تسليح روسيا لحفتر يُقلق "الأطلسي": لا يساعد على الحل

19 يناير 2017
مسلحون ليبيون تابعون إلى حفتر (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
تتكشف تباعاً، منذ أيام، معطيات جديدة حول طبيعة الدعم الروسي للواء الليبي خليفة حفتر. وهو دعم يبدو واضحاً أنه تخطى مرحلة مساندته سياسياً وتبني حروبه داخل العديد من المناطق الليبية، ليبلغ مرحلة التسليح، وذلك بعدما كانت موسكو قد أبدت في الآونة الأخيرة حماستها لكسر حظر التسليح المفروض على ليبيا، بما يتيح لها تزويد جيش برلمان طبرق، الذي يأتمر من حفتر، بما يحتاجه من ترسانة عسكرية. وضع وجد حلف شمال الأطلسي، المعني الدولي الأبرز بالملف الليبي منذ سنوات، نفسه مضطراً لاتخاذ موقف منه بإعلانه، أمس، أن "الاتصالات بين روسيا وحفتر لا تساعد على حل الأزمة الليبية".
وترافقت الأنباء عن بدء تسليح موسكو لحفتر مع تصعيد سياسي من معسكر طبرق أيضاً تجلى بمنع طائرة البعثة الأممية من الوصول إلى المدينة، الأمر الذي دفع المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، للإعراب عن أسفه لإلغاء رحلته ومساعديه، أمس الأربعاء، إلى طبرق، شرقي البلاد. وأعلن، في تدوينة على "تويتر"، أنه "اضطر وفريقه لإلغاء رحلة كانت مقررة إلى طبرق لعدم وجود إذن هبوط في المطار". وتساءل "كيف يمكننا مساعدة الليبيين في الشرق؟ لا بد لموظفي الأمم المتحدة من الوصول إلى شرق البلاد. من دون السماح لنا بالتواصل مع الشركاء الليبيين لا نستطيع المساعدة".


وعلى الرغم من نفي المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، أن يكون اللواء المتقاعد وقّع على أي اتفاق مع الروس على متن حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف"، التي رست قبل أيام قبالة شواطئ ليبيا، فقد كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أنه جرى فعلاً توقيع اتفاق، وأنه تم تفعيله عبر توريد أسلحة لقوات حفتر. وأوضحت مصادر موثوقة لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولين روسيين وصلا إلى مقر قيادة حفتر في المرج، شرق البلاد، حيث عُقِد اجتماع لمناقشة الاتفاق الليبي الروسي والبدء بتنفيذه. وقال مصدر مقرب من أحد القياديين في قوات حفتر، إن المسؤولين الروسيين هما فلاديسلاف كوزميشيف وميخائيل زافالي، من شركة "روسوبورون أكسبورت" المكلفة من السلطات الروسية بتنفيذ اتفاق تزويد قوات حفتر بأسلحة، مؤكداً أن موسكو نفذت فعلاً جزءاً من هذه التعاقدات، وتتعلق غالبيتها بقطع غيار لآليات روسية الصنع كانت معطلة في المعسكرات التابعة لحفتر، بالإضافة إلى إقامة خبراء روس ورشاً للصيانة في هذه المعسكرات، فيما كان المتحدث باسم حفتر قد قال إن "الاتفاق مع روسيا ينحصر فقط في التزويد بقطع غيار والخبرات الفنية باعتبار أن أسلحتنا روسية الصنع، والاتفاق الليبي الروسي الموقع في العام 2009 لتوريد أسلحة حديثة سيفعّل بعد رفع الحظر المفروض على ليبيا".


وكشف المصدر نفسه، الذي تحدث مع "العربي الجديد"، عن أن الوثائق، التي اطلع عليها، تبين أن الاتفاق يقضي بالحصول على 20 طائرة روسية، وهي 10 من طراز "سوخوي إس يو 35"، و4 "سوخوي إس يو 30"، وست طائرات تدريب "ياك 130"، إلى جانب غواصات ديزل من طراز "636 كيلو"، مؤكداً أن الوثائق تتضمن آليات أخرى، مثل الدبابات والعربات. وأشار إلى أن قيمة التعاقدات التي وقعها حفتر بلغت 2 مليار دولار، مذكّراً بأن الاتفاق الموقع في عام 2009 بين العقيد الراحل معمر القذافي وروسيا كان بقيمة 2.2 مليار دولار.

وأوضح المصدر أن "كيفية تسديد قيمة هذه التعاقدات لا تزال مجهولة حتى الآن"، لكنّه رجح أن تكون لطباعة روسيا لمبلغ 4 مليارات دينار ليبي للبنك المركزي التابع للبرلمان في طبرق، في مايو/ أيار من العام الماضي، علاقة بتمويل صفقات مع حفتر. وقال المصدر إنه "يبدو أن مصالح روسيا الحالية دعتها إلى الموافقة أخيراً على تفعيل اتفاق 2009، والمتمثل في شراء 20 طائرة روسية ودبابات وآليات أخرى، مقابل السماح لروسيا بإقامة قاعدة بحرية لها شرق البلاد"، وهو السبب الذي زارت من أجله حاملة الطيران الروسية شرق البلاد. وأشار إلى أن "ضباطاً روساً زاروا أكثر من منطقة شرق ليبيا للتأكد من ملاءمتها لتكون قاعدة بحرية، قبل أن يعقد حفتر على ظهر حاملة الطائرات لقاء عبر الفيديو مع وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، للموافقة بشكل نهائي على تفعيل اتفاق 2009".

يذكر أن المسماري أكد أن ليبيا لديها اتفاق مع روسيا موقّع في عام 2008 لتوريد قطع الغيار والخبرات الفنية للأسلحة روسية الصنع، لافتاً إلى أن "اتفاقية ثانية وقعت في العام 2009 لتوريد أسلحة حديثة بقيمة 2.4 مليار دولار، وهذه العقود سيتم تفعيلها بعد رفع الحظر"، على حد قوله. وعلى الرغم من تعليل المسماري ظهور حفتر في إحدى الصور، وهو يوقع على مذكرة، بأنه يدوّن في سجل الحاملة المخصص لكبار الزوار، إلا أن جنرالاً روسياً كان إلى جانبه، يقوم هو الآخر بالتوقيع، ما يؤكد أنهما كانا يوقعان على اتفاقية وليس على سجل للزوار.
ويتعزز الاعتقاد بتسليح روسيا لحفتر بعد ما ذكرته صحيفة "التايمز" البريطانية قبل أيام من أنه خلال الاجتماعات على متن حاملة الطائرات، تحدث حفتر مع شويغو عن جهود مكافحة الإرهاب، ووعدت روسيا بالضغط في الأمم المتحدة لإسقاط حظر الأسلحة، في حين قدم حفتر قائمة بالمعدات التي يحتاجها رجاله. وقال أحد معاوني حفتر، في بنغازي، للصحيفة، إن "روسيا تعتبر ليبيا بلداً استراتيجياً في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والقضاء على تنظيم الدولة (داعش) هنا سيساعد في تأمين المنطقة والبحر المتوسط، كما أن أمن ليبيا حيوي لموسكو".