ما أسباب جمود المعارك في محيط طرابلس؟

16 أكتوبر 2019
تحولت قوات الوفاق للدفاع بعد تغير استراتيجيات حفتر (Getty)
+ الخط -

مرت سبعة أشهر على بدء اللواء خليفة حفتر عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، دون أن تحقق نتائجها من جانب، كما لم تتمكن قوات الجيش بقيادة حكومة الوفاق من طرد حفتر وإبعاده عن مناطق جنوب العاصمة من جانب آخر.

وتعيش المعركة حالة مراوحة عسكرية في محاور جنوب العاصمة، وتحديدا في مناطق عين زاره وخلة الفرجان وفي محيط المطار القديم ووادي الربيع، وهي مناطق تمثل طوق العاصمة الجنوبي.

ورغم فقدان حفتر لقاعدة قواته الرئيسية في مدينة غريان الاستراتيجية، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، إلا انه لا يزال يحافظ على مراكز مهمة، وتحديدا في قصر بن غشير وأجزاء جنوب طرابلس تنتشر فيها عشرات المقار العسكرية، بالإضافة لمدينة ترهونة (95 كم جنوب شرق طرابلس) المتصلة بالأحياء الجنوبية الشرقية للعاصمة.

 وفي آخر نتائج المعركة، اندلعت اشتباكات عنيفة مساء أمس الثلاثاء بعد أن أطلقت قوات الجيش عملية سمتها "عملية شهداء الفرناج" في إشارة للشقيقات الثلاث اللاتي قتلن أول من أمس في غارة جوية لطيران حفتر على حي الفرناج في طرابلس، انتهت بـ"السيطرة الكاملة على محور الخلاطات" القريب من المطار القديم، بحسب المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التي أطلقتها قوات الجيش التابعة لحكومة الوفاق.

وأوضح عبد المالك المدني المتحدث باسم المكتب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "قواتنا تقدمت باتجاه عمارات الخلاطات قبل أن تسيطر على كامل المنطقة"، مشيرا إلى أن مقاتلي حفتر تم إجبارهم على التراجع إلى المناطق الواقعة خلف معسكر اليرموك.

وإلى جانب تصريحات المدني، أكد المتحدث الرسمي باسم قوات الجيش، محمد قنونو، خلال تصريحات تلفزيونية ليل أمس الثلاثاء، تنفيذ سلاح الجو ست طلعات قتالية واستدراج مجموعة من مقاتلي حفتر إلى خارج الأحياء السكنية جنوب طرابلس وإلحاق هزيمة بهم، لافتا إلى أن قوات الجيش حققت تقدمات مهمة في منطقة عين زاره.


تحول قوات الوفاق للدفاع

لكن كل تلك النتائج لا يعتبرها، الخبير العسكري الليبي محيي الدين زكري، مؤشرا على أي جديد في معركة طرابلس، حيث قال في هذا السياق "تراجعت قوة الجيش بشكل كبير بعد أن كانت تهدد المركز الثاني والأهم بالقرب من العاصمة وهي مدينة ترهونة وعلى مشارف اقتحامها"، مشيرا إلى تحولها لموقف الدفاع بعد تغير استراتيجيات حفتر التي لا تبحث سوى عن الحفاظ على مواقعها.

وأضاف زكري في حديث لـ"العربي الجديد" أن "استراتيجية الهجوم الجوي المكثف اضطرت قوات الجيش لوقف التقدم باتجاه ترهونة وتحول كل عملياتها لصد محاولات حفتر للتقدم باستخدام عامل جديد في المعركة هو المرتزقة وتشتيت قوة الجيش بضرب مواقع بعيدة عن المعركة كسرت ومصراته".

ولفت الخبير العسكري إلى أن "عوامل سياسية تتعلق بالموقف الدولي من معركة طرابلس وراء تجميد شكل المعركة ونقلها لوضع المراوحة العسكرية".

وعن أهمية المواقع التي تقدمت فيها قوات الحكومة مؤخرا، قال "هي مهمة كالسيطرة على كامل المنطقة بين الساعدية والسبيعة مثلا وشكلت عامل ضغط على حفتر وإفشال محاولة نقل جزء من قواته لفتح جبهات جديدة بالقرب من سرت بعيدا عن طرابلس"، مؤكدا أن القوتين باتتا في حالة تكافؤ ولا يمكن أن تحققا أي تقدم.


شروط برلين

ويتفق المحلل السياسي الليبي عقيل الأطرش مع الخبير زكري، حيث أكد الأول على أن المعركة تم تجميدها بواسطة الدعوات الدولية المتزايدة لوقف القتال، مضيفاً "حتى فرنسا لم تعد راغبة في مواصلة دعمها لحفتر، ويكشف ذلك ويؤكده تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة الرافضة لاستمرار الحرب"، في إشارة لتصريحات الوزير الفرنسي، أمس لصحيفة لوفيغارو الفرنسية التي اشترط فيها ضرورة وقف القتال للوصول إلى حل سياسي في ليبيا.

وأوضح الأطرش في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "أطرافاً دولية وإقليمية داعمة لحفتر باتت مقتنعة بعجزه التام عن تحقيق السيطرة على طرابلس، وبالتالي تدفع في اتجاه الضغط على الحكومة لوقف القتال لمنع سعيها لطرد حفتر من مواقعه جنوب طرابلس" مشيرا إلى أن كواليس المشاورات الدولية حول الملف الليبي "هي أهم أسباب جمود أرض المعركة".

وأكد أن "التصريحات الموالية بشأن الدعوة لوقف القتال تعكس وجود ضغوط تحت الطاولة على الحكومة للضغط على قواتها لوقف تقدمها".

وبحسب معلومات الأطرش فإن برلين استضافت في الآونة الأخيرة أكثر من اجتماع سري لترتيب اللقاء المرتقب بشأن ليبيا، مشيرا إلى أن برلين طالبت بقبول نتائج اللقاء الذي ستستضيفه من قبل الأطراف المحلية والدولية، و"أولها ضغط داعمي طرفي القتال لوقف إطلاق النار قبل البدء في أعمال اللقاء المعلن في برلين".

في سياق متصل أيضاً، ذكر المصدر نفسه، أنه "رغم الإجماع على ضرورة وقف القتال إلا أن الخلاف الحالي يتمحور في وضع قوات حفتر، هل تتراجع وتترك مواقعها جنوب طرابلس، وهو ما ترفضه فرنسا والإمارات اللتان تسعيان لإقصاء أي طرف تميل سياسته لصالح حكومة الوفاق عن المشاركة في لقاء برلين لضمان بقاء حفتر قريبا من طرابلس كورقة للتأثير على صياغة أي شكل للحل السياسي المقبل". ​