كواليس التحضير للقاء برلين بشأن ليبيا

06 أكتوبر 2019
"بركان الغضب": مرتزقة روس يقاتلون مع مليشيا حفتر(فرانس برس)
+ الخط -
رغم تواتر الأنباء عن عقد لقاء دولي حول ليبيا خلال أكتوبر الجاري، إلا أن ألمانيا، المستضيفة للمؤتمر، لا تزال عاجزة عن تحديد موعده بشكل دقيق في عاصمتها برلين بسبب الخلافات الدولية المستمرة في كواليس المشاورات حول الملتقى.
ويكشف مصدر دبلوماسي ليبي رفيع أن أهداف الملتقى مفصلة على مقاس حجم الوجود الروسي في ليبيا وأنه يأتي في إطار صراعات الأقطاب الدولية.

ويرجح دبلوماسي ليبي إمكانية تأجيل عقد ملتقى برلين، مشيرا إلى أن مجموع الخلافات بين عواصم ذات ثقل دولي فاعلة في الملف الليبي السبب وراء الارتباك الذي تعيشه ألمانيا التي تتحرك بموجب ضوء أميركي أخضر. 
وأشار الدبلوماسي الليبي إلى أن خارطة حلفاء اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في حربه الحالية على طرابلس تشكل إحدى الإزمات التي تعترض جهود توحيد رؤية بشأن الحل في ليبيا.
ومنذ أغسطس/آب الماضي، تزايدت الأنباء عن إمكانية استضافة ألمانيا للقاء دولي حول ليبيا، قبل أن تصرح المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل عن عزم بلادها عقد لقاء دولي من أجل استقرار ليبيا الذي وصفته بــ"المهم لمستقبل المنطقة"، داعية إلى ضرورة توحيد موقف أوروبي بشأن الأزمة الليبية.

وأشارت ميركل إلى أن "وضع ليبيا يأخذ أبعادًا مثل التي شهدناها في سورية"، وقالت "إذا لم تستقر الأوضاع في ليبيا، فإن استقرار المنطقة بأسرها سيتزعزع".
ويرى الدبلوماسي  الليبي أن حملة حفتر فشلت لعدة أسباب، منها الظاهر ومنها المختفي في الكواليس، مشيرا إلى وجود خلافات بين حلفاء حفتر بسبب الوجود الروسي مؤخرا، ففرنسا متخوفة جدا من تغول موسكو في ليبيا.
ويقول الدبلوماسي إن ذهاب فرنسا للتقارب مع خصمها الإيطالي ومواقفها المرنة مؤخرا مع الرغبة الأوروبية في إنهاء القتال في محيط طرابلس جاءت ضمن مخاوفها من تغول روسيا، مؤكدا أن فرنسا لم تعد في صف حفتر كما أن الإمارات هي الأخرى منزعجة جدا من تقارب حفتر مع الروس.



وعلى الرغم من الموقف الروسي الرسمي الرافض للحل العسكري في ليبيا، إلا أن قادة عملية "بركان الغضب" التي أطلقتها حكومة الوفاق لصد هجوم حفتر على طرابلس أكدوا وجود أدلة تؤكد مشاركة مرتزقة روس قوات حفتر في هجومها على العاصمة طرابلس مؤخرا، تزامنا مع تقارير صحافية غربية أكدت وجود مقاتلي شركة فاغنر الأمنية الروسية في صفوف حفتر. وأكدت صحيفة "ذا تايمز"، الجمعة الماضية، عبر مصادرها مقتل عشرات المرتزقة الروس في غارة جوية نفذتها قوات الحكومة على مواقع حفتر، مشيرة إلى أن هؤلاء المرتزقة على علاقة بالكرملين الذي يسعى لبناء موطئ قدم في ليبيا.

وأوضح الدبلوماسي الليبي سالف الذكر، لـ"العربي الجديد"، أن لقاء برلين المرتقب مفصلة قياساته التي تجري في الكواليس للجم الدور الروسي في ليبيا، مضيفا "أن انخراط موسكو مؤخرا أزعج خصومها ودفعهم للتحرك على مستوى عال". 
ولفت إلى أن تحذير ميركل، وهي تتحدث عن دوافع عقد لقاء في بلدها من تحول ليبيا إلى سورية جديدة، إشارة واضحة إلى الانزعاج من التغول الروسي في ليبيا"، مؤكدا أن "الحديث بشكل مفاجئ عن وجود مساع حقيقية لتقسيم إدارة مؤسسة النفط الليبية هو أحد تجليات الخلافات الدولية والإقليمية التي تدور في الكواليس".
وأكد المسؤول الليبي أن "البيانات الدولية التي عجت بها وسائل الإعلام بشأن رفض تقسيم مؤسسة النفط في حقيقتها تحمل رسالة للجانب الروسي الذي أعاد نشاطه في أقصى غرب ليبيا وتحديدا في حوض غدامس.
وكان رئيس شركة "تات نفط" الروسية أعلن الجمعة الماضية عن استمرار أعمال شركته في التنقيب عن النفط، مؤكدا استئناف عملها منذ أسابيع.

وتمتلك الشركة الروسية حقوق التنقيب عن النفط في حوض غدامس، أقصى غرب البلاد.
وبشأن ممثلي الأطراف الليبية، أوضح الدبلوماسي الليبي أن "خطة سلامة (رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا) التي أعلن عنها في إحاطاته الأخيرة تكشف بشكل واضح أن الممثلين الليبيين لن يكون لهم وجود في الملتقى الدولي، وفي الحقيقية ما يسعى له لقاء برلين يتجاوزهم، فهو يستهدف الوجود الروسي ولذلك هناك اتجاه لتوحيد الموقف الأميركي الأوروبي وإمكانية فرض وقف القتال اصبحت أمرا قريبا جدا".
ولفت إلى أن واشنطن تسعى لتمرير رؤيتها بشأن ليبيا وإعادة ترتيب أولويات الملف وإعادة النظر في قادة المشهد في ليبيا، مؤكدا على أن تحديات الساعات الأخيرة ما قبل برلين كبيرة جدا فإما ان تنتهي لتوغل روسي وتكرار السيناريو السوري في ليبيا بتحويلها الى ساحة صراع دولية، وإما النجاح في تحجيم الدور الروسي وإرغامها على القبول بشكل للحل وفق رؤية خصومها الدوليين.
واختتم الدبلوماسي الليبي حديثه بالقول إن "حفتر دخل في أتون دوامة صراعات الدول الكبرى وأصبح في مهب الريح وإمكانية اختفائه من المشهد المقبل مرجحة جدا".​