك المركزي ومؤسسة النفط ومؤسسة الاستثمار الليبية عن دعمها للسرّاج، إلا أن توقف ضخ النفط والشح المالي الذي يعاني منه البنك المركزي سيكون عاملاً مهدداً للحفاظ على ولاء المجموعات المسلحة إذا ما فشلت الحكومة في دفع رواتب مسلحيها وقادتها.
كما تفيد مصادر بأن مجموعات مسلحة عديدة في طرابلس رفضت تعليق شعار الحكومة الجديدة على مقارها قبل إثبات الأخيرة قدرتها على التواجد الفعلي في العاصمة.
وفي السياق، فإن التغييرات المتتالية للأوضاع المحيطة بالحكومة يمكن أن تؤدي إلى تراجع الموقف الدولي الداعم لها، والذي لم يخف أسباب تأييده. ويراهن المجتمع الدولي على قدرة الحكومة على جمع صف المجموعات المسلحة لمواجهة خطر "داعش"، ووقف سيل الهجرة غير الشرعية. وهو ما لم تتمكن الحكومة من تحقيقه بعد، ولا سيما في ظل استمرار رفض نواب موالين للواء خليفة حفتر منح الشرعية لحكومة الوفاق، في إعلان صريح لرفض قوات حفتر أوامر الحكومة الأخيرة في ما يتعلق بتشكيل "غرفة موحدة" لقتال تنظيم "داعش" في سرت.
أكثر من ذلك، تؤكد أنباء وصول قوات حفتر في إقليم برقة إلى منطقة مرادة المتاخمة للهلال النفطي جنوباً، والتي لا تبعد عن سرت أكثر من 200 كيلومتر. وإذا ما تمكنت وساطات قبلية من رأب الصدع بين قوات حفتر وبين قبيلة المغاربة، الأقوى في وسط ليبيا والتي ينتمي إليها قائد حرس المنشآت النفطية المسيطر على الهلال النفطي، إبراهيم الجضران، فقد تتغير موازين القوى فعلاً في حال سيطرت قوات حفتر على مواقع النفط ووصولها إلى سرت قبل المجموعات الموالية للمؤتمر الوطني ولحكومة السرّاج.
المساهمون