توتر إيطالي مصري بسبب جمود قضية ريجيني

29 سبتمبر 2018
لم يعد أمام روما إلا محاولة حصار السلطات المصرية(Getty)
+ الخط -
تسود العلاقات بين إيطاليا ومصر حالة من التوتر بسبب الجمود الذي أصاب مسار التحقيقات في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني مطلع عام 2016. وبحسب مصادر مطلعة، تلقّى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه يوم الأربعاء برئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، في نيويورك "أسئلة حاسمة" عن مصير التحقيقات، وضرورة أن تقدّم مصر معلومات محددة عن هوية القتلة، وعدم إهدار وقت المحققين الإيطاليين أكثر مما حصل على مدى عامين ونصف العام من التعاون القضائي المزعوم. وكان السيسي قد استقبل منذ 10 أيام في القاهرة رئيس مجلس النواب الإيطالي، روبرتو فيكو، الذي قال لوسائل إعلام إيطالية إنّه "هدّد السيسي بقطع العلاقات إذا لم تتضح حقيقة مقتل ريجيني"، معرباً عن امتعاضه من الأساليب المصرية الملتفة للتستّر على هوية القتلة، خصوصاً وأنّ التسجيلات التي تمّ استرجاعها وتفريغها من بيانات كاميرات المراقبة المثبتة في محطة مترو الدقي في الجيزة، والتي كان يعوّل الإيطاليون عليها لبيان دقائق ريجيني الأخيرة قبل اختفائه، لم تظهر أي أثر له.

إلى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية وقضائية لـ"العربي الجديد"، أنّ المدعي العام الإيطالي أرسل الأسبوع الماضي خطاباً للنائب العام المصري طلب فيه تقريراً أصلياً وافياً عما أجرته النيابة المصرية في واقعة مقتل أفراد عصابة سرقة على يد الشرطة وادعاء أنهم وراء مقتل ريجيني. وهو السيناريو الذي اضطر النائب العام المصري لنفيه العام الماضي، حيث أشار مدعي عام روما أنّ هناك أدلّة دامغة على تورّط قتلة أفراد العصابة في قتل ريجيني أو التستر عليه قبل ذلك.

وأوضحت المصادر أنّ هذا الخطاب يعدّ الأول من نوعه بصفة رسمية، إذ لم يسبق أن طلب الإيطاليون التحقيق في هذه الواقعة باعتبارها خارجة عن الإطار العام للقضية. لكن إزاء حالة الجمود الآنية وفشل استرجاع البيانات، لم يعد أمام روما إلا محاولة حصار السلطات المصرية للتوصّل إلى دوافع محاولة إسناد الاتهام لمجموعة من الأشخاص، بل وإظهار مقتنيات ريجيني في منزل أحدهم كدليل على تورطهم.

وأضافت المصادر أنّ مساعدي النائب العام المصري كانوا قد أبلغوا روما بأنه يجري التحقيق في شبهة صلة العصابة بقتل ريجيني لحساب جهاز أو مسؤول أمني بعد إخضاعه للمراقبة بناء على بلاغ نقيب البائعين الجائلين، وتعذيبه احترافياً لأيام، بهدف إبعاد الشبهة عن الشرطة، ولم يكن الأمر يخرج عن هذا الإطار.

وأعلنت النيابة سلفاً أنّ التحقيقات أثبتت كذب الرواية الأمنية التي روجتها الداخلية المصرية في مارس/آذار 2016 عن مسؤولية عصابة من 5 أفراد من ذوي السوابق الجنائية، عن قتل ريجيني بدافع السرقة. كما أجريت مواجهة مع ضباط الشرطة الذين ارتكبوا جريمة تصفية هؤلاء الخمسة وبعض عناصر الأمن الوطني والأمن العام، لكن النائب العام المصري لم يرفع حظر النشر الذي فرضه على القضية منذ ظهور تلك الرواية، ولم يتم تقديم المسؤولين الأمنيين قاتلي أفراد العصابة للمحاكمة.

وأشارت المصادر إلى أنّ مصر ما زالت ترفض إرسال أي مسؤولين أمنيين للتحقيق معهم في روما، لكنها أرسلت تقارير مترجمة من التحقيقات التي أجراها فريق التحقيق المصري المختصّ مع رجال الأمن بمحطة المترو، وجميعهم من أمناء وأفراد الشرطة، وتمّت ترجمة الأوراق بواسطة مترجمين معتمدين لدى الجهتين. في المقابل، لم تسلّم إيطاليا للنيابة المصرية تفاصيل التحقيقات التي أجرتها مع الأكاديمية المصرية مها عبد الرحمن، الأستاذة في جامعة كامبريدج والمشرفة العلمية على ريجيني، في مقر الجامعة وليس في إيطاليا، وكذلك تفاصيل الاتصالات التي جرت مع بعض الأكاديميين الذين أشرفوا على عمل ريجيني في القاهرة.

لكنّ أحد المصادر الدبلوماسية أكّد أنّ حكومة كونتي التي تتعرّض لضغوط سياسية داخلية، تحاول الضغط حالياً على القاهرة، مستبعداً إقدامها على سحب سفيرها من مصر أو تعليق العلاقات على المدى القريب، لا سيما وأنها تحتاج مساندة مصر في إنجاح المؤتمر المزمع إقامته في صقلية بشأن ليبيا، والذي كان محور محادثات كونتي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً في نيويورك.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، إنزو ميلانيزي، قد زار مصر منتصف الشهر الماضي، ونقلت عنه الرئاسة المصرية إشادته بـ"التعاون الإيجابي والشفافية بين السلطات المعنية المصرية والإيطالية في قضية مقتل ريجيني"، وكذلك إشادته بـ"التدابير الفعالة التي اتخذتها مصر في ملف الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر/أيلول 2016".

المساهمون