كشفت مصادر مصرية خاصة متابعة للدور المصري في ملف الأزمة الليبية، عن بدء القاهرة سحب القوات العسكرية ذات الصفة القتالية التي كانت تحارب إلى جانب مليشيات شرق ليبيا بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، اعتباراً من نهاية الأسبوع الماضي، في ظل أنباء عن انتقال العدوى بفيروس كورونا إلى مناطق داخل الأراضي الليبية. وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن طائرتين حربيتين مصريتين نقلتا عدداً من العسكريين المصريين يومي الأربعاء والخميس الماضيين، من الأراضي الليبية إلى قاعدة محمد نجيب العسكرية، في المنطقة المصرية الغربية، موضحة أنه تقرر على الفور خضوع العسكريين القادمين من ليبيا للحجر الصحي، لمدة 14 يوماً، داخل القاعدة نفسها، وكذلك منع أي إجازات للعسكريين العائدين من ليبيا لمدة 15 يوماً إضافياً عقب انتهاء فترة الحجر بالنسبة لهم.
وأشارت المصادر إلى أن القوات المسلحة المصرية أرسلت كميات كبيرة من المستلزمات الطبية ومواد التعقيم إلى مناطق في شرق ليبيا، والقوات التي تحارب إلى جانب مليشيات حفتر، موضحة في الوقت ذاته أن سحب العسكريين المصريين من محاور القتال الليبية حول العاصمة الليبية طرابلس، جاء بالتوازي مع بدء انتقال أعداد كبيرة من المقاتلين من دولتي جنوب السودان والسودان إلى ليبيا، خلال الأسبوع الحالي. وذكرت المصادر أنه بالنسبة للمستشفى الميداني العسكري الذي سبق أن قامت القوات المسلحة المصرية بإقامته وتجهيزه للعمل في منطقة بالشرق الليبي، فقد تقرر استمراره في تقديم خدماته، مع فرض إجراءات وقائية صارمة، وإلزام كافة الأطراف الليبية المتعاملة معه بهذه الإجراءات.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر خاصة عن كواليس متعلقة بشأن زيارة رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، لكل من السودان وجنوب السودان الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن الزيارة حملت أجندة بخلاف المعلنة التي تضمّنت نقل رسائل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى المجلس السيادي السوداني وإلى الرئيس الجنوب سوداني سالفاكير ميارديت بشأن سد النهضة الإثيوبي. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن زيارة كامل تضمّنت لقاءات مع قادة فصائل مسلحة في جنوب السودان، بخلاف لقاء خاص مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وأضافت المصادر أن الاجتماعات تضمّنت الاتفاق مع قادة الفصائل المسلحة في جنوب السودان، وقائد قوات الدعم السريع، على نقل أعداد كبيرة من المقاتلين "المحترفين"، إلى ليبيا لمدة محددة تصل إلى 4 أشهر. وأوضحت المصادر أن هذه المدة ترجع إلى أنها يتوقع أن تكون مناسبة للخطة الجديدة التي تم وضعها من جانب حلفاء حفتر، لإنهاء المعارك وحسم الأزمة عسكرياً، قبل حلول شهر رمضان المقبل (بين إبريل/نيسان ومايو/أيار المقبلين)، مؤكدة أن الفترة المقبلة ستشهد احتدام المعارك بمعدل أكبر بكثير مما كانت عليه. وكشفت المصادر أنه من المقرر أن يدفع حميدتي بأعداد كبيرة من المقاتلين المنضمين لصفوف قوات الدعم السريع، وذلك في وقتٍ تم الإعلان عن إعادة هيكلة الجيش السوداني وأجهزة الأمن، مشيرة إلى أنه ضمن الاتفاق أنه سيتم نقل أعداد كبيرة من هذه القوات إلى ليبيا، إلى حين إعداد الهيكل الجديد. ولفتت إلى أن فصائل مسلحة في جنوب السودان التقى كامل قادتها بشكل غير معلن خلال زيارته الأخيرة، اتفقت على إرسال نحو 2000 من المقاتلين المدربين إلى ليبيا.
يأتي هذا في وقتٍ كشفت مصادر ليبية لـ"العربي الجديد"، أن عدد قتلى مليشيات حفتر، وصل إلى 25، من بينهم قيادي بارز في الكتيبة 115 مشاة، والقيادي البارز في الكتيبة 128، عبدالله أشوقي، بعد فشل محاولتهم التقدم في محور عين زارة، مؤكدة استرجاع قوات الوفاق كل تمركزاتها في عين زارة في أعقاب صد الهجوم. وذكرت المصادر الميدانية، أن عدد جثث القتلى التي بحوزة قوات حكومة الوفاق بعد صد هجوم مليشيات حفتر الأخير، يصل إلى 25 جثة على الأقل، غالبيتها من المقاتلين المرتزقة الذين ينتمون إلى دول أفريقية، في مقدمتها تشاد والسودان، بالإضافة إلى أسر 5 مقاتلين آخرين.
في غضون ذلك، أكدت منظمة الصحة العالمية انضمامها إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في دعوة الأطراف المتحاربة إلى إلقاء أسلحتها والسماح لمنظمة الصحة العالمية وشركاء القطاع الصحي بالعمل من دون عوائق في جميع أنحاء البلد، لمنع انتشار وباء كورونا. وأشارت إلى أن العمل المبكر والشجاع والفعال سينقذ الأرواح. وأوضحت المنظمة أن جائحة كورونا هي حالة طوارئ صحية عالمية تتطلب إجراءات فورية فعالة من قبل الحكومات والأفراد، وأن العمل السريع والجذري ضروري لإنقاذ الأرواح وحماية المجتمعات ووقف انتقال المرض، لافتة إلى أن الفيروسات لا تعترف بالحدود ولا تبالي بالتغييرات في السيطرة السياسية. فيما قال المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق محمد قنونو، إن قواتهم تقبل بالهدنة الإنسانية، لكنها لن تتأخر في الرد على الخروق من قبل مسلحي حفتر.