تستهدف عدة دعاوى، وخصوصا في فرنسا وألمانيا، النظام السوري، وبين أركانه ضابطان سابقان في أجهزة المخابرات سيمثلان أمام القضاء، الخميس، في ألمانيا بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".
وتعد محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب، في كوبلينس (ألمانيا)، المحتجزين منذ شباط/فبراير 2019، هي الأولى في العالم في ما يتعلق بالانتهاكات المرتبطة بالنظام السوري.
واعتبر المحامي السوري أنور البني، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في برلين، أن الجلسة التي ستعقد أمام محكمة كوبلينس الألمانية تشكّل "رسالة مهمة" إلى المسؤولين السوريين ومن نفذوا الانتهاكات مفادها "أنك لن تفلت من العقاب، لذا فكر بالأمر".
ويجمع هذا الرجل الستيني المقيم في ألمانيا كلاجئ منذ خمس سنوات ونصف، والناشط البارز في مجال حقوق الإنسان في وطنه، حالياً الأدلة والشهادات ضد مسؤولين سوريين لإتاحة البدء بالملاحقات القضائية.
ومن المقرّر أن تبدأ المحاكمة في 23 إبريل/نيسان في مدينة كوبلينس في غرب ألمانيا، ويتوقع أن تستمر حتى أغسطس/آب على الأقل. ويواجه ضابط المخابرات السوري السابق أنور رسلان، البالغ من العمر 57 سنة، تهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واغتصاب، إضافة إلى 58 تهمة قتل. في حين أن الضابط السابق إياد الغريب، البالغ من العمر 43 سنة، متهم بالتواطؤ في هذه الجرائم. وقاد رسلان قسم التحقيقات في "الفرع 231" التابع للمخابرات السورية، الذي أدار سجناً في منطقة دمشق. ويقول الادعاء العام إن هذا الضابط شارك في تعذيب سجناء بين إبريل 2011 وسبتمبر/أيلول 2012 قبل انشقاقه.
وأشارت المحكمة في بيان، الشهر الماضي، إلى أن لائحة اتهام تفيد بأن نحو 4 آلاف سجين تعرضوا لـ"الضرب والركل والصعق بالكهرباء" في سجن الفرع تحت إشراف رسلان. وأضاف البيان أن هناك مزاعم حول "حالة اغتصاب واعتداء جنسي واحدة على الأقلّ".
وأنشأت الأمم المتحدة، من جانبها، قاعدة بيانات عن الجرائم التي ارتكبت خلال النزاع الذي بدأ في عام 2011.
وفي آذار/مارس 2017، قدم سبعة سوريين، معظمهم من اللاجئين في ألمانيا، شكوى ضد مسؤولين في المخابرات السورية مؤكدين تعرضهم للتعذيب.
وذكر "المركز الأوروبي للحقوق الدستورية والإنسانية" أن جميع هؤلاء السوريين كانوا عرضة أو شهدوا عمليات تعذيب في سجون المخابرات في دمشق.
وأكدت المنظمة غير الحكومية، في أيلول/سبتمبر 2017، أن ما يقرب من 27 ألف صورة غير منشورة تم تسريبها من سورية من قبل "قيصر"، وهو اسم مستعار لمصور سابق في الشرطة العسكرية، كان قد فر في عام 2013 وبحوزته 55 ألف صورة لجثث عذب أصحابها في سجون النظام وتم تسليمها إلى القضاء الألماني.
وأعلن المركز، بعد شهرين، تقديم شكويين جديدتين، تتعلقان بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من قبل 13 سوريًا بتهمة التعذيب.
ووجهت الشكاوى ضد 17 من كبار المسؤولين، بينهم وزير الدفاع والنائب العام العسكري، متهمين بالتواطؤ في الانتهاكات المرتكبة في سجن صيدنايا بالقرب من دمشق.
وأكدت مجلة در شبيغل الألمانية، في حزيران/ يونيو 2018، أن القضاء أصدر مذكرة توقيف دولية بحق جميل حسن، الذي كان يرأس حتى 2019 المخابرات الجوية للاشتباه بقيامه بـ"جرائم ضد الإنسانية".
فرنسا
فتحت النيابة العامة، منتصف أيلول/سبتمبر 2015، في باريس تحقيقًا أوليًا حول "جرائم ضد الإنسانية"، تتعلق بحوادث خطف وتعذيب ارتكبها النظام السوري.
وأشار مصدر قضائي، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2016، إلى أن قضاة فرنسيين سيحققون في الانتهاكات المنسوبة إلى النظام، وقرر مكتب النائب العام في باريس فتح تحقيق في اختفاء اثنين من الفرنسيين من أصل سوري، كانا قد اعتقلا في سورية عام 2013، بدون أن ترد أنباء عن مصيرهما.
وذكر مقدمو الشكوى أن ضباطا قدموا أنفسهم على أنهم من المخابرات الجوية، اعتقلوا مازن دباغ (57 عاما)، ونجله باتريك (22 عاما).
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أعلن مصدر قضائي أن قاضي التحقيق أصدر مذكرات توقيف بحق ثلاثة مسؤولين سوريين كبار في أجهزة الاستخبارات للاشتباه بتورطهم في جرائم استهدفت بشكل خاص مواطنين فرنسيين من أصل سوري.
والثلاثة المستهدفون بمذكرات التوقيف هم رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، واللواء جميل حسن رئيس إدارة الاستخبارات الجوية السورية، واللواء عبد السلام محمود المكلف بالتحقيق في إدارة الاستخبارات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق.
وفي شباط/فبراير 2019، اعتقلت السلطات الفرنسية عبد الحميد ك. وهو جندي سابق يشتبه بمشاركته في جرائم ضد الإنسانية، في اليوم نفسه الذي تم فيه إلقاء القبض على الضابطين السابقين في ألمانيا.
وأفرج عنه تحت إشراف قضائي في شباط/فبراير 2020 لعدم كفاية الأدلة، بحسب محاميه.
وفي إسبانيا، رفض القضاء في تموز/يوليو 2017 شكوى قدمتها مواطنة سورية بحق تسعة من كبار المسؤولين في النظام بتهمة الاعتقال القسري وتعذيب وإعدام شقيقها في 2013.
ومنذ نيسان/إبريل 2018، تتابع لجنة تابعة للأمم المتحدة "آلية دولية مهمتها تسهيل التحقيق في الانتهاكات الفادحة للقانون الدولي المرتكبة في سورية منذ 2011". ويقضي عملها بجمع الأدلة من أجل تسهيل إصدار أحكام محتملة ضد مرتكبي هذه الانتهاكات.
وتملك اللجنة، التي أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيلها عام 2016 وتقدم نفسها على أنها محايدة ومستقلة، أكثر من مليون وثيقة، بينها صور وأفلام فيديو وصور عبر الأقمار الصناعية وشهادات لضحايا ووثائق غير مصنفة.