"ميديا بارت" الفرنسي: قطر بصحة جيدة بعد عام من الحصار

07 يوليو 2018
صمدت قطر أمام تحديات الحصار (العربي الجديد)
+ الخط -
وقّع توماس كانتالوب، المبعوث الخاص للموقع الإخباري الفرنسي "ميديا بارت" إلى الدوحة، مقالا مطولا عن حال دولة قطر بعد مرور أكثر من سنة على الحصار الذي تتعرض له من طرف ثلاث دول عربية خليجية إلى جانب مصر. ورأى فيه أن "قطر تتمتع بصحة جيدة"، وهو عنوان مقاله المنشور، مساء يوم أمس الجمعة.

ويرى توماس كانتالوب أن محمد بن سلمان اتخذ إلى جانب شن الحرب على اليمن، قرارا سياسيا كبيرا يتمثل في عزل قطر. والنتيجة أن الأمر يتعلق، من الآن فصاعدا، بخطأ استراتيجي وقح.

وينطلق المقال من واقعة طريفة لا تخلو من دروس عميقة، ففي 14 يونيو/حزيران 2018 وجدت السعودية والكويت والإمارات ودول أخرى من الشرق الأوسط نفسها في مواجهة ورطة مزعجة. وهي أنه لا أحد يستطيع مشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم. على الأقل بصفة رسمية. فقناة بي إن سبورت، وهي في ملكيّة قطر، وتمتلك حقوق بث المباريات. قطر الأمّة التي تخضع لحصار من قبل محمد بن سلمان وأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. فما العمل؟

جوابا عن هذا السؤال، يقول الكاتب: "في مصر اضطرّ بعض عشاق الكرة، رغم أنوفهم، إلى توجيه هوائيات الساتالايت نحو القناة الإسرائيلية الناقلة لمباريات المونديال، والتي كانت تبث بتعليقات عربية. كما ظهرت قناة مصرية تقوم بقرصنة المباريات مما تسبب في غضب مالكي حقوق البث الذين تقدموا بشكوى لدى الفيفا التي وعدت بمعاقبة المصريين".

ونقرأ في التقرير الفرنسي: "هكذا يسير الحصار الذي بدأ قبل أكثر من سنة بقليل، 5 يونيو/حزيران 2017، بإرادة من محمد بن سلمان، الذي اتهم قطر بدعم الإرهاب وبالتواطؤ مع إيران وباتباع سياسة خارجية شديدة الاستقلالية".

ويضيف: "هذا القرار الطائش الذي فاجَأ العالَم ترافَقَ، بعد عدة أيام، مع قائمة من الطلبات اتخذت شكل إنذار نهائي. ويرى "ميديا بارت" أنه "منذ البداية كان جليا أن قطر لن تخضع للإملاءات السعودية، التي كانت ستفقدها ماء الوجه وكل شكل من أشكال السيادة".

في الأسابيع الأولى من الحصار، دشنت قطر جسرا جويا من أجل استيراد أبقار حيّة وأطنان من الدجاج وعشرات من المواد الأخرى عبر طائرات شحن.

ومن أجل إظهار التقدم الذي أحرزته وأيضا إبراز إرادتها في عدم الخضوع للإملاءات السعودية، أعلنت قطر في شهر مايو/أيار 2018، أن البضائع التي تأتي من السعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر، أي الدول التي تفرض الحصار، محظورة.

هل يتعلق الأمر بكبرياء؟ يتساءل الصحافي الفرنسي، قبل أن يجيب: "نعم، دون أدنى شك. ولكن البلد قادرٌ على تحمل هذا القرار".


ومن حسنات الحصار، كما يرى التقرير الفرنسي، أن قطر أطلقت خطة زراعية واسعة عبر إنشاء مزارع في الصحراء. وبينما كان البلد لا ينتج سوى 1 في المائة من احتياجاته من الغذاء قبل يونيو/حزيران 2017، أصبح، من الآن فصاعدا، قادراً على إنتاج نصف الحاجيات من اللحوم والسمك والحليب ومشتقاته. والهدف المعلن هو الوصول إلى تحقيق 90 في المائة من الاكتفاء الذاتي ابتداء من سنة 2019.

ويتابع الكاتب: "كل هذه التغيرات لها ثمن، بالطبع، ولكن البلد يمتلك ثروات غازية ضخمة. ستجعل الصادرات ترتفع من 77 مليون طن، حاليا، إلى 100 مليون طن، ما بين سنتي 2022 و2024، وهو ما يضمن للدول المستهلكة، التي تريد استبدال محطاتها الكهربائية العتيقة، التي تعمل بالفحم أو البترول، تموينا وافراً، وحثّاً إضافيا على تجاهل دعوات دول الحصار".

ويضيف: "إن الشيء الأكثر إثارة للدهشة، هو انخراط البلد في إصلاحات اجتماعية. وبعد أن كانت قطر أكثرَ تقدمية من جيرانها، شرّعت عدة قوانين من أجل تحسين شروط العمل وخففت شروط الحصول على الجنسية القطرية. وهو ما اعترفت به منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقريرها السنوي، الذي امتدح هذا التطور. وهو، أيضا، ما جعل الباحثة بلقيس ويلي، تعترف أن قطر في مواجهة أزمة سياسية مع جيرانها اختارت الانفتاح، وليس التسلط".

ويتحدث "ميديا بارت" عن الآثار السلبية للحصار، خصوصا تفريق العائلات والأبناء.

ومن أبرز خسائر الأزمة أيضا، وفق الموقع نفسه، ما تعرض له مجلس التعاون الخليجي. فهو الخاسر الأكبر من الأزمة.


ويختم "ميديا بارت" تقريره بالقول إنه "يبدو أن محمد بن سلمان أدرك، الآن، أنه لا يمكنه أن يثق، بشكل كامل في الرئيس ترامب".

كما ينقل عن دبلوماسي أوروبي قوله: "تأمل الولايات المتحدة الأميركية في إيجاد حلّ فوري لهذه الأزمة، قبل نهاية شهر آب/أغسطس، إن أمكن، لأن الأزمة تهدد السياسة الأميركية في المنطقة"، قبل أن يضيف: "الأميركيون يريدون جبهة موحدة لدول الخليج العربي في مواجهة إيران، ومن أجل تمرير خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".