الأمم المتحدة تموّل نظام الأسد عبر "المساعدات الإنسانية"

30 اغسطس 2016
حكومة الأسد تسيطر على إدارة المساعدات (مأمون حاطب/ الأناضول)
+ الخط -


كشف تحقيق استقصائي خاص لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية أن منظمة الأمم المتحدة منحت ملايين الدولارات لأشخاص ومنظمات مرتبطة برئيس النظام السوري بشار الأسد، تحت مظلة برنامج "المساعدات الإنسانية".

وأشار التحقيق، الذي نشرته الصحيفة اليوم الثلاثاء، إلى أنّ شركات ورجال أعمال يخضعون لعقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حصلوا على مبالغ طائلة من قبل بعثة الأمم المتحدة، كما حال مؤسسات تابعة لحكومة النظام السوري ومؤسسات خيرية، إحداها مرتبطة بزوجة الأسد، أسماء الأسد، وأخرى مقربة من قريبه رامي مخلوف.

وبحسب الصحيفة، التي حصلت على وثائق عدد من العقود، أنّ الأمم المتحدة دفعت أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية "لتعزيز الزراعة والصناعة"، بينما يمنع الاتحاد الأوروبي التعامل التجاري مع عدد من الإدارات المعنية، خوفاً من الكيفية التي سيتم بها استخدام الأموال. كما يكشف التحقيق أنّ برنامج الصحة العالمي أنفق 5 ملايين دولار لدعم بنك الدم، الذي يخضع لسيطرة وزارة دفاع النظام السوري.

ومن الوثائق التي تكشفها الصحيفة، وثيقة تبيّن أنّ وكالتين تابعتين للأمم المتحدة، على شراكة مع مؤسسة خيرية تترأسها أسماء الأسد، والتي أنفقت 8.5 ملايين دولار، على الرغم من أنّ زوجة الأسد تخضع بدورها لعقوبات أميركية وأوروبية.

وبحسب الوثائق أيضاً، فإنّ "يونيسيف" دفعت ما يقارب 300 ألف دولار لمؤسسة البستان التي يملكها ويديرها رامي مخلوف، الرجل الأغنى في سورية، وهو صديق وابن خال بشار الأسد، ومؤسسته تدعم عدداً من المليشيات التابعة للنظام.

في المقابل، ينقل التحقيق عن بعثة الأمم المتحدة قولها إنّها تعمل مع عدد "محدود" من الشركاء المحليين، المسموح بهم من قبل الأسد، بينما تسعى جاهدة للتأكد من أنّ الأموال تصرف كما ينبغي.

بدورها، تدّعي الأمم المتحدة، أنّ عملها الإغاثي أنقذ ملايين أرواح السوريين، وأنّها مضطرة للعمل مع النظام إذا ما أرادت مواصلة القيام بمهامها في سورية. كما تشير المنظمة الدولية إلى أنّها "غير ملزمة" بعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأنّها فقط تلتزم بالعقوبات الصادرة عنها.

ويقول متحدث باسم المنظمة الدولية للصحيفة إنّ "خيارات الأمم المتحدة محدودة في نطاق غير آمن، يصعب فيه إيجاد شركاء قادرين على التحرّك والقيام بالمهام تحت الحصار، وفي أماكن يعتبر الوصول إليها تحدّياً كبيراً".



لكنّ مراقبين يحذرون، بحسب الصحيفة، من أنّ بعثة الأمم المتحدة تواجه خطر "المساومة" من قبل النظام بشكل فاضح، حيث تعطى أولوية إيصال المساعدات للمناطق الخاضعة للنظام، في خطوة يخشى من أنّها باتت تسند نظاماً مسؤولاً عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين.

وتعرب مصادر للصحيفة، عن قلقها مما تصفه "ثقافة الصمت" حيال الأعمال المحلية ومهام بعثة اللأمم المتحدة في دمشق.


ويقول الخبير في دراسات الحروب بجامعة كينغ في لندن رينود ليندر للصحيفة إنّ على الأمم المتحدة "إعادة النظر في استراتيجيتها لأنّها باتت مقرّبة جداً من النظام في سورية".

كما يقول عضو بارز يعمل في برامج الإغاثة، وقد سرب معلومات حول الوثائق للصحيفة إنّه "من الواضح أنّ هناك تساؤلات عديدة تحوم حول نفقات الأمم المتحدة في سورية"، منبّهاً إلى أنّ "الشفافية المحدودة هي مشكلة تؤثر على جهود الإغاثة"، ومشدداً على أنّه "حان الوقت لاعتماد تدقيق مستقل وسليم حول أين تدفع الأموال وكيف يتم صرفها".

وتذكر الصحيفة، أنّ حملة "من أجل سورية" اتهمت منظمة الأمم المتحدة، في حزيران/ يونيو الماضي، بأنها "تنتهك مبادئها" عن طريق السماح للنظام السوري و"بشكل فعّال" بإدارة إيصال مساعداتها.

ويشير تحقيق الصحيفة إلى أنّ الحملة، وأكثر من خمسين من المؤسسات الإنسانية وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، يدعمون تقريراً يقول إنّ الأمم المتحدة "استسلمت" لمطالب عدم مساعدة المناطق التي يسيطر عليها الثوار، وساهمت في وفاة الآلاف من المدنيين.

كما يشير التقرير إلى أنّ حكومة الأسد تسيطر على إدارة المساعدات عبر تهديدها الدائم بطرد بعثة الأمم المتحدة، ومنعها من القيام بمهمتها في سورية. وبحسب التقرير فإنّ "حكومة الأسد تلوّح بهذا التهديد باستمرار للتلاعب بأين وكيف ولمن تستطيع الأمم المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية".