مرشح حلفاء إيران رئيساً للبرلمان العراقي: مفاوضات الحكومة تتعقّد

16 سبتمبر 2018
الحلبوسي (وسط الصورة) مدعوم من محور المالكي-العامري (فرانس برس)
+ الخط -
أنهى البرلمان العراقي، أمس السبت، عقدة انتخاب رئيس له، بعد خلافات وحوارات ماراثونية دامت 13 يوماً. وحصل محمد الحلبوسي، مرشّح تحالف "المحور الوطني"، على أعلى نسبة من الأصوات في التنافس على المنصب، ليفوز به ويتولى المهام، بعدما صوّت 169 نائباً لصالحه. كما انتخب البرلمان العراقي حسن الكعبي، مرشّح كتلة "سائرون"، نائباً أول لرئيس البرلمان. ويثير انتخاب الحلبوسي، جدلاً جديداً، خصوصاً أنّه يعدّ المرشّح المدعوم من محور رئيس كتلة "دولة القانون" نوري المالكي مع رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، ما يعني هنا أنّه سيخلط أوراق التحالفات من جديد، ويعقد من مشهد حسم موضوع الكتلة الكبرى ومرشحها لرئاسة الحكومة. وكذلك، يرسم ملامح أزمات جديدة بخصوص منصب رئيس الحكومة المقبلة، بحسب ما رآه مراقبون.

إلى ذلك، قال مصدر برلماني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجلسة التي عقدت صباح (أمس) السبت لاختيار رئيس للبرلمان، كانت جلسة ماراثونية، إذ سحب النائب أحمد الجبوري ترشّحه للمنصب، وكذلك النائب عن محافظة كركوك محمد تميم، قبل أن ينسحب أيضاً النائبان طلال الزوبعي ورعد الدهلكي، لتنحصر المنافسة بأربعة مرشحين، هم: رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، وزير الدفاع المقال خالد العبيدي، محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي، ومقرّر البرلمان الأسبق محمد الخالدي".

وأضاف المصدر أنّ "عملية التصويت السرّي انتهت بحصول الحلبوسي على 169 صوتاً، متجاوزاً العتبة بأربعة أصوات، في حين حصل خالد العبيدي على 89 صوتاً، والنائب محمد الخالدي على 11 صوتاً"، مشيراً إلى أنّ "الساعة الأولى من عمر الجلسة شهدت انسحاب كتلتَي سائرون والحزب الديمقراطي الكردستاني، وأعقبهما انسحاب نواب ائتلاف النصر والوطنية، ومن ثمّ عادوا إلى حضورها".

من جهته، اتهم خالد العبيدي، رئيس كتلة "بيارق الخير"، المنضوية داخل تحالف "النصر" بزعامة رئيس الحكومة حيدر العبادي، النائب الفائز برئاسة مجلس النواب محمد الحلبوسي بـ"شراء منصب رئاسة البرلمان بـ30 مليون دولار". وقال العبيدي في بيان صحافي، أمس، إنّ "العائلة الفاسدة عليها الفرح ببضاعتها التي اشترتها بـ30 مليون دولار"، مضيفاً أنّ "الفاسدين بدأوا يتبادلون التهاني وللعراق والعراقيين أقول، لكم الله هو خير معين".


ويرى ائتلاف "البناء" (محور المالكي – العامري)، أنّ انتخاب الحلبوسي المدعوم من محوره، يشير إلى أنّ ملامح الكتلة الكبرى اتضحت بأنها كتلة "البناء". وفي هذا السياق، قال القيادي في التحالف، نعيم العبودي، في تصريح صحافي أمس، إنّ "جولة التصويت كانت جولة مهمة. استطاع تحالفنا (البناء) حسم أمره باختيار رئيس البرلمان"، مؤكداً: "لم يكن هناك اتفاق لانتخاب الحلبوسي. وكان تنافسٌ شريف والأصوات هي التي حسمت الفوز". وأشار العبودي إلى أنّ "اختيار الحلبوسي كشف بشكل واضح ملامح الكتلة الكبرى، إذ إنّ الأصوات الكثيرة هي لتحالفنا، والآن ننتظر القرار الرسمي من قبل رئيس البرلمان المنتخب أو المحكمة الاتحادية، للإعلان عنها".

 ويرى مراقبون أنّ انتخاب الحلبوسي، خلط أوراق التحالفات من جديد، إذ إنّ تحالف "البناء" استنفد نقاطه، ولا يمكنه الحصول على منصب رئاسة الحكومة بإعلانه أنّ الحلبوسي هو مرشحه. وهو ما يؤكّده الخبير السياسي، محمد الفلاحي، في حديث مع "العربي الجديد"، والذي قال إنّه "بعد تمكّن تحالف البناء من جمع الأصوات الكافية لمرشحه محمد الحلبوسي للفوز برئاسة البرلمان، أصبح (تحالف البناء) أمام خيارين لا ثالث لهما. الأوّل يتمثّل في المضي بإنجاز بقية الاستحقاقات الدستورية منفردةً، وهذا الأمر فيه قدر كبير من المجازفة لأنّه قد لا يحصل على الأغلبية التي يقتضيها ترشيح من يتولى المناصب التنفيذية المهمة. أمّا الخيار الثاني، فهو تعزيز التقارب الأخير بين العامري و(رئيس تحالف سائرون مقتدى) الصدر، لتشكيل كتلة كبيرة جديدة تتولّى مهمة توزيع مناصب ما تبقى من الرئاسات الثلاث". وبيّن الفلاحي أنّه "عدا هاتين الحالتين، لن يتمكّن تحالف البناء من الحصول على منصب رئيس الوزراء، لأنّه استنزف أغلب نقاطه حين دعم الحلبوسي".

وأضاف: "جرى العرف الدستوري المطبّق في العراق منذ العام 2003 على أنّ الكتلة التي تحصل على رئاسة البرلمان لا يمكنها أن تحصل على رئاسة الوزراء أو الجمهورية، ويتم الاكتفاء بمنحها وزارة سيادية ووزارات أخرى خدمية"، مشيراً إلى أنّ "تجاربنا مع الدورات السابقة تؤكّد ذلك، إذ إنّ السنّة حصلوا على منصب رئيس البرلمان فيها، وعلى وزارة الدفاع كوزارة سيادية ووزارات خدمية".

وأكد الفلاحي أنّ "هذا السيناريو سيتكرّر اليوم، لكن ليس على أساس طائفي، بل على أساس كتل سياسية متصارعة"، لافتاً إلى أنّه "في حال لم يتفهّم تحالف البناء ذلك، فنحن أمام أزمات وصراعات سياسية جديدة، ستبلغ ذروتها عند الوصول إلى موضوع رئاسة الحكومة".