تونس: "المركز العربي" يعرض تجارب عربية وأفريقية في العدالة الانتقالية

21 نوفمبر 2019
من الجلسة التي انعقدت في تونس اليوم (فيسبوك)
+ الخط -
يواصل المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس أعمال مؤتمره الثامن حول "العدالة الانتقالية والانتقال الديمقراطي في البلدان العربية، السياسة والتاريخ والذاكرة"، حيث قدمت مداخلات متنوعة واستعرضت شهادات في العدالة الانتقالية من خلال حالات عربية وأفريقية، وأبرز العراقيل والصعوبات التي تعترض إرساء العدالة، وشدد الباحثون على ضرورة كشف الانتهاكات لإنصاف الضحايا الذين يتطلعون إلى اعتراف الجلادين وجبر الضرر.

وفي مداخلته، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، غانم النجار لـ"العربي الجديد"، أن "تجارب العدالة الانتقالية في البلدان العربية للأسف ما زالت تحبو وتسقط وتتعثر، إذ لا يوجد عدة نماذج عربية ناجحة للعدالة الانتقالية، وهذا مرتبط بالعالم ككل وليس بالنسبة للبلدان التي عاشت تجارب عدالة انتقالية كأميركا اللاتينية وأفريقيا".

وأوضح أن "المنطقة العربية جزء من العالم، والتوتر فيها شديد وربما أسوأ، لأن السلطة فيها قوية وحادة"، مشيرا إلى أن "هذا الأمر يجعلها غير قادرة على الخروج من المأزق، وهو ما خلق حالة من اليأس".
أما الباحث في العلوم السياسية من موريتانيا موسى حننة، والذي قدم مداخلة بعنوان "العدالة الانتقالية بعد الحروب الأهلية من خلال نماذج بعض الدول الأفريقية"، فتطرّق لتجربة العدالة الانتقالية في بلدين أفريقيين، وهما رواندا وسيراليون.

وانطلاقًا من السياق التاريخي في رواندا، حيث أدى الصراع العرقي إلى إبادة جماعية، أفضت بدورها إلى هجرة جماعية في التسعينيات، شرح حننة أن "من بين الآليات التي طبقت للوصول إلى السلام والعدالة هو أن رواندا وضعت محاكم مختصة من أجل وضع حد لاكتظاظ السجون، ومحاكمة المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان".


وبيّن أن تلك المحاكم تمكنت من إدانة 61 متهماً بالإبادة، منهم رئيس الوزراء الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، كما اعتبر الاغتصاب أيضًا، في سابقة تاريخية، من الجرائم التي تندرج ضمن العدالة الانتقالية، مستطردًا بأن "هناك أيضا محاكم شعبية أنشئت بطريقة لامركزية، وتقوم على الاعتراف، إذ يختار السكان المحليون القضاة من عامة الشعب من كبار السن، وهي عدالة تقليدية انتهت مهامها في 2012".

أما في سيراليون، فبيّن حننة أنه أنشئت محكمة خاصة تعتمد على بعض المضامين المحلية والدولية، وانتظمت لجنة لـ"الحقيقة والمصالحة"، مؤكدا أن "التجربتين رغم الإيجابيات العديدة، فإنهما واجهتا انتقادات على اعتبار أنهما لم تتمكنا من تطبيق العدالة بشكل كامل".

وأفاد الباحث المغربي أحمد أدعلي، الذي قدم مداخلة بعنوان "الصفح والحقيقة في جنوب أفريقيا: بحث في منجزات العدالة الانتقالية ومأزقها"، بأن "جنوب أفريقيا عرفت آليات لتسهيل مناخ التسوية، ولإرساء مفاوضات للتوافق حول دستور ينص على العدالة الانتقالية بعيدا من توجسات عدم استكمال حلقات العدالة".

وقال أدعلي لـ"العربي الجديد"، إن "العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا تمت في ظل قوة النظام السياسي وليس عند انهياره"، مبينا أن "التجربة هي حصيلة توافق بين الأقلية البيضاء والأغلبية السوداء"، وأن "أول اختبار واجهته البلاد هو الاختيار بين العقاب الذي قد يقود إلى العنف؛ أو عدم الانتقام والذهاب نحو نظام أخلاقي لفهم الضحية والجلاد، وهو ما اتبعته جنوب أفريقيا".
ومن ليبيا، أكد الباحث في العلوم السياسية والمهتم بقضايا المصالحة مصطفى عمر التير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العدالة الانتقالية لا تزال معدومة في ليبيا التي لا تزال تعيش حتى اليوم انتهاكات حقوقية جسيمة تستوجب المحاسبة، إلا أنه رأى أن "ثمة أملًا لإرساء العدالة الانتقالية والاحتذاء بالتجربة التونسية والاستفادة منها ولكن بعد إحداث دولة ومؤسسات قوية في ليبيا"، مستبعدًا أن يحدث ذلك في المدى المنظور.

ورأى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس، والباحث السوري سالم الكواكبي، أن "أغلب الضحايا في العالم العربي لا ينادون بالانتقام، بقدر مطالبتهم بالاعتراف"، وعرض في هذا السياق مثالًا عن أحد المعتقلين في سجن تدمر بسورية، والذي عرف ذات مرة جلاده من خلال صوته، "وطلب منه هذا الأخير الصفح فضمه وقال له كلانا ضحية".