الخلافات الأميركية الصينية تهدّد مجلس الأمن بالشلل

31 مايو 2020
احتجاج أمام القنصلية الأميركية في هونغ كونغ(اسحق لورنس/فرانس برس)
+ الخط -
منذ عشر سنوات، شكّل الموقف الروسي من الملف السوري المصدر الرئيس لشلّ عمل مجلس الأمن الدولي. لكن تهيمن على هذه الهيئة الآن الخلافات الأميركية الصينية التي باتت تعرقل الكثير من الملفات، وبصورة متزايدة، بحسب مسؤولين ودبلوماسيين.
وسمح تفاهم بين الصين والولايات المتحدة في عام 2017، للأمم المتحدة بإظهار وحدتها أمام التهديد النووي الكوري الشمالي ثلاث مرات، عبر ثلاث حزم من العقوبات الاقتصادية.
لكن بعد ثلاث سنوات من ذلك، سبّب وباء كوفيد-19 تفجير منافسة شرسة بين المساهمَين الماليَّين الرئيسَين الاثنين في المنظمة، دفعت أمينها العام أنطونيو غوتيريس إلى التنديد بـ"الافتقار إلى القيادة" لمواجهة أسوأ أزمة تضرب العالم منذ عام 1945. وقال معبّراً عن أسفه أخيراً: "حيث نرى سلطة، لا نرى دائماً حسّ القيادة الضروري" الذي يجب أن يترافق معها.

ورغم شهرين من المفاوضات، لم ينجح الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، في اعتماد قرار يدعم دعوة الأمين العام إلى وقف لإطلاق النار في العالم، تسهيلاً لمكافحة وباء كوفيد-19. ويرجع ذلك حصراً إلى الخلاف الأميركي الصيني حول ذكر منظمة الصحة العالمية، التي انسحب منها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة، بطريقة شكلية فقط في نص مشروع القرار.

ويبدي مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون تشاؤماً بشأن المستقبل، مع متابعتهم لاتساع مصادر التوتر بين بكين وواشنطن. ويشير سفير رفض الكشف عن هويته إلى أن "مجلس الأمن بقي مشلولاً لـ45 عاماً، بين عامي 1945 و1990، بسبب الحرب الباردة"، موضحاً أن "آخر ما نحتاج إليه الآن هو حرب باردة جديدة تشلّ مجدداً مجلس الأمن". وهو يرى أن "نقل الخلافات الثنائية إلى المجلس سيشكل كارثة".
ويقول سفير آخر إنه "يجب علينا ألا ندخل في حرب باردة جديدة، لكن الوضع حالياً سيّئ" بالنسبة إلى الأمم المتحدة، إن كان على مستوى القيادة والوباء، أو على مستوى العلاقات الأميركية الصينية، و"هي مواضيع مترابطة فيما بينها بشكل كبير".
ويسود في الأمم المتحدة انطباع بوجود انحراف خطير باتجاه مجال عمل جديد ويعاني من الخلل. ويلفت مسؤول في الأمم المتحدة رفض الكشف عن هويته إلى أنه "في الماضي، كانت الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن تبقى منفصلة. خصمك اليوم بشأن ملف ما قد يصبح حليفك الأفضل غداً حول ملف آخر". ويضيف: "اليوم، كل شيء يتخطى حدوده، توجد معسكرات وخلافات تتحرك من موضوع إلى آخر"، في إشارة ضمنية إلى الوضع في هونغ كونغ الذي وضع من جديد العضوين الرئيسين الدائمين في مجلس الأمن بمواجهة أحدهما للآخر. ويخلص هذه المسؤول إلى القول إن "التوتر الأميركي الصيني إشكالي بالفعل" بالنسبة إلى المنظمة، متحدثاً دون تفصيل عن "سلسلة مواضيع لا يتقدم مجلس الأمن بشأنها".
ويشاركه في هذا التحليل العديد من السفراء. ويتحدث سفير الاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة أولوف سكوغ عن "شرخ هائل في الهندسة التعددية العالمية، وهو شرخ خطير جداً"، وخصوصاً بين واشنطن وبكين.


من جهته، يقول سفير ألمانيا - العضو غير الدائم في المجلس - كريستوف هوسغن: "إننا الشهود على عملية استقطاب في مجلس الأمن"، في وقت تتبادل فيه البعثتان الأميركية والصينية المزيد من الردود اللاذعة على "تويتر".
وخلال مؤتمر صحافي الخميس، أسف غوتيريس لأن أزمة الوباء لم تدفع القوى الكبرى إلى التواضع. وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "إذا كان هناك من أمر تظهره لنا هذه الأزمة، فهو هشاشتنا. هشاشتنا الجماعية. عندما نكون ضعفاء، علينا أن نكون أكثر تواضعاً. وعندما نكون متواضعين، يفترض أن نكون موحَّدين ومتضامنين"، مطالباً بأن يتبنى أعضاء مجلس الأمن هذا النهج. وأشار غوتيريس في هذا الإطار إلى الولايات المتحدة والصين، من دون تسميتهما، بامتلاكها حق النقض الذي يضاعف من سطوتهما. وقال: "لم أرَ مجلس الأمن قط مشلولاً بسبب الأعضاء (العشر) المنتخبين، في إشارة إلى الأعضاء غير الدائمين فيه.

(فرانس برس)