مصر: حمدوك يستطلع موقف إثيوبيا إزاء العودة لمفاوضات سد النهضة

20 مايو 2020
السودان يحث الأطراف على التفاوض حول سد النهضة (Getty)
+ الخط -

قالت الخارجية المصرية، مساء الثلاثاء، إن رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أبلغ القاهرة، خلال الاجتماع الذي عُقد بشأن سد النهضة، أنه سيتواصل مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ليستوضح موقفه إزاء العودة للمسار التفاوضي في ملف سد النهضة.

وكان حمدوك قد عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بمشاركة وزيري الخارجية ووزيري الري ورؤساء المخابرات بالبلدين.

وذكر بيان من مكتب حمدوك أن الاجتماع جاء في إطار مبادرة السودان، لحث كل الأطراف على مواصلة التفاوض حول القضايا العالقة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

وأكد مجلس الوزراء أن حمدوك سيجري اتصالاً مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، للتشاور حول استئناف التفاوض الثلاثي في أقرب فرصة ممكنة.

وفي تحرك يعكس تحدي إثيوبيا للموقف المصري في قضية سد النهضة والتصعيد في مواجهة التفاهم الناشئ حديثا بين القاهرة والخرطوم واتفاقهما على ضرورة التوصل إلى اتفاق كامل على قواعد الملء الأول والملء الممتد وتشغيل السد، قدمت إثيوبيا بياناً لمجلس الأمن أصرت فيه على أن من حقها الملء الأول للسد دون إبلاغ مصر والسودان.


وقبل ساعات، نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية تصريحات مطولة وحادة للمتحدث باسم الخارجية بالإنابة أمسالو تيزازو، أكد فيها موقف حكومته بأنها ليست مجبرة وفق أي تفاهم أو قانون دولي بإبلاغ مصر والسودان قبل شروعها في الملء الأول للسد، وهي العملية التي تنوي إثيوبيا إطلاقها في يوليو/تموز المقبل بالتزامن مع بداية فيضان النيل الأزرق، ومن المتوقع استمرارها حتى نهاية الشتاء القادم بإجمالي 4.9 مليارات متر مكعب، على أن يبدأ السد التشغيل التجريبي لإنتاج الكهرباء في مارس/آذار المقبل.

واعتبر تيزازو في تصريحاته التي يمكن وصفها بأنها تُخلي أي اتفاق سابق بين الدول الثلاث من مضمونه، وبصفة خاصة اتفاق المبادئ الموقع في مارس 2015، أن الحديث عن ضرورة التوصل إلى اتفاق قبل الملء الأول هو "محض خدعة قديمة وضعيفة" مدعيا أن "الملء الأول لن يسبب أي ضرر لدولتي المصب لأنه سيتم في وقت الفيضان"، في تجاهل واضح للتقارير العلمية التي أعدتها المكاتب الفنية لدى استعانة الدول الثلاث بها لإعداد مسودات الاتفاق في الفترة بين عامي 2015 و2018.

وفي إطار هذا التعامل الإثيوبي التصعيدي في قضية سد النهضة، سبق وكشف مصدر إثيوبي تابع لحزب جبهة تحرير تجراي، المنافس الأبرز لحزب رئيس الوزراء أبي أحمد في الانتخابات القادمة، لـ"العربي الجديد" أن جيش بلاده نفذ هذا الشهر مرحلة أساسية من مراحل نشر منظومات دفاع جوي متطورة حول سد النهضة، استعدادا لأي هجوم مصري محتمل.

وأضاف المصدر أن هناك مرحلة أخيرة من نشر المنظومات ستتم خلال شهر يونيو/حزيران المقبل، وبنهايتها ستكون لدى إثيوبيا قاعدتان متكاملتان للدفاع الجوي عن السد، إحداهما قريبة للغاية منه والأخرى على بعد استراتيجي.

وذكر المصدر أن بلاده حصلت على المنظومات الجديدة من عدة دول، أبرزها روسيا، وأنه تم تجريبها جميعا في عدة مناسبات مطلع العام الجاري، قبل نقلها إلى ولاية بني شنقول التي يقع فيها السد، كما أن بعض المنظومات تم إدخال تعديلات عليها بواسطة الشركة العسكرية للمعادن والهندسة (ميتيك) التابعة للجيش والتي أجرى أبي أحمد تعديلات واسعة على هيكلها الإداري منذ صعوده للسلطة لتحسين جودة عملها، علما بأنها كانت تشارك سابقا في عمليات إنشاء أجزاء من سد النهضة.

وأرسلت مصر مطلع الشهر الجاري خطابا لمجلس الأمن بلهجة لا تخلو من الرجاء لاتخاذ ما يلزم لاستئناف مفاوضات ملء وتشغيل السد، وتضمن وصف الخطر الاستراتيجي الذي قد تشهده المنطقة جراء الممارسات الإثيوبية بأنه "تطور محتمل"، وهو التحرك الذي يستحيل أن يصاحبه- بحسب مراقبين- تحضير لتحرك عسكري مصري سيكون بالتأكيد غير مرغوب من القوى الكبرى وغير مرحب به في المنظومة الأممية.

وفي خطابها لمجلس الأمن، كشفت مصر أن إثيوبيا عرضت أن يتم الاتفاق فقط بين الدول الثلاث على قواعد الملء والتشغيل لأول عامين فقط، وهو ما اعترضت عليه مصر والسودان، ليس فقط لأنه يتجاهل تنظيم فترة الملء كاملة، ويتناقض مع القواعد التي سبق الاتفاق عليها، ولكن أيضاً لأنه يتناقض مع اتفاق المبادئ الذي يؤكد عدم الملء قبل التوصل إلى اتفاق شامل.

وتزعم إثيوبيا أن مصر ليس لها الحق في أن تتداخل مع إثيوبيا في كيفية إدارة السد إلا بعد الوصول إلى مستوى التخزين الذي يؤثر فعليا على حصتها من المياه، علما بأن جميع توربينات السد ستكون جاهزة للعمل عند اكتمال تخزين كمية 18.4 مليار متر مكعب، مما سيؤدي إلى تناقص منسوب المياه في بحيرة ناصر جنوب السدّ العالي والذي سوف يتناقص بشكل كبير، خصوصاً إذا انخفض منسوب الفيضان في العامين المقبلين، ليقل عن مستوى 170 متراً، مما يعني خسارة 12 ألف فدان من الأراضي القابلة للزراعة في الدلتا والصعيد كمرحلة أولى، من إجمالي 200 ألف فدان تتوقع وزارة الموارد المائية والري المصرية خسارتها خلال المدة الإجمالية للملء.