الطائرة الأوكرانية المنكوبة: ترجيحات دولية بسقوطها بصاروخ إيراني وطهران تنفي

10 يناير 2020
بلغ عدد ضحايا الطائرة 176 قتيلاً (Getty)
+ الخط -

رجحت الولايات المتحدة وكندا الخميس، إصابة الطائرة الأوكرانية المنكوبة بصاروخ إيراني أرض - جو "ربما لم يكن متعمداً"، وفيما أكدت بريطانيا أن هناك أدلة على أن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، شريط فيديو، يظهر لحظة إصابة طائرة الركاب الأوكرانية بصاروخ إيراني، في وقت اعتبرت طهران هذه التقارير "حرباً نفسية" عليها.

وأكدت السلطات في أوكرانيا وإيران، الأربعاء، مصرع جميع ركاب طائرة ركاب أوكرانية من طراز "بوينغ-737" تحطمت بُعيد إقلاعها من مطار طهران، وأن عدد الضحايا بلغ 176، يمثلون 167 راكباً وتسعة من أفراد الطاقم، وسط غموض حول أسباب سقوط الطائرة.

وتزامنت حادثة الطائرة الأوكرانية مع قصف إيراني على قاعدتين عسكريتين أميركيتين في العراق، في ظل موجة من التصعيد الأميركي الإيراني بدأت عقب مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الخميس أن العديد من المصادر الاستخباراتية، بما في ذلك الكندية، تشير إلى أن طائرة البوينغ 737 التي تحطمت بالقرب من طهران الأربعاء، "أسقطت بصاروخ أرض- جو إيراني".

وقال ترودو في مؤتمر صحافي: "لدينا معلومات من مصادر متعددة، بما في ذلك من حلفائنا ومن أجهزتنا... تشير إلى أن الطائرة أسقطت بصاروخ أرض-جو إيراني. ربما لم يكن الأمر متعمداً".

وقبل ذلك بقليل، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أن لديه "شكوكاً" بشأن أسباب تحطم طائرة الركاب الأوكرانية بعد إقلاعها، فيما أفادت وسائل إعلام أميركية بأن أجهزة الاستخبارات تزداد قناعة بأن الطائرة أسقطت عن طريق الخطأ بصاروخ إيراني.

وقال ترامب، متحدثاً إلى الصحافيين في البيت الأبيض: "لدي شكوكي"، وأضاف: "لدي شعور بأن شيئاً رهيباً حدث"، مشككاً في فرضية حدوث عطل ميكانيكي في الطائرة التي تحطمت بعد دقيقتين من إقلاعها من مطار الإمام الخميني في اتجاه كييف.

ووصل حوالي خمسين خبيراً في مجال الطيران ومسؤولاً أمنياً أوكرانياً إلى طهران صباح الخميس للمشاركة في التحقيق، بما في ذلك قراءة بيانات الصندوقين الأسودين اللذين عثرت السلطات الإيرانية عليهما في موقع الكارثة.

وقال ترامب: "سيسلمون الصندوقين الأسودين في مرحلة ما لشركة بوينغ في أفضل الحالات، لكن إذا سلموهما لفرنسا أو دول أخرى، فسيكون الأمر على ما يرام أيضاً".

ويسود غموض حول مصير الصندوقين الأسودين اللذين يعتبران أساسيين في التحقيقات، إذ إن وكالة مهر للأنباء القريبة من المحافظين المتشددين نقلت عن رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية علي عابد زاده قوله: "لن نعطي الصندوقين الأسودين للمصنّع (بوينغ) والأميركيين".

لكن وزارة النقل الإيرانية رفضت، الخميس، "الشائعات حول تمنّع إيران عن تسليم الصندوقين الأسودين (...) للولايات المتحدة".


بريطانيا: أدلة على أن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني

من جانبه، قال رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون الخميس، إن هناك أدلة على أن الطائرة الأوكرانية التي تحطمت في إيران أُسقطت بصاروخ أرض جو ربما أُطلق دون قصد.

