حملة لدعم المضربين بمعركة "الأمعاء الخاوية" في السجون المصرية

12 مايو 2020
حملة تضامن مع المضربين عن الطعام في السجون(العربي الجديد)
+ الخط -
بالتزامن مع مرور شهر على بدء "معركة الأمعاء الخاوية"، التي يقودها الناشط السياسي المصري علاء عبد الفتاح في السجون، ناشدت أسرته وأصدقاؤه وحقوقيون جميع المتعاطفين مع قضيته وقضايا المعتقلين المشاركة في حملة دعم وتأييد عبد الفتاح، من خلال "تغيير صورة البروفايل على مواقع التواصل الاجتماعي لواحدة من صور حملة "الحرية لعلاء عبد الفتاح"، مع أي رسالة دعم على الوسم المعتاد #FreeAlaa".
لا تهدف الحملة للتضامن مع عبد الفتاح فقط، بل مع جميع المضربين عن الطعام في السجون المصرية، ومنهم حامد صديق (60 عاماً)، المعتقل في سجن شديد الحراسة 2، والمضرب عن الطعام جزئياً منذ يوم 18 إبريل/نيسان الماضي، وكذلك محمد عماشة الطالب، المضرب عن الطعام منذ شهر مارس/آذار الماضي، في سجن طرة، اعتراضاً على ظروف حبسه ومحاولة للفت النظر لقضيته، خصوصاً أنه يعاني من الربو وأحد أمراض المناعة الذاتية. وكانت آخر معلومة نشرت عنه أنه نقل لمستشفى السجن.
ويكمل علاء عبد الفتاح، اليوم الثلاثاء، شهراً كاملاً في إضرابه عن الطعام بالسجن، للمطالبة بالحرية بعد بطلان استمرار حبسه ومنع الزيارات عنه.
وعلى مدار شهر كامل، وبينما امتنع عن تناول الطعام وجميع المشروبات التي تحتوي على سكر أو مصادر للطاقة، اعتباراً من 12 إبريل/نيسان الماضي، كانت أسرته الصغيرة تصارع هي الأخرى على الجانب الآخر من أسوار السجن، في محاولات مستميتة لإدخال أدوية ومحاليل جفاف.
وبدأ علاء إضرابه عن الطعام، حيث يشرب المياه فقط، احتجاجاً على بطلان استمرار حبسه، بعد مرور أكثر من 45 يوماً على تاريخ آخر جلسة تجديد له من دون عرضه على غرفة مشورة محكمة الجنايات - القضاة المختصين - للنظر بأمر تجديد حبسه.






وأثبت في محضر إضرابه الرسمي أن "الوضع الأسري يستدعي أن أكون بجانب والدتي المسنة وابني أثناء هذه الظروف الصعبة المرتبطة بمرض كورونا، بدلاً من أن أكون - آمناً - هنا في السجن، بناء على تحقيقات غير وافية وتحريات ملفقة في قضية يعلم الجميع أنها لن تحال أصلاً".

وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على علاء عبد الفتاح في 29 سبتمبر/أيلول 2019، عقب انتهائه من فترة المراقبة، ليظهر في اليوم التالي بنيابة أمن الدولة على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وفي مرافعته الأخيرة عن نفسه أمام النيابة، قال عبد الفتاح إن "التفسير الوحيد لاحتجازي هو أن هناك تصوراً مسبقاً لدى الأجهزة الأمنية، مبنياً على تاريخ سابق ومحاولات تشويه مستمرة من بعد الثورة. أنا محبوس كإجراء احترازي بسبب وضع سياسي مأزوم وفيه خوف من إني اشتبك معاه.. بشكل واضح أنا محبوس علشان مواقفي السابقة - والتي لا أنكرها - لكني الآن أرى أن المجتمع المصري منهك من عدة مشاكل ومن سوء إدارة، وحل هذه الأزمة يتخطى الرئيس ويحتاج منا أن نفكر كيف نرمم هذا الوطن ونحل بعض من أزماته، أنا لا أطالب برحيل فوري، لأن خلق صراعات في هذه اللحظة الهشة أمر شديد الخطورة، بل سأتعاطى مع مبادرات مثل مبادرة النائب أحمد طنطاوي، ووزير العدل، ومنها ضبط قانون الإجراءات الجنائية، مثل وضع سقف للحبس الاحتياطي".
ويعلم عبد الفتاح أنه سجين الضرورة، وأن جميع الأنظمة السياسية المتعاقبة سجنته تحسباً، كإجراء احترازي نتيجة الوضع السياسي. فقد سجن عبد الفتاح للمرة الأولى عام 2006، في فترة حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، على خلفية تضامنه مع اعتصام قضاة "تيار الاستقلال في مصر".
ثم كان رمزاً لقضية المحاكمات العسكرية للمدنيين عام 2011، التي سجن على أثرها للمرة الثانية، وخرج منها ليمثل ثالثة أمام المحكمة في قضية التظاهر أمام مجلس الشورى في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، والتي تُعد أول وقفة احتجاجية خرجت لرفض وإلغاء قانون التظاهر، الذي وضعه نظام الثالث من يوليو/تموز 2013.
ثم قضت محكمة جنايات القاهرة، في فبراير/شباط 2015، بالسجن المشدد 5 سنوات، و5 سنوات مراقبة وغرامة 100 ألف جنيه بحق عبد الفتاح، وبالسجن ثلاث سنوات لـ23 متهماً آخرين في قضية "أحداث مجلس الشورى"، بعدما أسندت النيابة العامة لعبد الفتاح و24 متهماً آخرين تهماً بالاعتداء على ضابط مصري، وسرقة جهازه اللاسلكي والتعدي عليه بالضرب، وتنظيم مظاهرة من دون ترخيص أمام مجلس الشورى، وإثارة الشغب والتعدّي على أفراد الشرطة وقطع الطريق والتجمهر وإتلاف الممتلكات العامة.

وبعد أن أنهى مدة عقوبته كاملة، وبينما كان رهن التدابير الاحترازية، ألقي القبض عليه يوم 29 سبتمبر/أيلول 2019، خلال أحدث حملة قمع تشنّها السلطات، من قسم شرطة الدقي، بعد خروجه من القسم حيث يقضي المراقبة الشرطية يومياً من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً.
علاء، مدون ومبرمج حواسيب، وناشط سياسي من أسرة حقوقية "خالصة"، فشقيقته منى هي مؤسسة حركة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين، ووالدته ليلى سويف هي أستاذة الرياضيات، وعضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات منذ أن كانت تدرس في الجامعة، عندما خرجت في مظاهرة للمرة الأولى عام 1972 من جامعة القاهرة، وشقيقته الصغرى سناء، هي ناشطة سياسية أيضاً، سبق اعتقالها وأُفرج عنها بموجب عفو رئاسي، وجميعهم يسيرون على خطى والدهم المحامي الحقوقي البارز أحمد سيف الإسلام، الملقب بـ"محامي الفقراء"، الذي كان أول اعتقال له سنة 1972، إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، ثم اعتُقل سنة 1973 وقضى في السجن ثمانية أشهر على خلفية مشاركته في الاحتجاجات على خطاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وتأخره في اتخاذ قرار بالحرب مع إسرائيل، وأفرج عنه مع زملائه قبل حرب أكتوبر بأيام. واعتقل أيضاً ليومين سنة 2011. وخالته الكاتبة الصحافية أهداف سويف.
وعلاء كان متزوجاً من منال بهي الدين، ابنة الحقوقي البارز بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان - منظمة مجتمع مدني مصرية تعمل من باريس بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة في مصر، وله ابن واحد اسمه خالد، تيمناً بضحية التعذيب خالد سعيد، أحد أهم أسباب اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
أما عن لقبه "التنين البمبي"، فقد أطلقته عليه الخبيرة في لغة الجسد شادية متولي، لأنه "شديد التواضع والإحساس بالغير، واجتماعي جداً ولكن خجول"، على حد وصفها.
المساهمون