عدم التجديد لمساعد وزير الدفاع: نجل السيسي والأزمة الليبية

11 سبتمبر 2019
الكشكي وسط الصورة (موقع وزارة الدفاع المصرية)
+ الخط -
جدلٌ كبير خلّفه قرار عدم التجديد للواء محمد الكشكي، مساعد وزير الدفاع المصري للعلاقات الخارجية، بعد بلوغه سن التقاعد من دون التجديد له، على الرغم من طبيعة الملفات التي كانت تحت تصرفه منذ عام 2013، علماً أنه تم التجديد لآخرين من الذين وصلوا إلى سن التقاعد، وفقاً لقوانين القوات المسلحة المصرية. وكان اللواء الكشكي، قبل قرار الإطاحة به، يشرف على عدد من الملفات كممثل للقوات المسلحة بها، وفي مقدمة تلك الملفات، الأزمة الليبية، عبْر عضويته في اللجنة المصرية المعنية بالملف، والتي ترأسها عقب قرار الإطاحة برئيس الأركان المصري السابق محمود حجازي (صهر الرئيس عبد الفتاح السيسي)، قبل أن يصدر تكليف رئاسي بنقل رئاستها لمدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل. كما مثّل الكشكي مصر في اجتماعات دول تجمّع الساحل والصحراء، بالإضافة إلى المشاركة في الاجتماعات الخاصة بملف التحالف العربي في اليمن. وكذلك كان حضوره مكثفاً في اجتماعات تشكيل التحالف العسكري الخاص بالدول المطلة على البحر الأحمر، بخلاف قيامه بأدوار كبيرة بشأن ملفات صفقات الأسلحة التي أبرمتها مصر أخيراً مع كل من الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا.

وكشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى، في حديث مع "العربي الجديد"، كواليس عدم التجديد للكشكي، مشيرة إلى أن هناك أسباباً عدة، من بينها خلافات بدت وكأنها مفتعلة في الفترة الأخيرة، وبالتحديد خلال العام الأخير. وأوضحت المصادر أن الأزمة بدأت مع الملف الليبي الذي كان يشرف عليه الكشكي بشكل منفرد بعد رئاسته اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي، قبل أن يفاجأ بقرار صادر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتكليف اللواء عباس كامل، مدير مكتبه وقتها والقائم بأعمال مدير المخابرات العامة وقتها أيضاً، بقيادة ذلك الملف. إلا أن الكشكي استمر كصاحب نفوذ قوي ورأي مسموع باعتباره ممثل الجيش في اللجنة.

وأضافت المصادر، أنه مع الوقت بدأ التباين في وجهات النظر حول إدارة الأزمة الليبية بين كامل والكشكي يظهر بشكل واضح لأعضاء اللجنة، متابعة "في مرات كثيرة كان يحدث خلاف حول خطوات متّبعة، وكان كامل دائماً ما يتعجل حسمه بقوله إنها توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي ليوقِف النقاش حولها"، لافتة إلى أن مواقف الكشكي كانت تميل إلى التحفّظ وعدم المغامرة والدفع بقوات مصرية في الصراع نظراً لحساسيته، مع ميله إلى اتّباع إجراءات برعت فيها القوات المسلحة في فترات عدة بإدارة اتصالات مع القبائل والقوى السياسية، في حين كان يميل كامل دائماً إلى الحسم السريع، مؤكدة أنه كان الداعم الأكبر لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في تحركه الأخير عسكرياً نحو العاصمة طرابلس، ما خلّف أزمة أكبر تسعى جميع الأطراف إلى تداركها. ولم تستبعد المصادر، وثيقة الصِلة باللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي، أن يكون قرار الإطاحة بالكشكي جاء بتوصية من عباس، للتغطية على فشل حملة حفتر العسكرية على طرابلس، على اعتبار أن ذلك الفشل عسكري في المقام الأول.


إلا أن مصدراً مقرباً من دوائر صناعة القرار المصري، قال لـ"العربي الجديد" إن هناك ترتيبات كبيرة تحدث داخل أروقة النظام لتصعيد شخصيات بعينها وتكليفها بملفات إقليمية ذات أهمية وحساسية كبيرة، لإضفاء قوة لتلك الشخصيات خلال الفترة المقبلة، في ظل توسُّع دور جهاز المخابرات العامة ونقل صلاحيات كبيرة له. وكشف المصدر أنه في مقدمة تلك الشخصيات وكيل جهاز المخابرات العامة، العميد محمود السيسي، نجل رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أنه "بعد أن تم فرْض محمود بقوة نفوذ والده على الملفات الداخلية مثل الإعلام والحياة السياسية وتمكّنه منها، بدأ توجُّه جديد بتقديم محمود إلى الخارج، عبْر نقل المسؤولية عن ملفات إقليمية له، لخلق أهمية دولية".

وأوضح المصدر أن أهم ملف يعبر من خلاله نجل الرئيس الذي تمت ترقيته استثنائياً للحصول على درجة وكيل جهاز، هو ملف العلاقات المصرية الأميركية، قائلاً: "هناك اتجاه قوي لدى الرئاسة بإشراف محمود على هذا الملف وإدارته، بالإضافة إلى عدد من الملفات الإقليمية الأخرى ذات الأهمية في المحيط العربي الداعم لمصر". وكشف المصدر أن محمود السيسي هو الذي تولى في وقت سابق الإشراف على ملف إدارة العلاقات مع السودان عقب سقوط الرئيس المخلوع عمر البشير، مضيفاً: "لا يُخفى على أحد في الوقت الراهن النفوذ الواسع لنجل الرئيس داخل جهاز المخابرات العامة عقب نقله إليه من المخابرات الحربية وتصعيده الكبير، في تظل تخفيض حجم الملفات التي كان يشرف عليها اللواء عباس كامل".

وظهر الكشكي أخيراً ضمن قادة القوات المسلحة المحالين للتقاعد خلال فاعلية نظمتها المؤسسة العسكرية لتكريمهم قبل مغادرتهم مواقعهم، في حضور وزير الدفاع محمد زكي ورئيس الأركان محمد حجازي. تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كان قد منح وسام الاستحقاق والجدارة للواء الكشكي، ملحق الدفاع المصري وقتها في الولايات المتحدة وكندا، في نهاية مهمته في واشنطن "تقديراً لسلوكه الاستثنائي وأدائه المتميز في خدمة العلاقات المصرية-الأميركية"، خلال الفترة من يونيو/حزيران 2009 إلى فبراير/شباط 2013، وهي الفترة التي شهدت أحداثاً كبيرة في مصر تخللتها ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011.