وقال اشتية خلال تأدية حكومته اليمين القانونية إن "حكومته ستخدم كل الفلسطينيين، وإن برنامجها يلبي أولويات مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، وهو برنامج الرئيس وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية".
واستعرض اشتيّة الخطوط العريضة لبرنامج حكومته، المتمثلة بتحقيق الوحدة الوطنية، والتحضير للانتخابات التشريعية، ودعم عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، وتعزيز صمود المواطن على أرضه، والدفاع عن القدس، والنهوض بالاقتصاد الوطني، وتعزيز الشراكة ما بين القطاع العام والخاص والأهلي.
وضمت الحكومة الفلسطينية الجديدة 16 وزيرا جديدا إلى الحكومة، مع بقاء 5 وزراء سابقين في مناصبهم، حيث شملت التشكيلة وزراء من مختلف المحافظات الفلسطينية، وانضم للحكومة خمسة وزراء من قطاع غزّة، ووزراء من القدس، والأغوار، ومختلف محافظات الشمال والوسط والجنوب.
وضمّت الحكومة ممثلين عن الفصائل المشاركة والداعمة للحكومة، كما شملت ثلاث سيدات هنّ وزيرات الصحّة والمرأة والسياحة، كما تم فصل وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم عن بعضهما، انطلاقا من توجه الحكومة لبذل اهتمام أكبر بتطوير التعليم في كل مستوياته، للوصول إلى تعليم نوعيّ والانتقال من التعليم إلى التعلّم.
واستحدث اشتية في حكومته وزارة جديدة وهي وزارة الريادة والتمكين الاقتصادي التي ستُعنى بتمكين الخريجين الشباب والفئات المهمشة اقتصاديا، من أجل الانتقال من الاحتياج إلى الإنتاج.
وسيكون رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد قائما بأعمال وزيري الداخلية والأوقاف حتى تعيينهما لاحقا، كما ستنقل وحدة التخطيط من وزارة الماليّة إلى مجلس الوزراء لتمكينها من الاطلاع على عمل جميع الوزارات لرسم الخطط والسياسات للحكومة.
ومن الوجوه القديمة الحاضرة في الحكومة الجديدة نبيل أبو ردينة، الذي شغل منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام، وزياد أبو عمرو لمنصب نائب رئيس الوزراء، ورياض المالكي وزيراً للخارجية والمغتربين، وشكري بشارة وزيراً للمالية والتخطيط، ورولا معايعة وزيراً للسياحة والآثار.
كما تتألف حكومة اشتية من وجوه جديدة، مثل مي كيلة وزيرة للصحة (نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح)، وعاطف أبو سيف وزيراً للثقافة (الناطق باسم فتح في غزة)، ورياض عطاري وزيراً للزراعة (قيادي بحزب فدا)، ونصري أبو جيش وزيراً للعمل (سفير فلسطين في إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، وقيادي في حزب الشعب الفلسطيني).
وتشغل آمال حمد منصب وزيرة شؤون المرأة (عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سابقاً، من قطاع غزة)، وأحمد مجدلاني وزيراً للتنمية الاجتماعية (عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والأمين العام لجبهة النضال الشعبي)، وفادي الهدمي وزيراً لشؤون القدس (رئيس الغرفة التجارية في القدس)، ومحمد زيارة وزيراً للأشغال العامة والإسكان.
ومن الأكاديميين والكفاءات، خالد العسيلي وزيراً للاقتصاد (رجل أعمال)، ومجدي الصالح وزيراً للحكم المحلي (نقيب المهندسين سابقاً)، واسحق سدر وزيراً للاتصالات (أكاديمي)، مروان عورتاني وزيراً للتربية والتعليم (أكاديمي)، ومحمد الشلالدة وزيراً للعدل (أكاديمي)، وعاصم سالم وزيراً للمواصلات، ومحمود أبو مويس وزيراً للتعليم العالي، وأسامة السعداوي وزير دولة للريادة والتمكين.
جدل بشأن مشاركة حزبين
أثارت مشاركة حزب "الشعب الفلسطيني" و"الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني" (حزب فدا) في حكومة محمد اشتية، حفيظة "التجمع الديمقراطي الفلسطيني"، الذي يضم خمسة أطر فصائلية يسارية، مطالباً الحزبين بضرورة مراجعة قرارهما، ما لقي استغراباً منهما، معتبرين إياه تدخلاً في شؤونهما التنظيمية.
ويضم "التجمع الديمقراطي" الذي أطلق قبل عدة أشهر، بالإضافة للحزبين؛ "حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية"، و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، ضمن تحالف الفصائل اليسارية.
وقال عضو المكتب السياسي لحزب "الشعب الفلسطيني" عصام بكر، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نستغرب إصدار هذا البيان دون توافق من كافة الأطراف، وخصوصاً أن التجمع ائتلاف عريض وواسع ويحتمل الاختلاف، ونرفض الصيغة الاتهامية للحزب، لأن قرار المشاركة بالحكومة جاء بناءً على قرار هيئات الحزب المركزية". وأشار بكر إلى أن "البيان قد يضعف مكانة التجمع ولا يؤدي الغرض منه، بل ربما يسارع في خطوات أخرى نحو المزيد من عدم الانسجام داخل التجمع ويضعف المكانة المنوطة به".
وطالب حزب "الشعب الفلسطيني" على لسان بكر، بعض الأطراف التي أصدرت البيان بمراجعة ما جاء فيه، "باعتبار أن ذلك لا يساهم ببيئة داخلية مناسبة لاستمرار عمل التجمع، إذ إن ذلك من شأنه زعزعة استقرار التجمع الداخلي، ولا يساهم في استمراره"، مطالباً "بعدم التعاطي مع هذا البيان، الذي من شأنه أن يؤثر على مسيرة التجمع برمتها ولا يستفيد منه أحد سوى الذين يريدون إفشاله".
وأوضح بكر أن "حزب الشعب له هيئاته القيادية، ومشاركة الحزب في التجمع لا تعني أن التجمع أصبح حزباً واحداً ومن حق الهيئات التنظيمية الاختلاف كما ترتئي، وما جرى تدخل غير مقبول في مطالبة الحزب بالانسحاب من الحكومة، فالحزب يرى ما يراه مناسباً ويتفق مع مواقفه وما يشكل أرضية للتعاون مع مختلف الأطراف، وهناك قرارات اتخذت من أطر تنظيمية احترم حزب الشعب خصوصياتها، وحزب الشعب يمتاز بالأهلية والشخصية الاعتبارية كحزب ويحترم قرارات هيئاته بعيداً عن أيّ مزايدات لمصالح ضيقة قد لا تخدم التجمع بشكل عام". ونوّه بأنه "لم يتم حل الهيئات الحزبية لكل تنظيم في التجمع لنصبح حزباً واحداً، فكل تنظيم احتفظ بحقه بما يراه مناسباً حتى لو كان مع مواقف التجمع".
كما قوبلت دعوات التجمع برد من "فدا"، في بيان له، قائلاً إنه "فوجئ بصدور بيان التجمع، الذي يخطئ قرار حزبنا فدا والرفاق في حزب الشعب، المشاركة في الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة الدكتور محمد اشتية، علماً أن قرار الحزبين بالخصوص شأن داخلي يخصّهما اتخذ في إطار هيئاتهما القيادية، وليس من حق أحد التدخل فيه وفقاً لما جرت عليه العادة في الحياة السياسية والأعراف الديمقراطية الفلسطينية".
وأكد الحزب "صوابية قراره المشاركة في الحكومة، لكونها تمثل حكومة فصائل منظمة التحرير، التي يؤكد التجمع الديمقراطي الفلسطيني وحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني، ورفضه لأي محاولة للانتقاص من مكانتها"، فيما اعتبر "بيان التجمع بأنه يشكل ضرباً للأسس والمنطلقات التي قام عليها التجمع نفسه، بل يمثل ارتداداً عن هذه الأسس والمنطلقات وتجديفاً باتجاه مغاير لها".