وفي ترديد لما خلصت إليه الولايات المتحدة وكندا، دعا جونسون إلى تحقيق شامل وشفاف في الحادث الذي أدى إلى مصرع 176 شخصاً بينهم أربعة بريطانيين.

وقال جونسون في بيان: "هناك الآن معلومات تفيد بأن الطائرة أسقطت بصاروخ إيراني. قد يكون هذا غير مقصود... تواصل بريطانيا دعوة جميع الأطراف بشكل عاجل إلى خفض التوتر في المنطقة".

إلى ذلك، قال مسؤول أمني أوكراني إن المحققين ينظرون في سبع فرضيات محتملة بشأن الحادث، تشمل اصطداماً بجسم آخر في الجو وصاروخاً من منظومة إيران الدفاعية وانفجار محرّك ناجماً عن عطل تقني وانفجاراً على متن الطائرة جرّاء "عمل إرهابي".

وفي سياق متصل، حصلت صحيفة "نيويورك تايمز" على شريط فيديو يظهر لحظة إصابة طائرة الركاب الأوكرانية بعد دقائق من إقلاعها من طهران.

وذكرت الصحيفة الأميركية، أن شريط الفيديو الذي تم التحقق منه يبدو أنه يظهر صاروخًا إيرانيًا يصطدم بطائرة فوق باراند، بالقرب من مطار طهران، وهي المنطقة التي توقفت فيها طائرة ركاب أوكرانية عن إرسال الإشارة قبل تحطمها يوم الأربعاء.

وذكرت الصحيفة أنه حدث انفجار صغير عندما ضرب صاروخ الطائرة، لكن الطائرة لم تنفجر، وواصلت التحليق لعدة دقائق وعادت نحو المطار، وأظهرت لقطات أخرى أن الطائرة طارت باتجاه المطار مشتعلة قبل أن تنفجر وتحطمت بسرعة.

وحث رئيس الوزراء الأوكراني، فلاديمير غرويسمان، على "عدم التكهن قبل تحديد سبب تحطم الطائرة في إيران رسمياً"، رداً على سؤال حول احتمال سقوطها بصاروخ، مؤكداً "بدء حظر الرحلات الجوية إلى إيران في 9 يناير/كانون الثاني".

وكتب وزير الخارجية الأوكراني، فاديم بريستايكو، في حسابه على "تويتر"، أن الطائرة كانت تنقل على متنها 82 مواطناً إيرانياً و63 كندياً و11 أوكرانياً (بمن فيهم أفراد الطاقم) وعشرة سويديين وأربعة أفغان وثلاثة ألمان وثلاثة بريطانيين.

كما صرح أمين مجلس الدفاع والأمن الوطني الأوكراني، أليكسي دانيلوف، الخميس، بأن اللجنة الأوكرانية المعنية بالتحقيق في حادثة تحطم طائرة "بوينغ-737" الأوكرانية تنسق في الوقت الحالي مع السلطات الإيرانية في طهران، مسألة التوجه إلى موقع الحادثة للبحث عن حطام صاروخ "تور" روسي الصنع للدفاع الجوي.

وقال دانيلوف في تصريحات أوردتها وسائل إعلام أوكرانية وروسية: "يجري النظر في مختلف روايات التحطم المفاجئ للطائرة، والرئيسية منها: إصابة الطائرة بصاروخ مضاد للجو، بما في ذلك صاروخ "تور"، نظراً لتسرب معلومات إلى الإنترنت عن اكتشاف حطام للصاروخ الروسي بالقرب من موقع الحادثة، والاصطدام بطائرة بلا طيار أو جسم طائر آخر، وتدمير وانفجار المحرك لأسباب فنية، وانفجار داخل الطائرة نتيجة لعمل إرهابي".

وأضاف: "تضم اللجنة خبراء يشاركون في التحقيق الدولي في هجوم العسكريين الروس على "بوينغ" "إم إتش-17" الماليزية في 17 يوليو/تموز 2014 في المجال الجوي الأوكراني، وأيضاً في فحص حطام صاروخ "بوك" الروسي المضاد للجو الذي أسقط الطائرة الماليزية".

