التوريث والخلافات والتحالفات تُبعد برلمانيين بارزين عن الانتخابات اللبنانية

07 مارس 2018
الانتخابات النيابية تعد بإعادة ترتيب المشهد (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

أظهرت قائمة المرشحين النهائية للانتخابات النيابية اللبنانية، والتي نشرت منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، غياب عدد كبير من النواب القدماء في البرلمان، بعضهم لأسباب شخصية وآخرون لأسباب سياسية وتحالفية.

ومن أبرز الغائبين عن البرلمان المُقبل رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الذي حجز مقعداً برلمانياً دائماً منذ عام 1991 وحتى العام 2009. وقد قرر العزوف عن الترشح لنقل زعامة آل جنبلاط إلى ابنه تيمور، الذي ترشّح بدلاً منه عن منطقة الشوف في دائرة جبل لبنان الرابعة.

كما يغيب رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي عُيّن في البرلمان عام 1991 نائبا عن منطقة زغرتا في الشمال، قبل أن يُنتخب في دورات أعوام 1992، 1996، 2000، و2009، بعد أن خسر المقعد النيابي في انتخابات عام 2005. ومثله مثل جنبلاط، يُغادر فرنجية المشهد النيابي إفساحاً في المجال أمام توريث المقعد لابنه طوني. وقد انتشرت صورة لفرنجية الأب وهو يلتقط صورة الترشح لابنه الشهر الماضي.

كما فضّل رجل الأعمال والنائب محمد الصفدي عدم الترشح في مدينة طرابلس، ودعم "تيار المستقبل" هناك، وهو الموقف الذي يبدو أنه فرضته عليه حدة المعركة الانتخابية في المدينة.

وفي الشمال أيضاً، يغيب عضو "كتلة المستقبل" النيابية أحمد فتفت، عن مقعده في منطقة الضنية الذي حجزه منذ العام 1996 وحتى اليوم. وقد أدى الخلاف السياسي بين فتفت و"تيار المستقبل" حول ملف التسوية الرئاسية وموافقة رئيس التيار سعد الحريري، على انتخاب حليف "حزب الله" ميشال عون رئيساً للجمهورية إلى وقوع الطلاق السياسي بين فتفت والحريري، رغم أن الأول يمتلك قدرة كبيرة على تجيير الأصوات في منطقته. وقد برر "المستقبل" استبدال بعض وجوهه النيابية البارزة بـ"إعطاء فرصة للشباب"، لكن الواقع أن الأزمة الداخلية الحادة التي أحدثتها خيارات الحريري السياسية ستنعكس في كتلته البرلمانية المُقبلة التي ستكون أكثر التصاقاً بخيارات الحريري.

ومن أبرز الغائبين المُستقبليين رئيس الحكومة السابق والنائب عن منطقة صيدا فؤاد السنيورة، الذي تدخّلت المملكة العربية السعودية لضمان ترشحه ضمن لائحة "المستقبل" في المدينة، لكنه فضّل العزوف عن الترشّح.

وقد شغل السنيورة مقعده النيابي لدورة واحدة فقط بعد أن ترشح عام 2009. وتولى رئاسة حكومتين بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وحتى عام 2009. وكان من فريق عمل الحريري الأب ووزيرا للمال خلال رئاسة الحريري الأب للحكومة. وكما فتفت، فقد أدت معارضة السنيورة لتحالف الحريري مع عون إلى خلق توتر بينه وبين رئيس "تيار المستقبل"، ففضل الرجل متابعة أعماله الخاصة ومغادرة المشهد السياسي. وقد ضمن التدخل السعودي مخرجاً لائقاً للسنيورة عبر زيارة الشكر التي تلقاها من الرئيس سعد الحريري فور عودته من السعودية بداية الأسبوع الحالي. ويغيب أيضاً عدد من نواب بيروت المُستقبليين، كالطبيب عاطف مجدلاني، والرئيس السابق لنادي الشطرنج اللبناني عمار حوري، عن لوائح التيار في الانتخابات المُقبلة وذلك بذريعة "تقديم وجوه شابة".

ولم تقتصر آثار التسوية السياسية بين عون والحريري على البيت المُستقبلي الداخلي وحسب، بل طاولت آثارها مُختلف القوى والبيوت السياسية التي وجدت نفسها مُتضررة بشكل مُباشر من هذه التسوية. وقد عبّر النائب عن منطقة دير القمر دوري شمعون عن اعتراضه الشديد على انتخاب ميشال عون رئيساً، حتى أن شمعون شكك في قدرات عون الصحية والعقلية. واليوم يغيب شمعون عن الترشح عن المقعد الماروني في دير القمر، والذي تتنافس عليه مجموعة مرشحين ينتمي بعضهم إلى "التيار الوطني الحر" الذي كان عون يرأسه قبل أن تنتقل رئاسته بالتزكية إلى صهر عون ووزير الخارجية جبران باسيل.

مسيحياً أيضاً، يغيب عضو "كتلة القوات اللبنانية" أنطوان زهرا عن المشهد الانتخابي في الشمال اللبناني، بعد أن حجز المقعد النيابي في دورتي 2005 و2009. ويزيد قرار القوات بعدم ترشيح زهرا فرص الوزير باسيل في الفوز بالمقعد النيابي الماروني في مدينة البترون بعد أن خسر المنافسة على هذا المقعد في انتخابات عامي 2005 و2009 لصالح زهرا طبعاً.


وفي الدائرة نفسها يغيب نائب رئيس البرلمان فريد مكاري عن المنافسة الانتخابية، وهو عضو "كتلة المستقبل" ونائب عن منطقة الكورة المجاورة للبترون منذ عام 1996. ويعود غياب مكاري عن الصورة الانتخابية لأسباب خاصة بتحالفات تيار المستقبل في المدينة، علماً أن العلاقة قوية بين مكاري والحريري. وقد رافق مكاري الحريري خلال جولة الزيارات التي قام بها بعد عودته من الرياض بداية الأسبوع الحالي.