"فدا" لم يكتفِ بالدفاع عن قراره، بل طالب التجمع بسحب بيانه، قائلاً: "طالما أن حزبنا والرفاق في حزب الشعب هما أطراف أساسية في التجمع، وطالما أن البيان المذكور يحاول النيل من موقفهما، فإن هذا يعني أن البيان ذاته يمثل خطوة انفرادية من بعض أطراف التجمع ولا يمثل التجمع نفسه، بل هو يضرب الأسس والمنطلقات التي قام عليها التجمع، وبالذات لائحته الداخلية التي حددت التوافق أساساً لاتخاذ القرارات فيه، وبالنتيجة فهو يسيء للتجمع ويعرّض مكوناته للتفكك. والمطلوب من الأطراف التي أصدرت البيان سحبه والتراجع عما جاء فيه، هذا إذا كانت حقيقة حريصة على التجمع!".
وأكد "فدا" أن ما يتفق عليه من قرارات داخل التجمع هو من مسؤولية اللجنة التوجيهية العليا في التجمع، وهذا ما لم يحصل في بيان التجمع. فيما اعتبر "فدا" إصدار البيان من أطراف بعينها معبراً عن نهج استفرادي لديها مرفوض لدى "فدا" جملة وتفصيلاً.
وتابع: "وهو لا يخدم التجمع ولا الأهداف الديمقراطية التي يسعى لتكريسها في المجتمع الفلسطيني والحياة السياسية الفلسطينية، بل هو نهج يسعى للسطو على الديمقراطية والانقضاض عليها من باب المواقف الحزبية والفئوية الضيقة، التي قام التجمع أصلاً لمواجهتها".
وكان التجمع الديمقراطي الفلسطيني قد أكد في بيان صادر عنه، وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد"، أن قرار "الشعب الفلسطيني" و"فدا" المشاركة في الحكومة الفلسطينية الثامنة عشرة، "يتعارض مع موقف التجمع ومع ما ورد في برنامج عمله المشترك (البند الرابع)، ومع الاحترام للاستقلالية السياسية والتنظيمية لجميع أطرافه".
وعبّر "التجمع الديمقراطي" عن أمله أن تقوم الهيئات القيادية لكلا الحزبين بمراجعة موقفها خلال الفترة المقبلة، وبما ينسجم مع برنامج العمل المشترك للتجمع. فيما أكد أن موقفه عدم المشاركة في الحكومة الفصائلية المقترحة، والإصرار على أن تحديات المرحلة الوطنية والديمقراطية تتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأكد التجمع الأسس التي أوردها في برنامج العمل المشترك للتجمع (البند الرابع) حول الحكومة، والتي يجب أن تحظى بتوافق وطني لكافة القوى الفلسطينية، وتعمل لفترة زمنية محددة في إطار تهيئة المناخات اللازمة لإنهاء حالة الانقسام، والإعداد لإجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني.
وشدد "التجمع الديمقراطي الفلسطيني" على استمراره في العمل من أجل الوصول إلى أوسع ائتلاف فلسطيني يتصدى لحالة الانقسام، ويقاوم الاحتلال، ويناضل من أجل العدالة الاجتماعية، ويرتقي لطموحات الشعب الفلسطيني وحقوقه في العودة إلى دياره التي هجّر منها، وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
حماس: حكومة اشتية فاقدة للشرعية
من جهتها اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مساء اليوم السبت، تشكيل حركة "فتح" الحكومة الثامنة عشرة برئاسة اشتية استمراراً لسياسة "التفرد والإقصاء، وتعزيز الانقسام تلبية لمصالح حركة فتح ورغباتها، على حساب مصالح شعبنا الفلسطيني ووحدته وتضحياته ونضالاته".
وقالت "حماس" في تصريح أصدره مكتبها الإعلامي، إن هذه الحكومة "الانفصالية" فاقدة للشرعية الدستورية والوطنية، وستعزز من فرص فصل الضفة عن غزة كخطوة عملية لتنفيذ صفقة القرن.
وأكدت حركة "حماس" أن مواجهة التحديات التي باتت تعصف بالقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها فرض صفقة القرن وتنفيذها، يتطلب تصويب هذه المسارات الخطأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤولياتها كافة تجاه أبناء شعبنا، وترفع الظلم عنهم، وترعى مصالحهم، وتحقق طموحاتهم، والذهاب إلى انتخابات عامة (رئاسية وتشريعية ومجلس وطني)، ودعوة الإطار القيادي الفلسطيني للانعقاد؛ للاتفاق على استراتيجية وطنية لمواجهة التحديات كافة.