وبحسب التقرير، فإن غالبية المعتقلين في السجن الذي سمي بـ"المسلخ البشري"هم من الشباب، ممن لديهم عمل أو مهنة ما وعائل، ومستوى تعليمي عالٍ، وغالبيتهم من الجنسية السورية، من محافظات حمص وإدلب وحلب، إضافة إلى أطفال ومسنين، وازدادت نسبة الاعتقال مع وصول بشار الأسد إلى الحكم عام 2000، قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، وأكثر من نصف عمليات الاعتقال حدثت في تلك الفترة.
وأضاف التقرير أن ما يحدث عملياً لا يشبه عادة ما يطلق عليه وصف اعتقال، فهو أشبه بعملية اختطاف، إذ إن الجهة المعتقلة لا تعرّف عن نفسها، ولا يتم إبراز قرار صادر عن سلطة مخولة قانوناً، ولا يتم إخبار المعتقل بأسباب اعتقاله، وفي فروع التحقيق التي يدخلها المعتقلون أولاً، 100 بالمائة منهم تعرضوا للتعذيب الجسدي، و97.8 تعرضوا للتعذيب النفسي، و27.9 تعرضوا لتعذيب جنسي.
ووصف المعتقلون السابقون المحاكم التي يعرضون عليها بأنها أشبه بالأجهزة الأمنية، مهمتها تصفية المعارضين وسلبهم حريتهم وممتلكاتهم، وبعد عام 2011 لجأ النظام السوري إلى محكمة الميدان العسكرية، وهي تفتقد إلى أدنى شروط التقاضي العادل، حيث لا يسمح للمعتقل بتوكيل محامٍ أو الاتصال مع العالم الخارجي، بينما عرُض حوالي 6.5 بالمائة فقط من المعتقلين في صيدنايا على محكمة الإرهاب.
ورصد التقرير الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية على حياة المعتقلين، وقدم صورة واضحة عن حجم الضرر الذي لحق بالمعتقل جراء عملية الاعتقال نفسها وعمليات التعذيب التي رافقتها، كما تحدث عن وجود شبكة كبيرة من المسؤولين والأشخاص النافذين في النظام وبعض القضاة والمحامين تقوم بعمليات ابتزاز مالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسراً بغية تأمين زيارات في أماكن الاعتقال أو تقديم وعود بإخلاء سبيلهم.
ويشير الأشخاص الذين تم رصد شهاداتهم إلى أن مدة الحكم في السجن تراوحت بين 21 شهراً وسنتين، وحوالي ثلث المحتجزين نالوا أحكاماً بين 5 إلى 6 سنوات، وثلثهم نالا حكماً تجاوز 10 سنوات، وحوالي ثلث المعتقلين قضوا فترة أكثر من مدة حكمهم.
وأكد التقرير أن أكثر من 70 بالمئة من المعتقلين تم تجريدهم من حقوقهم المدنية والعسكرية، وتمت مصادرة الأملاك المنقولة وغير المنقولة لثلثهم، وأكثر من 62.3 بالمئة منهم تمت مصادرة أملاكهم عن طريق الاستيلاء، دون وجود قرار أو حكم بذلك.
ويقول أكثر من 40 بالمئة من المحتجزين السابقين إن الاعتقال أثر على حالتهم المدنية، ونسبة قليلة جداً منهم استطاعوا متابعة التعليم، و87.3 بالمائة منهم خسروا عملهم ولم يحصلوا على أية تعويضات، بينما أثرت الإصابات التي حدثت أثناء الاعتقال على ثلثهم، ويعاني ربعهم من استمرار تبعات الأذى النفسي الذي تعرّضوا له.
ويؤكد 57.3 بالمائة من المحتجزين أن ذويهم دفعوا أموالاً لمعرفة مصيرهم أو لزيارتهم، وفي أكثرية الحالات تجاوزت الأرقام 1500 دولار أميركي، بينما دفع ذوو 63.8 بالمئة منهم أموالاً مقابل وعود بإخلاء السبيل، وفي أكثرية الحالات تجاوزت الأرقام 4 آلاف دولار أميركي.
وبحسب ما ورد في التقرير فإن المحاكمات كانت في أغلبيتها تتم بناء على قانون العقوبات السوري، وفق المادة الأولى من القانون 49، و5.5 بالمئة فقط حوكموا بعد الثورة، وفقاً لهذا القانون، وحوكموا وفق قانون خاص بمكافحة الإرهاب برقم 19، وصدر عام 2012.
وأوضح التقرير أن 96 بالمائة ممن اعتقلوا بعد الثورة لم يتم إبلاغهم بمدة حكمهم، وهذه النسبة كانت بحدود 22.2 بالمائة قبل الثورة، كما أن أغلبية المحتجزين لم تصادر أملاكهم قبل الثورة، بينما صودرت أملاك أكثر من نصفهم بعدها، ودفع 32.4 بالمائة من المعتقلين أو أهاليهم أموالاً مقابل وعود بإطلاق السراح، بينما دفع أكثر من نصفهم مقابل الحصول على معلومات فقط أو زيارتهم.
أما ممارسات التعذيب فقد ازدادت بعد الثورة كسلخ الجلد وسكب الماء المغلي والكي بأدوات حارقة وتشويه الوجه والحرمان من الأكل وتعرض لها ثلاثة أرباع المعتقلين، بينما كانت بحدود النصف بين معتقلي ما قبل الثورة.
وبحسب التقرير، فقد ازدادت بعد الثورة ممارسات التعذيب الجنسي، مؤكداً أن النسبة أكبر من التي تمكّن من إحصائها، بسبب حرج المحتجزين من التطرق إلى الحديث عن مواضيع كهذه، كما ازداد التعذيب النفسي بعد الثورة مقارنة بما قبلها، ووظفت السلطات بحسب التقرير أجساد المتوفين لتعذيب الأحياء الذين تراوحت أعدادهم منذ تأسيس السجن ما بين 500 و8000.
وسبق أن وصفت منظمة العفو الدولية السجن بأنه المكان الذي "تقوم فيه الدولة السورية بذبح شعبها بهدوء"، لحجم ما يحدث فيه من إعدامات، ونشرت وزارة الخارجية الأميركية أن النظام السوري كان يحرق جثث آلاف السجناء في سجن صيدنايا في محاولة للتغطية على حجم القتلى وللتخلص من الأدلة التي يمكن أن تدينه بجرائم حرب.
التقرير كاملاً:
تقرير عن الاعتقال في سجن صيدنايا