خطاب تنصيب السيسي 2018: نسخة مكررة من 2014

03 يونيو 2018
تنصيب السيسي كلّف الكثير (فرانس برس)
+ الخط -



بذات المضامين، وربما العبارات، والختم بترديد "تحيا مصر" ثلاث مرات، استنسخ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، كلمات خطاب تنصيبه لولاية ثانية أمام مجلس النواب، أمس السبت، في محاولة لتسويق نفس الادعاءات التي كررها منذ انقلاب الجيش على الرئيس المعزول، محمد مرسي، في منتصف عام 2013، من دون اعتبار لتطورات الأحداث في بلاده على مدار السنوات الخمس الماضية. وكعادته، ركّز السيسي على ما وصفه بـ"تلبية نداء الشعب في 30 يونيو/ حزيران 2013"، و"قبوله بأن يكون على رأس فريق لإنقاذ الوطن، من المتاجرين بالدين، والحرية، والديمقراطية (في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبقية الأطياف المشاركة في ثورة يناير 2011)"، و"اتساع الوطن للجميع باستثناء أصحاب الفكر المتطرف"، وختاماً بمتاجرته الأشهر بمكافحة العنف والإرهاب "الغاشم"، الذي "يريد النيل من وحدة الوطن".

كذلك، عرج السيسي على "مواجهة التحديات التي خلفتها العهود السابقة، وما نجم عنها من آثار سلبية على كافة مناحي الحياة"، وهو ما قاله نصاً في خطابه ترشحه لرئاسة البلاد في مارس/آذار 2014، حين كان وزيراً للدفاع، وظهر بالبدلة العسكرية على شاشة التلفزيون الرسمي، عندما تحدّث عن تفاقم التحديات، وضعف الاقتصاد، بسبب ما شهدته مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

وقال السيسي قبل أكثر من 4 سنوات، إن "مهمته تتمثل في بناء مصر، وتحقيق الاستقرار لها"، مدعياً أن "الوطن يتسع لجميع أبنائه، من دون إقصاء أو استثناء أو تفرقة". وهو ما كرّره بعبارات مشابهة في خطابه الأخير، الذي قال فيه إن "مصر العظيمة تسعنا جميعاً بكل تنوعاتنا، وبكل ثرائنا الحضاري، وأنا رئيس لكل المصريين، سواء من اتفق معي أو من اختلف".

وكان السيسي قد قال، في حفل تنصيبه للولاية الأولى: "إنه لمسؤولية كبيرة أن أكون مسؤولاً عن بلد بقيمة وخصوصية مصر. وأعتزم بناء دولة تؤمن بالعلم والعمل من خلال العمل الدؤوب". وهو ما قال معناه أمس، في عبارات على غرار "أشعر بعظم المسؤولية، وحجم التحديات"، و"قيادة دولة بحجم مصر أمر لو تعلمون عظيم"، و"دعوني أجدد معكم العهد بخوض غمار معركة البقاء والبناء".

وادعى السيسي، في خطاب تنصيبه أمام البرلمان، أن "تطوير ملفات التعليم والصحة والثقافة سيكون في مقدمة اهتماماته خلال سنوات ولايته الثانية، لما تمثله من أهمية بالغة في بقاء المجتمع قوياً، ومتماسكاً"، في الوقت الذي قلصت فيه حكومته مخصصات الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم في موازنة السنة المالية (2018 /2019)، إلى نسبة تقل عن نصف ما فرضه الدستور لها، وأغلقت أجهزته الأمنية مكتبات عامة مثل "الكرامة".

وتحدث عن أن "كل اختلاف هو قوة مضافة إلينا"، وأن "قبول الآخر، وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا، سيكون شاغله الأكبر لتحقيق التوافق"، بينما شن جهاز "الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية "حملة مسعورة" على النشطاء والصحافيين خلال الأسابيع الأخيرة، شملت اعتقال العشرات منهم من داخل منازلهم فجراً، بتهم ملفقة، بحسب حقوقيين.



وتطرّق السيسي إلى ما سماها "خطته الطموحة" لإطلاق حزمة من المشاريع القومية العملاقة لتعظيم أصول الدولة، وهي المشاريع التي أكّد مختصون عدم جدواها الاقتصادية، واستنزافها لموارد الدولة، مستشهدين بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع "تفريعة" قناة السويس الجديدة، الذي كلّف نحو 8 مليارات دولار، وخرج السيسي بنفسه قبل عام ليقول إن "الهدف منه كان رفع الروح المعنوية للمصريين".

ونال "الإصلاح الاقتصادي" حصته من حديث السيسي، وما تحقق بعهده من ارتفاع في احتياطي النقد الأجنبي، ومواجهة آثاره السلبية من خلال برامج للحماية الاجتماعية، ضارباً بالأرقام الرسمية عرض الحائط، التي أظهرت تجاوز الدين الخارجي حاجز 100 مليار دولار، ارتفاعاً من 41 ملياراً قبل 4 سنوات، نتيجة التوسّع غير المسبوق في الاقتراض من الخارج.

وقال السيسي إن "الدولة المصرية ستمضي قدماً وبثبات نحو تعزيز علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية، في إطار من الشراكات، وتبادل المصالح، دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها". وهو ما يناقض سياسة تقزيم الدور المصري إقليمياً في فترة ولايته الأولى، وتراجع القاهرة عن دورها الرائد في المنطقة إلى مجرد تابع لمواقف السعودية والإمارات.

ومنذ وصول السيسي إلى سدة الحكم، وهو يعمل على توطيد العلاقات بين بلاده وتل أبيب، على نحو غير مسبوق، وصل إلى حد التحالف في بعض المواقف الإقليمية، والتنسيق في توجيه ضربات للمسلحين الموجودين في شمال سيناء، باعتبار أنه أحد الأطراف الفاعلة في ما يُعرف بـ"صفقة القرن"، التي يرعاها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وكان من تبعاتها تنازل النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.



المساهمون