أيام طرابلس الدامية تكشف تشابك ولاءات المتصارعين

26 فبراير 2017
خلفت الاشتباكات أضراراً مادية كبيرة (العربي الجديد)
+ الخط -

مع عودة الهدوء ومظاهر الحياة لحي بوسليم وسط العاصمة الليبية، طرابلس، وانسحاب مسلحي حكومتي "الإنقاذ" و"الوفاق" المتصارعتين من الشوارع طفا على السطح سؤال حول من يسيطر فعليا على طرابلس.

وبحسب مشاهدات مراسل "العربي الجديد" وسط حي بوسليم فإن دمارا كبيرا لحق بأجزاء من الحي، لا سيما مساكن وممتلكات السكان، وسط غموض حول الأعداد الحقيقية لقتلى الطرفين المتقاتلين.


وبعيد مغرب يوم الجمعة سقطت قذيفة وسط تجمع سكاني بشارع حمزة شمال حي بوسليم أسفرت عن وفاة مدني، وجرح ثلاثة آخرين، فيما تضررت سيارات كانت مركونة بالمكان.

ورصد "العربي الجديد" سقوطاً عشوائياً للقذائف في أكثر من مكان بحي بوسليم، بعد أن توسع القتال إلى محيط حي بوسليم الواقع ضمن نفوذ قوات موالية لحكومة "الوفاق"، بعد تراجع قوات حكومة "الإنقاذ" إلى طريق المطار ومنطقة مشروع الهضبة، لتبدأ بقصف عشوائي على المناطق التي انسحبت منها.

ووفق سكان محليين تحدثوا لــ"العربي الجديد" فإن "الأوضاع في بوسليم كانت شديدة الخطورة، حيث كانت عدة عائلات عالقة بعمارات حي الأكواخ وحي الزهور بالمنطقة، في ظل القصف العشوائي وموجات الاشتباكات المتقطعة".

وكان من اللافت صدور بيان رسمي عن حكومة الإنقاذ تطالب فيه بــ"وقف القتال الدائر بين وحدات تابعة لوزارة داخلية بحكومة الوفاق"، ليعقبه بيان لــ"الحرس الوطني" التابع لحكومة الإنقاذ يؤكد استعداده للتدخل "لتأمين حي بوسليم وحماية السكان إذا لم يتحقق مطلب وقف القتال".

ولاحقاً، أصدر المجلس الرئاسي بيانا أعلن فيه التوصل لاتفاق لوقف القتال، ونشر قوة مشتركة من وزارتي الدفاع والداخلية على خط التماس بين الكتيبتين المتقاتلتين لضمان عدم عودة القتال.

لكن مصادر مطلعة ومقربة من وزارة داخلية الوفاق، أكدت "عدم وجود سيطرة حقيقية للوزارة وحكومتها، على المجموعات المتقاتلة مؤخراً، في ظل غموض حقيقة ولائها لحكومة الوفاق أو الحرس الوطني". 

وبحسب المتحدث، فإن كتيبة "اغنيوة الككلي" المسيطرة على منطقة بوسليم، والتي تعمل تحت مسمى "قوة الردع والتدخل"، أعلنت ولاءها لحكومة الوفاق، فيما أعلنت كتيبة "البركي" المسيطرة على منطقة مشروع الهضبة ولاءها لحكومة الإنقاذ ضمن جهاز "الحرس الرئاسي". وحاولت الأخيرة السيطرة على مواقع عسكرية بمنطقة بوسليم تتبع للكتيبة الأولى، قبل أن تتوسع منطقة الاشتباك لتشمل أغلب أجزاء حي بوسليم والمناطق المحاذية له.

وتعتبر منطقة بوسليم ذات أهمية استراتيجية، حيث تقع في منتصف المدينة وشهدت اشتباكات مسلحة أكثر من مرة، كان أكثرها ضراوة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما حاولت "قوة الردع والتدخل" الموالية لحكومة الوفاق السيطرة على مقر كتيبة "الإحسان" الموالية لحكومة الإنقاذ وسط غابة النصر المحاذية لفندق "ريكسوس" مقر حكومة الإنقاذ، لتتسع رقعة القتال شاملة منطقة زاوية الدهماني، حيث مقر اللواء السادس الذي سيطرت عليه قوة أخرى لحكومة الوفاق لساعات.

والنتيجة في كل مرة، عجز أي طرف عن إزاحة الطرف الآخر، مع حصول تحولات في الولاءات بين هذه الحكومة وتلك، كما هو الحال في كتيبة "فرسان جنزور" التي شاركت في قتال أكتوبر/تشرين الأول ضمن قوات حكومة الوفاق، لتعلن خلال الشهر الماضي انضواءها تحت شرعية حكومة الإنقاذ وحرسها الوطني.

وفي ظل أوضاع الولاءات المتشابكة يؤكد مراقبون وجود عدد من المجموعات المسلحة المنتشرة في أحياء المدينة ومعسكراتها، تحتفظ بحالة غموض في موقفها من الصراع الحالي ومن شرعية أي من الحكومتين منتظرة نتيجة الصراعات السياسية الدائرة في البلاد.

لكن المؤكد أن المواجهة الأخيرة وقعت بين الحلف الرافض للاتفاق السيّاسي والحلف المؤيد له، وبالنظر لمواقع السيطرة لكلا الطرفين، حيث تسيطر حكومة الإنقاذ على الجزء الجنوبي من المدينة من المطار القديم الذي أعلنت اكتمال أعمال الصيانة فيه إلى مجمع قصور الضيافة الحكومي، بينما تسيطر حكومة الوفاق على الجزء الشمالي من المدينة، بينما يقع الجزء الغربي والشرقي في منطقة التماس بينهما، ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان صورة الصراع العسكري السابق إبان انطلاق عملية "فجر ليبيا" عام 2014 لكن هذه المرة بين حلفاء الأمس.

بدوره، أعلن رئيس المكتب الإعلامي لرئيس برلمان طبرق، فتحي المريمي، في تصريح صحافي سابقاً، وفي تعليق لافت على أحداث طرابلس الأخيرة، أن "الجيش (قوات حفتر) يحتفظ بقوات عسكرية تتمركز الآن على مشارف العاصمة طرابلس"، مما قد يعكس وجود علاقة للطامح العسكري المتربص بالعاصمة، وهو اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالأحداث الدامية مؤخرا في طرابلس.