مشاركة أميركية في التحقيق

إلى ذلك، أعلنت الوكالة الأميركية المكلفة سلامة النقل، الخميس، أنها تلقت مذكرة من السلطات الجوية المدنية الإيرانية للتحقيق في أسباب تحطم طائرة البوينغ الأوكرانية بعيد إقلاعها من طهران.

وقالت الوكالة في بيان إنها "تواصل متابعة الوضع حول تحطم الطائرة، وتقييم مستوى مشاركتها في التحقيق، وكما في كل تحقيق شاركت فيه، لم تطلق الوكالة تكهنات حول أسباب" تحطم الطائرة.
وصباح الجمعة، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن فرنسا مستعدة لتقديم خبرتها التقنية في التحقيق بشأن تحطم الطائرة الأوكرانية، إذا تقدّمت إيران بطلب لذلك.

وقال لإذاعة "ار تي ال"، إن "فرنسا مستعدة للمساهمة بالخبرة اللازمة"، موضحاً أنها لم تتلقَ "حالياً" طلباً في هذا الشأن.

يأتي هذا في وقت نشرت منظمة الطيران المدني الإيرانية نتائج تحقيقها الأوليّ على موقعها الإلكتروني، الليلة الماضية، موضحة أن "الطائرة اختفت عن شاشات الرادارات عندما وصلت إلى ارتفاع 8000 قدم (نحو 2400 متر). لم يبعث الطيّار بأي رسالة بشأن ظروف غير طبيعية".

وأضافت أنه "بحسب شهود العيان (...) شوهد حريق على متن الطائرة ازدادت حدّته"، وأوضحت أن النيران التهمت الطائرة بالكامل قبل تحطمها، وأن التحطم جاء بسبب انفجار هائل عندما اصطدمت الطائرة بالأرض، وذلك لأنها كانت مملوءة بالوقود بشكل كامل من أجل الوصول إلى كييف مباشرة.

كما أكدت النتائج العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة، على الرغم من تعرّضهما للتلف وفقدان بعض أجزاء ذاكرتيهما. وقالت أيضًا إن المحققين استبعدوا في البداية الليزر أو التداخل الكهرومغناطيسي كسبب في الحادث.

وأوضحت المنظمة أن "الطائرة التي كانت تتجه في البداية غربًا للخروج من منطقة المطار (الجوّية)، استدارت إلى اليمين بعدما واجهت مشكلة وكانت تتوجه للعودة إلى المطار وقت وقوع الحادث" الذي أودى بحياة جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصاً.

وأكّدت أنها استمعت لأقوال شهود على الأرض، وآخرين كانوا على متن طائرة تحلّق فوق الطائرة الأوكرانية عند وقوع الحادث.


"حرب نفسية"

من جانبها، عادت طهران لتؤكد أن التقارير عن إصابة الطائرة الأوكرانية بصاروخ "حرب نفسية" على طهران.

ووجهت الخارجية الإيرانية دعوة لأوكرانيا وشركة بوينغ للمشاركة في التحقيقات بشأن سقوط الطائرة، مشيرة إلى أن إيران بدأت تحقيقاتها بشأن سقوط الطائرة الأوكرانية حسب المقررات والمعايير الدولية.

وكانت منظمة الطيران المدني الإيرانية، قد أعلنت الأربعاء أن طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية الدولية من طراز "بوينغ 737" التي تحطّمت، الأربعاء، في طهران، استدارت للعودة بعدما واجهت مشكلة، فيما صرح أمين مجلس الدفاع والأمن الوطني الأوكراني، أليكسي دانيلوف، اليوم الخميس، بأن اللجنة الأوكرانية المعنية بالتحقيق في حادثة تحطم طائرة "بوينغ-737" الأوكرانية تنسق في الوقت الحالي مع السلطات الإيرانية في طهران، مسألة التوجه إلى موقع الحادثة للبحث عن حطام صاروخ "تور" روسي الصنع للدفاع الجوي.

وعلى خلفية الحادثة، علقت أوكرانيا الرحلات الجوية فوق إيران، بينما أوصت وكالة النقل الجوي الروسية بعدم التحليق فوق إيران والعراق والخليج العربي وخليج عمان.


المساهمون