قمة عربية!

07 يناير 2019
الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب شهر مارس/آذار 2019، تتعالى أصوات العرب ومشاوراتهم السرية والعلنية، في انتظار القمة العربية في تونس. يتداول الوزراء والرؤساء في ما بينهم الاستعدادات لهذا الحدث، وكأنه سيغيّر مجرى الحياة، وسيُحدث فرقاً مهماً في تاريخ المنطقة. يطغى الملف السوري على المشاورات. هل يعاد مقعد سورية إلى نظام بشار الأسد؟ استعدادات وتلميحات وإشارات وشروط وتفاهمات، في انتظار اتفاق القادة العرب على قرار…

يكاد المشهد يتحول إلى أمر مضحك، فما الذي حققته القمم العربية وجامعة الدول العربية على مدى تاريخها، بنظام الأسد ومن دونه؟ وما الذي يمكن أن تقدمه فعلاً للناس؟ وهل يمكن للزعماء العرب أن يقرروا أي شيء فعلاً للدفاع عن قضاياهم والاتفاق على حد أدنى يقحم الشعوب في معادلة نقاشاتهم؟ الوقائع تقول إنهم دمروا الآمال في أي وحدة ممكنة. يتعالى صراخ الخبراء في المنطقة المغاربية منذ عقود، تعالوا ننجز شيئاً اقتصادياً بسيطاً، سيخفف معاناة الناس، وسيحول المنطقة إلى قوة اقتصادية، وسيخفف الضغط على الأنظمة. لكن المناكفات الشخصية بين زعماء المنطقة طغت وقتلت كل نفَس يطمح إلى التغيير. حتى فلسطين، جرحنا النازف وقضيتنا الأقدس، تحولت إلى بضاعة مقايضة لدى الكبار، يتاجرون بها في صراع بقائهم في السلطة. حتى صار الإسرائيلي يتبجح بأن دولاً عربية كثيرة تطلب ودّه…
كل شيء يفرّقنا، أنظمة غنية تحاول كل جهدها أن تضرب مسعى الحرية في تونس، وتقتل أمل التغيير في المنطقة. زعماء يتبجّحون بالتطبيع وقلب المعادلة التي قامت عليها فكرة جامعة الدول العربية أصلاً. خلافات حول الحل في سورية واليمن والعراق وليبيا والسودان. بلد عربي محاصر من جيرانه، قطر. دول مغاربية تعيش موتاً سريرياً منذ عقود بسبب الصحراء. خلافات مع أوروبا بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية. اختلافات جوهرية حول مفهوم الدولة أصلاً بين كل هؤلاء. لا شيء يعلو فوق بقاء هذا النظام أو ذاك، وإرضاء أميركا بكل الوسائل، لأنها ضامن البقاء، وإن كان بالإهانة التي بلغت مع ترامب حدودها القصوى. فما الذي ستغيره هذه القمة العربية المنتظرة، بحضور سورية أو بغيابها؟ وهل هناك من يعتقد أن المواطن العربي يهتم بهذه القمم. هي بالنسبة إليه مضيعة وقت ومال كان يمكن إنفاقه في شيء مهم، طريق معبّد بين دولتين مثلاً…

المساهمون