إطلاق مبادرة دولية من باريس لملاحقة مسؤولي الهجمات الكيميائية في سورية

23 يناير 2018
احتجاجات بلندن على هجوم خان شيخون 2017 (العربي الجديد)
+ الخط -

أطلقت 24 دولة مبادرة، يوم الثلاثاء، في باريس، لملاحقة المسؤولين عن هجمات كيميائية في سورية، في حين أعلن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أن روسيا بتحالفها مع النظام السوري تتحمّل مسؤولية في هذا الإطار.

وقال تيلرسون في كلمة ألقاها لدى إطلاق هذه الشراكة الدولية بمبادرة من فرنسا "بالأمس أيضاً وقع أكثر من عشرين مدنياً غالبيتهم من الأطفال ضحايا هجوم مفترض بالكلور".


ويأتي إطلاق هذه المبادرة الدولية لمعاقبة مستخدمي الأسلحة الكيميائية، رداً على استخدام روسيا الفيتو مرتين أواخر السنة الماضية لمنع إكمال تحقيق دولي لكشف المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سورية.

وأضاف تيلرسون "كائناً من كان المسؤول عن الهجمات، فإن روسيا بصفتها حليفة للنظام السوري تتحمّل في النهاية مسؤولية سقوط الضحايا في الغوطة الشرقية قرب دمشق"، مذكراً أن روسيا وقّعت اتفاقاً مع الولايات المتحدة عام 2013 حول إزالة الترسانة الكيميائية السورية.

وتابع "على روسيا في الحد الأدنى التوقف عن استخدام الفيتو أو على الأقل الامتناع عن التصويت في الجلسات اللاحقة في مجلس الأمن بشأن هذه القضية". من جهته حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان "المجرمين الذي تحمّلوا مسؤولية استخدام وصنع هذه الأسلحة الوحشية" بأنه "لن يكون هناك إفلات من العقاب".

وعملت باريس وواشنطن قبل عقد هذا الاجتماع على عدم المبالغة بالتوقعات عما يمكن أن يحققه، في حين أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يدعو منذ أشهر عدة إلى إنشاء مجموعة اتصال حول سورية تضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن مع عدد من دول المنطقة.

وفي نهاية المطاف التزمت 24 دولة شاركت في هذا المؤتمر بمكافحة إفلات مستخدمي السلاح الكيميائي من العقاب، وبتقاسم المعلومات ووضع لوائح بالأشخاص المتورطين باستخدام هذا السلاح أكان في سورية أو في مناطق أخرى من العالم.

وتأتي هذه المبادرة بعد استخدام روسيا الفيتو مرتين داخل مجلس الأمن لمنع تجديد عمل لجنة مشتركة من الأمم المتحدة ومنظمة حظر السلاح الكيميائي كانت تنظر في تحديد مسؤولية مستخدمي السلاح الكيميائي في سورية.

وقال لودريان "الكلور، السارين، غاز الخردل والفي اكس: عادت هذه الأسماء ليتم التداول بها على الساحة الدولية ومعها صور رهيبة لضحايا أسلحة الرعب هذه".

لودريان يريد إجماعاً يدين سورية

وتابع لودريان "لا يمكن أن يستمر الوضع الحالي على ما هو عليه"، معرباً عن الأسف لاستحالة "التوصل إلى إجماع دولي يدين سورية في مجلس الأمن وفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

وجمّدت فرنسا الثلاثاء أصول 25 كياناً ومسؤولاً في شركات من سورية وكذلك من لبنان وفرنسا والصين يشتبه في "مساهمتهم في برنامج الأسلحة الكيميائية السوري على صعيد التخطيط والتنفيذ"، بحسب مرسومين نُشرا الثلاثاء في الصحيفة الرسمية.

ومن الشركات المستهدفة، خصوصاً مستوردي وموزعي المعادن والإلكترونيات وأنظمة الإنارة، ومقراتها في بيروت (قطرنجي للإلكترونيات، وان كي ترونيكس وآ بي سي للشحن) ودمشق (مجموعة الأنظمة الإلكترونية) وباريس (سمارت غرين باوكسر ولوميير اليزيه وسمارت بيغاسوس).

إلا أن العقوبات لم تستهدف أي مسؤول في النظام السوري. وقالت مصادر في وزارة الخارجية "ليس لدينا اليوم أي عناصر تتيح إطلاق هذه المبادرة على صعيد السلطات السياسية السورية".

واتُهم النظام السوري الإثنين بالوقوف وراء هجوم كيميائي جديد على دوما في الغوطة الشرقية المحاصرة بالقرب من دمشق، علماً أن سورية شهدت ما لا يقل عن 130 هجوماً من هذا النوع بين 2012 و2017، بحسب فرنسا.

وتوصل محققو الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى خلاصة مفادها بأن النظام السوري مسؤول عن أربعة منها، بينها هجوم بغاز السارين أوقع 80 قتيلاً على الأقل في 4 إبريل/ نيسان 2017 في خان شيخون. وتتهم روسيا التي تدعم سورية عسكرياً المحققين بالانحياز.

وتشتبه الأسرة الدولية أيضاً بأن تنظيم "داعش" استخدم غاز الخردل في سورية وفي العراق.

وتبذل روسيا أيضاً مساعي من خلال مبادرة سلام تشارك فيها إيران وتركيا وتأمل تعزيزها في سوتشي، في الوقت الذي تراوح فيه المحادثات برعاية الأمم المتحدة مكانها.

ويهدف "مؤتمر الحوار الوطني السوري" في سوتشي في أواخر الشهر الحالي إلى الجمع بين ممثلين من السلطة والمعارضة التي تدعمها تركيا. لكن قسماً من الفصائل المعارضة لم يتخذ قراره بعد بالمشاركة.

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة في 17 كانون الثاني/ يناير أنها ستبقي على وجود عسكري لها في سورية إلى حين الانتصار التام على التنظيم وكذلك للتصدي للنفوذ الإيراني والمساعدة في تنحية الأسد من الحكم. وتأمل فرنسا، المساهم الثاني في التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سورية، بأن تلعب دوراً في عملية السلام.


(فرانس برس، العربي الجديد)