عودة مساعي استبدال العبادي تصطدم بالفيتو الأميركي

07 مايو 2016
قرارات العبادي لا تصب لصالح الكتل السياسية(Getty)
+ الخط -
لم تكد عُقد الأزمة السياسية العراقية تتفكّك، حتى عادت الأمور إلى المربع الأول من جديد. فبعدما اخترق أنصار مقتدى الصدر خطوط المنطقة الخضراء واخترقوا البرلمان، وصل الخطر، أخيراً، إلى مركز رئيس الحكومة حيدر العبادي، ليوضع في دائرة الإسقاط بعدما بدأ التحالف الوطني الحاكم خطوات الإطاحة به وتقديم بديل عنه. وتفسر سلسلة التصريحات الأميركية الأخيرة الداعمة للعبادي بوصفه "الرجل القوي والشجاع" على لسان أكثر من مسؤول، استشعارهم بخطر مخطط استبداله داخل بعض كتل التحالف الوطني التي بدأت تناقش هذه المسألة.

ووجدت بعض كتل التحالف الفرصة سانحة بعدما تأزّم الوضع السياسي في البلاد، ولم يستطع العبادي (القائد العام للقوات المسلحة) حماية المنطقة الخضراء من الصدريين الذين اخترقوها للمرة الأولى منذ العام 2003. هكذا تعطل البرلمان ومجلس الوزراء الذي لم يستطع الالتئام بعدما أقال العبادي عدداً من الوزراء واستبدلهم بآخرين، ليعطي مسوّغاً لخصومه والساعين لإسقاطه.

وبدأت بعض أطراف التحالف الوطني اجتماعات مكثّفة في ما بينها للوصول إلى صيغة توافقية تطيح برئيس الحكومة ليتم استبداله بشخصية أكثر قبوليّة، وتكون لها القدرة على احتواء الأزمة السياسية ولمّ شتات التحالف الوطني. ويقول نائب في التحالف لـ"العربي الجديد"، إنّ "العبادي بسياسته الضعيفة والمرتبكة وتخبّطه المستمر تسبب بتجزئة التحالف الوطني وتمزيقه"، مبيّناً أنّ "التحالف وعلى مدى سنين طويلة كان على يد واحدة. واليوم، ترى معظم كتل التحالف أنّ العبادي هو سبب تفكك التحالف والبيت الشيعي، لذا فإنّها بدأت تبحث عن بديل له"، وفقاً للنائب.

ويشير البرلماني ذاته إلى أن "كتل التحالف ترى أنّ معظم قرارات العبادي وخطواته نحو تطبيق الإصلاحات غير منطقية، كما أنّ قراراته المتعلّقة بإعفاء وكلاء الوزارات والمديرين العامين والمستشارين ضربت الاستحقاقات الانتخابية لكتل التحالف، وتعد تمرّداً على التوافقات السابقة، الأمر الذي اعتُبر انقلاباً من العبادي على كتل التحالف".


ويضيف أنّ "بعض كتل التحالف تجد نفسها قد تضررت بشكل كبير من الإصلاحات التي أطلقها العبادي ويحاول تطبيقها، الأمر الذي زاد من الأصوات المنادية بإقالته واستبداله بشخصية تستطيع قيادة المرحلة التي يمر بها العراق". ويلفت إلى أنّ "الكتل المؤيدة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، هي الأكثر رغبة بتغيير العبادي وتسعى لاستبداله بأسرع وقت ممكن. كما تؤيّد كتلة الصدر ذلك، فيما تقف بعض الكتل على الحياد وتنتظر ما تتمخّض عنه الأمور، ومنها كتلة الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، وكتلة الفضيلة".

ويوضح النائب ذاته أنّ "قادة معظم كتل التحالف أجمعوا على هذا الرأي، وهم اليوم عازمون على تغيير العبادي. وطرحت أسماء عدة كبدلاء عنه، منهم: عادل عبد المهدي، وفالح الفيّاض، وهادي العامري"، مشيراً إلى أنّ "المباحثات وصلت مراحل متقدّمة وهي مستمرّة"، على حدّ تعبيره. ويوضح أنّ "المفاوضات مستمرة داخل التحالف وإيران حول هذه المسألة، وزيارة الصدر هي من ضمن هذه المباحثات".

بدوره، يرى الخبير السياسي حازم عبد الله، أنّ "إقالة العبادي اليوم أصبحت أمراً ممكناً، خصوصاً في حال ارتضت إيران هذه الطروحات". ويقول عبد الله، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "سياسة العبادي إزاء التحالف الوطني ومحاولته الإصلاح حشّدت معظم كتل التحالف ضدّه، خصوصاً أنّها رأت أنّ الإصلاحات والتغيير وحكومة التكنوقراط هي ضرب لمصالحها التي بنتها منذ العام 2003"، مبيّناً أنّ "الحكومة والبرلمان هما في عداد الموتى اليوم، وهذا كله يتحمّله العبادي، على الأقل وفقاً لما تراه تلك الكتل"، على حدّ تعبيره.

ويشير إلى أنّ "هناك تأييداً من بعض الأطراف السنية والكردية للمشروع، ما يعني سهولة تمريره"، مؤكداً أنّ "العقبة الوحيدة هي الولايات المتحدة. ففي حال ارتضت التغيير، فإنّه سيقع لا محالة، وستكون الفرصة مؤاتية لسحب الثقة منه". ويؤكد أنّ "تغيير العبادي لا يصب لصالح الشعب ولا العملية السياسية، لكن التحالف يسعى للحفاظ على مصالحه ومكتسباته قبل كل شيء"، مبيناً أنّ "تغييره قد يفكّك العملية السياسية برمتها بشكل سريع، في وقت بدأ (العبادي) فيه بخطوات التغيير وتشكيل حكومة تكنوقراط".

المساهمون