بريطانيا تحمي إسرائيل بفزاعة "اللاسامية"

15 ديسمبر 2016
اعتبرت إسرائيل حركة المقاطعة تحدياً كبيراً لها (تولغا أكمان/الأناضول)
+ الخط -


في أول خطاب لها أمام منتدى "أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين" الذي أقيم هذا العام تحت شعار "100 عام على وعد بلفور"، تعهّدت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بإصدار قرار حكومي جديد يقضي بتوسيع مفهوم "اللاسامية" ليتضمن التعبيرات الموجّهة ضد إسرائيل نفسها وليس فقط ضد اليهود واليهودية. وحسب مكتب رئاسة الوزراء البريطانية، فإن هدف التوصيف والمفهوم الجديد هو ضمان "عدم تملّص ونجاة المسيئين" لليهود ومجتمعاتهم ومؤسساتهم. واعتبرت ماي "وعد بلفور أهم الوثائق في التاريخ، لأنه يدل على دور بريطانيا الإيجابي والهام في إقامة وطن قومي للشعب اليهودي"، وهو "اليوم الذي نحتفي به بفخر"، على حد تعبيرها. وأوضحت موقفها المعارض لنشاط التنظيمات التي تقاطع إسرائيل بقولها إن حكومتها "لن تقبل بوجود أي منظمة تقاطع إسرائيل".
وتشير تصريحات ماي وغيرها من المسؤولين في الحكومة البريطانية، إلى تبنّي تفسير "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست" الذي يعتبر اللاسامية "مفهوماً معيناً عن اليهود، يمكن من خلاله التعبير عن الكراهية ضدهم، وعادة ما تظهر معاداة السامية من خلال التعبيرات اللفظية أو الجسدية ضد اليهود وغيرهم، أو ضد ممتلكاتهم، أو ضد مؤسسات المجتمع اليهودي ومنشآته الدينية". وكان "التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة"، المعروف بـ "IHRA" نشر في مايو/أيار الماضي تفصيلاً للمفهوم الجديد، جاء فيه أن "اللاسامية يمكن أن تشمل الانتقادات الموجّهة ضد إسرائيل إذا تم توجيهها بصفتها جهة يهودية"، لكن الانتقادات التي توجّه لإسرائيل بصفتها دولة كأي دولة في العالم لن يتم توصيفها كعمل لاسامي، أما إذا تم انتقاد اليهود والقول إنهم يوالون إسرائيل واليهودية أكثر مما يوالون الدول التي يقيمون فيها فهذا عمل "لاسامي".


وعلى الرغم من موافقة حزب "العمال" المعارض، وزعيمه اليساري، جيرمي كوربين على تعريف "التحالف الدولي لذكرى المحرقة"، كما قالت متحدثة باسم الحزب، أكد ما يقرب من 200 محامٍ وأكاديمي، أن تحركات بريطانيا والدول الأخرى، لإعاقة حركة مقاطعة إسرائيل العالمية، المناصرة لدولة فلسطين، من الممكن أن تنتهك حقوق الإنسان الرئيسية، وذلك حسب ما ذكر الكاتب في صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية، بن وايت. وفي خطاب موقّع من قِبل خبراء قانون من بريطانيا، و14 آخرين من دول أوروبية أخرى، قالوا إن مقاطعة شركات ومنتجات إسرائيل، هي حق مشروع للتعبير عن الرأي. واعتبر الكاتب في صحيفة "ذا إندبندنت" أن التعريف الجديد لـ"اللاسامية" ليس جديداً، ومع ذلك، يُشكّل تهديداً واضحاً للانتقادات المشروعة لإسرائيل، ويأتي بمثابة تهديد للمتضامنين مع الشعب الفلسطيني، وتقويض حركة المقاطعة لإسرائيل.
وترى أوساط سياسية وإعلامية في تبني الحكومة البريطانية للمفهوم الجديد لـ"اللاسامية" استجابة لضغوط الجماعات المؤيدة لإسرائيل، التي تجتهد لتطويق الانتصارات التي حققتها حركة المقاطعة "BDS" في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة. وقد ظهرت حملة المقاطعة باعتبارها تحدياً يُمكن أن يكون الأخطر على موقف إسرائيل وسياستها. وتنظر إسرائيل ومؤيدوها بقلق إلى ما تحظى به حركة المقاطعة من تأييد وانتشار واسعين في بريطانيا، إلى درجة أن صحيفة "أخبار اليهود (Jews News) "الإلكترونية، نشرت تقريراً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014 بعنوان "أول عشر دول تقاطع إسرائيل" احتلت فيه بريطانيا المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية والمرتبة الأولى أوروبياً.
وتُرجع الأستاذة في جامعة "وارويك" المتخصصة في السياسات الشرق أوسطية، والمناهضة لإسرائيل، نيكولا برات، نجاح حملة المقاطعة العالمية، لكونها "تعطي المواطنين العاديين فرصة للتأثير على السياسة الدولية، وتدعو الأفراد العاديين للتدخّل بعد فشل السياسة الدولية في إحلال السلام في إسرائيل وفلسطين". وتساوي الحكومة الإسرائيلية بين "خطر" انتشار حركة المقاطعة وأخطار أخرى مثل البرنامج النووي الإيراني أو "خطر" حركة "حماس"، وربما هذا ما استدعى توجيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نداء عاجلاً بضرورة التصدي لحركة المقاطعة عبر حملات مضادة، ووضع استراتيجية لمواجهة نفوذ حركة المقاطعة والحركات المماثلة في العالم. وقد سبق لوزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، اليمينية المتطرفة، وصف مقاطعة اتحاد الطلاب البريطاني لإسرائيل، والانضمام لحركة "BDS" بمعاداة جديدة للسامية ولكن بثوب جديد يسعى إلى نزع الشرعية وإلحاق أكبر قدر من الضرر بإسرائيل، على حد قولها.