التهديدات الأميركية للسلطة الفلسطينية: عداء لن يوقف المسار الدولي

25 مايو 2018
هددت واشنطن بإغلاق مكتب ممثلية منظمة التحرير(نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
قابلت الولايات المتحدة الأميركية الخطوات الفلسطينية للرد على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بتهديدات كبيرة، وصلت حد التمهيد لإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، ودرس خفض المساعدات للوكالات التي تنضم إليها فلسطين، وهو ما تقابله السلطة الفلسطينية باعتباره إعلان عداء مطلق ضدها، ولكنه لن يوقف مسار الانضمام إلى سائر المنظمات الدولية الهامة.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، محمد إشتية، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على هذه التهديدات: "هذا الأمر بالنسبة لنا يقع في خانة استنزاف السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ضمن الضغط المتواصل تحضيراً لمرحلة ما قبل إطلاق صفقة القرن، وبالتالي الولايات المتحدة دخلت في مرحلة التحريض الممنهج ضد السلطة الفلسطينية". وتابع: "بالنسبة للتحريض على إغلاق مكتب ممثلية منظمة التحرير، نعلم أن اللوبي اليهودي هو الذي يحرّض في واشنطن، لكن المشكلة الأكبر تتعلق بالخطوات المتعلقة بوقف التمويل وغير ذلك". وحسب إشتية، فإن "السؤال المفصلي عما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تريدان هدم السلطة؟ وإذا كان الجواب نعم، فالأحرى بنا أن نهدمها نحن بأيدينا".

وكانت القيادة الفلسطينية قد أعلنت في الرابع عشر من الشهر الحالي قيامها بخطوات عدة رداً على نقل السفارة الأميركية، نفذت جزءاً منها، مثل تقديم إحالة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، والتوقيع على 22 منظمة دولية كانت قد امتنعت عن الانضمام إليها بموجب تفاهم بين القيادة الفلسطينية وإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إذ انضمت حتى الآن إلى ثلاث منها وهي: اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو"، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد". وحتى الآن من غير المعروف أو المعلن ما هي عناوين المنظمات المتبقية.

ورأى إشتية أن "ما تقوم به الإدارة الأميركية وإسرائيل في ما يتعلق بالضغط المالي، هو بالمجمل يدفع السلطة للانهيار، ومنها الحديث في الكنيست الإسرائيلي عن اقتطاع نحو مليار و200 مليون شيكل (نحو 335 مليون دولار) من المخصصات للأسرى والشهداء، وصرفها في المستوطنات حسب ما نص عليه مشروع القرار، أي يتم اقتطاعها وصرفها في المستوطنات المقامة على أرضنا المسروقة والبناء من أموالنا".

وحذر عضو اللجنة المركزية لـ"فتح" من أن "هذا أمر خطير جداً ويؤشر إلى عدائية مطلقة تجاه السلطة، ولكن لن نستسلم لهذا الموضوع ولن نخضع للابتزاز، فهذا ابتزاز من الدرجة الأولى"، مضيفاً: "لنا الحق بالذهاب إلى أي منظمة دولية في العالم، وفي حال انضمامنا لأي منظمة ستخرج منها الولايات المتحدة الأميركية، هذا أمر طريف". واعتبر أن تنفيذ الولايات المتحدة لتهديداتها يعني إعادة صياغة النظام العالمي، قائلاً: "ليس الفلسطينيون من اخترع النظام العالمي، والأمم المتحدة، ولم نخترع المحكمة الجنائية الدولية، نحن نستخدم أدوات قام العالم باختراعها بطريقة قانونية وسلمية وسياسية".

وعما إذا كانت القيادة الفلسطينية ستبطئ من الانضمام إلى بقية المنظمات الدولية في الأيام المقبلة تفادياً لأي مواجهة أو تصعيد أميركي، أجاب إشتية: "لن تكون هناك أي خطوات بطيئة، القيادة مستمرة في خطواتها لتدويل الصراع، ولكن للأسف الولايات المتحدة تضع نفسها طرفاً في الصراع وهذا أمر محزن". وأوضح أن "فلسطين بصفتها دولة تحت الاحتلال تبحث عن شرعية لها في المؤسسات الدولية، وهذا لا يضر بأمن أو مصالح واشنطن، وبالتالي الإدارة الأميركية تعادينا وتقف ضدنا من دون أي مبرر يذكر، إلا انسجاماً مع الموقف الإسرائيلي، وهو موقف الاحتلال المعتدي".


وحول التقديرات التي تقول إن قرار إحالة فلسطين لملفات الجرائم الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية كانت خطوة تحدٍ أثارت غضب الإدارة الأميركية، علّق إشتية بالإشارة إلى أن "الولايات المتحدة تعلم أن ذهابنا إلى الجنائية الدولية يعني أن بعض الشركات الأميركية التي تعمل في المستوطنات سوف تتعرض للمساءلة الكبرى في هذا الموضوع، ولذلك الأجدى بالدول التي تخاف من الجنائية الدولية أن تسحب شركاتها من المستوطنات بدل أن تمنعنا من الذهاب إلى المحكمة".

وعما يتردد عن إعلان الولايات المتحدة عن "صفقة القرن" قريباً، قال إشتية: "لا نعلم أي شيء حول ما يروّج عن الإعلان عن صفقة القرن، فلا توجد أي قنوات اتصال فلسطينية مع الجانب الأميركي، ولا نعلم عن هذا الموضوع شيئاً سوى ما نتابعه في الإعلام بأن هناك اجتهادين لدى الإدارة الأميركية، الأول بأن يتم الإعلان عن الصفقة بعد شهر رمضان، والاجتهاد الثاني يقول إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يعلن عنها في شهر سبتمبر/أيلول، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وما يعنينا كقيادة فلسطينية أننا نرفض كل ما يتعارض مع المصلحة الفلسطينية والثوابت الوطنية، وموقفنا كما قال الرئيس أبو مازن ما دام بأيدينا القلم ونستطيع أن نقول لا سنقول لا لكل ما لا ينسجم ولا يتوافق مع المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني".

من جهته، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، لـ"العربي الجديد"، أن "التهديد الأميركي متوقّع لأن الولايات المتحدة كانت تهدد بأنها سوف تقطع المساعدات عن أي منظمة دولية ستنضم إليها دولة فلسطين"، لافتاً إلى أن "ما تقوم به الإدارة الأميركية هو حماية الاحتلال والوقوف معه للحيلولة دون مساءلته بعد قيام فلسطين بإحالة ملف جرائم الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية". وأضاف أبو يوسف: "من الممكن أن تُقدم الولايات المتحدة على إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، في ظل الاستهتار بكل القوانين الدولية، لكن القيادة لن تتراجع فقد قررت أخذ زمام المبادرة بالانضمام إلى كل المنظمات والاتفاقيات الدولية، وسننضم في الأيام المقبلة إلى المزيد من هذه المنظمات".