وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن وزارة الدفاع (البنتاغون)، أمرت القادة العسكريين بالتحضير لحملة تستهدف مليشيات مسلحة مرتبطة بإيران في العراق، تعتبرها واشنطن مصدر تهديد على قواتها ورعاياها في هذا البلد، مؤكدة أن بعض كبار المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو وروبرت أوبراين مستشار الأمن القومي، يضغطون في هذا الاتجاه.
ووفقا للقيادي في مليشيا "النجباء"، أبرز الفصائل المقربة من إيران، حيدر اللامي، فإن "حربا نفسية أطلقتها واشنطن ضد فصائل المقاومة يجري متابعتها، وتقرير الصحيفة الأميركية يندرج ضمن هذا الإطار"، كاشفا عن وجود "تنسيق وتوحد" بين من أسماها "فصائل المقاومة في ملف مواجهة الاحتلال الأميركي في العراق والإجراءات التي ستتخذ في حال تم تنفيذ أي اعتداء، وهذه المرة إن تم ضرب أي موقع أو معسكر لأي فصيل سيكون الرد قويا جدا".
واعتبر اللامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة "لم تعد تمتلك الجرأة ولا القدرة على تنفيذ ضربات ضد فصائل المقاومة، بالشكل والوصف الذي يلوح لها، لأن الأميركيين في العلن غير ما يجري في الكواليس الآن"، وفقا لقوله.
وأضاف أن "الأميركيين يريدون تمرير عدنان الزرفي وتشكيله الحكومة، ومثل هذه التقارير والتسريبات مقصودة للضغط، لكن إن تم تنفيذ هجوم فعلا في الأيام المقبلة، وهو ما نتمناه، فسيكون الرد ليس في العراق فقط بل في مناطق أخرى أيضا" على حد قوله.
وشهدت الفترة الماضية، عمليات قصف متكررة ضد القواعد العسكرية، التي تتواجد فيها قوات التحالف الدولي، والتي تسببت في قتل أميركيين اثنين وبريطاني واحد ضمن قوات التحالف الدولي، وجرح 13 آخرين بهجومين منفصلين نفذا على التوالي، في الحادي عشر والرابع عشر من الشهر الحالي. ردت واشنطن على الهجمات بقصف عنيف استهدف مواقع لمليشيات في بابل وكربلاء والأنبار والبو كمال السورية.
الحكومة العراقية التي تغيب عن المشهد كليا، سواء بقوات الجيش التي وعدت قبل أكثر من أسبوعين بتحقيق عاجل في الهجمات على القواعد التي تستضيف قوات أميركية وقوات تابعة للتحالف، ما تزال تلتزم الصمت أمام بوادر التصعيد الجديد في العراق بين واشنطن وفصائل مسلحة مرتبطة بإيران.
بدوره، قال كاظم الفرطوسي، المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، أحد الفصائل التي تصنفها واشنطن بأنها أذرع إيرانية، قال لـ"العربي الجديد"، "إنهم يتوقعون الهجوم في أي وقت"، مضيفا أن "فصائل الحشد والمقاومة تتوقع هذه الهجمات منذ أيام، ونجحت في اتخاذ إجراءات وقائية، كما أننا اتفقنا على كيفية الرد في حال حدوثه أيضا".
واعتبر الفرطوسي أن "عمليات الانسحاب الأميركية من بعض القواعد العسكرية، لم تأت استجابة لقرار البرلمان العراقي، أو الحكومة العراقية، وإنما جاءت ضمن التكتيكات العسكرية الخاصة بهم".
وهدد بالقول "إذا حاولت واشنطن التصعيد باستهداف شخصيات قيادية في الحشد أو فصائل المقاومة، سيكون هناك رد بحجم العدوان الأميركي"، مبيناً أن "التقرير الأميركي يأتي من باب الرسائل السياسية، خصوصاً فيما يتعلق بتكليف رئيس الوزراء عدنان الزرفي، وهو معروف بارتباطه بالولايات المتحدة، فهي تحاول صنع معادلة جديدة في قواعد الاشتباك، وتكون هناك قوة ضاغطة على الحكومة العراقية والجهات السياسية، من أجل تمرير برنامجها السياسي".
وأجرت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية أول مناورة من نوعها بالذخيرة الحية في بلدة جرف الصخر، شمال محافظة بابل جنوبي العراق، التي تحتلها منذ نحو 5 سنوات وتمنع سكانها من العودة إليها، وسط عجز حكومي عن إقناعها بمغادرة المدينة على غرار باقي المدن الأخرى. وقالت المليشيا في بيان لها إن المناورة تأتي تحسبا لـ"اعتداءات أميركية".
"لا حرب نفسية"
في المقابل، قال الخبير في الجماعات المسلحة، الخبير الأمني والعسكري هشام الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن ما نشر في "صحيفة نيويورك تايمز"، "تسريبات قديمة"، مبينا أن الولايات المتحدة والتحالف الدولي، "قد حددوا أكثر 15 موقعا لكتائب "حزب الله، تمثل البنى التحتية العسكرية لها".
وبيّن الهاشمي أن "الولايات المتحدة وحلفاءها، ما زالوا يرصدون أسباب قوة الفصائل الاقتصادية والعسكرية، والمواجهة العسكرية لم تنته، ومن الممكن أن تكون هناك ضربات، خصوصاً أن المهمة لم تكتمل وتم استهداف 5 أهداف من أصل 15 هدفا، فهناك 10 أهداف لم تستهدفها واشنطن بعد".
وأضاف أنه "لا أظن أن تقرير صحيفة نيويورك تايمز، جاء كرسائل سياسية أو كحرب نفسية، فهذه الصحيفة ليست وسيلة تسريب للإدارة الأميركية، فهي من صحف المعارضة الأميركية لإدارة ترامب، وعندما يخرج هكذا تسريب متأخر، له أبعاد كضغط على ترامب، وليس من أجل الحرب النفسية ضدّ الفصائل المسلحة".