أنهت مدينة بيسلان الواقعة في جمهورية أوسيتيا الشمالية، جنوبي روسيا، استعداداتها لإقامة فعاليات تأبينية، اليوم الثلاثاء، من أجل إحياء ذكرى مرور 15 عاماً على حادثة احتجاز الرهائن في المدرسة رقم واحد، بين 1 سبتمبر/ أيلول 2004 و3 منه، التي أسفرت عن مقتل 334 شخصاً. وتعد هذه الفاجعة من أكثر الحوادث الإرهابية دموية في تاريخ روسيا، كما أنها أحدثت تغييرات هامة على منظومتها الأمنية والسياسية، بينما لا يزال العديد من أسئلة ذوي الضحايا بلا أجوبة حتى الآن.
في 1 سبتمبر 2004، احتجز 34 مسلحاً من مجموعة "لواء شهداء رياض الصالحين" (انفصاليون شيشانيون) أكثر من 1100 شخص، بينهم 777 طفلاً، من التلاميذ والأساتذة وأولياء الأمور، أثناء حفل بداية العام الدراسي الجديد، مطالبين بانسحاب القوات الفيدرالية الروسية من جمهورية الشيشان في شمال القوقاز الروسي. وفي 3 سبتمبر، بدأت القوات الخاصة الروسية عملية عشوائية لاقتحام المدرسة التي لا تزال أسئلة غامضة تخيّم عليها وسط استمرار تساؤلات حول ما إذا كانت هناك إمكانية لتفادي هذا العدد الهائل من الضحايا. وعلى الرغم من تمكّن القوات الروسية من إنقاذ أغلبية الرهائن، إلا أن 334 شخصاً، بمن فيهم 186 طفلاً، سقطوا أثناء عملية الاقتحام. وفي عام 2017، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، حكماً بإلزام روسيا بصرف تعويضات قدرها حوالي 3 ملايين يورو لذوي الضحايا، بعدما خرجت بنتيجة مفادها أن السلطات الروسية عجزت عن الوفاء بالتزامها بمنع التهديد المحتمل لأرواح الناس ولم تخطط لعملية الاقتحام بطريقة تقلّص من التهديدات لحياة الرهائن. لكن روسيا رفضت القرار في الدعوى التي رفعها 409 مواطنين روس.
وطرحت الصحيفة مجموعة من الأسئلة المتداولة حول مجزرة المدرسة، ومنها: هل كان التفاوض مع المسلحين وارداً ومبرراً؟ هل كانت مطالب سحب القوات الروسية من الشيشان قابلة للتنفيذ؟ كيف كان سيتصرف المنتقدون في حال وجدوا أنفسهم أمام ضرورة اتخاذ القرار وخياري "عدد كبير من الضحايا" و"عدد كبير جداً من الضحايا"؟ إزاء ذلك اعتبرت "غازيتا.رو" أن خيار "بلا ضحايا" لم يكن مطروحاً في ذلك الوقت، من دون أن يمس ذلك بحق ذوي القتلى في المطالبة بالكشف عن تفاصيل ما جرى.
في هذا السياق، أرجعت صحيفة "فيدوموستي" الروسية هذه التغييرات في الرأي العام إلى أن "البيروقراطية الحاكمة التي وقّعت منذ سنوات طويلة عقداً غير علني مع السكان العاديين بشأن مصادرة جزء من الحريات السياسية والشخصية مقابل الأمن، ليس من مصلحتها الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بعدم وفائها بالتزاماتها". وفي مقال بعنوان "هكذا ينسى الروس بيسلان"، اعتبرت الصحيفة أن السلطة الروسية تسعى للحد من النقاشات العامة حول الفاجعة بسبب العديد من الأسئلة المحرجة، ومنها كيفية وصول المسلحين من جمهورية إنغوشيا إلى أوسيتيا الشمالية وتجاوزهم نقاط التفتيش، وعدم تشديد حراسة المدرسة، ولماذا لم يتحمل المسؤولية عن سقوط الضحايا أحد، وغيرها. ومع بقاء هذه الأسئلة عالقة، كشف ذوو ضحايا بيسلان قبل أيام عن نيتهم التقدم مرة أخرى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، معتبرين أن الدولة الروسية لم تجر تحقيقاً مدققاً في ملابسات اقتحام المدرسة.