المغرب يدين توغلات "البوليساريو" بالصحراء و"تورّط" الجزائر

20 مايو 2018
الخارجية المغربية: الأمر خرق لوقف إطلاق النار (فاليري شريفولين/Getty)
+ الخط -
دان المغرب ما سماه "الأعمال الاستفزازية" الأخيرة التي تقوم بها "جبهة البوليساريو" في بلدة تيفاريتي، شرق المنظومة الدفاعية لإقليم الصحراء المتنازع عليه، متهماً أيضاً الجزائر بـ"التورّط في هذا التصعيد من خلال دعم الجبهة"، فيما أكد دبلوماسي جزائري عدم وجود أية نوايا لدى الجزائر لـ"خلق توترات في منطقة الصحراء".

وقالت وزارة الخارجية المغربية، في بلاغ، اليوم الأحد، إنّ "الجزائر والبوليساريو اختارتا الهروب إلى الأمام ومنطق الإفساد، عبر مضاعفة التحركات الخطيرة وغير المسؤولة"، وذلك في إشارة إلى مناورات عسكرية تقوم بها الجبهة، اليوم الأحد، في المنطقة العازلة بالصحراء، احتفالاً بما يسمى الذكرى 45 للكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني.

واعتبرت الخارجية، أنّ "الأمر يتعلق مجدداً بخرق سافر لوقف إطلاق النار، وبتحد صارخ لسلطة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة"، وكشفت أنّ المغرب راسل رسمياً، بهذا الشأن، رئيس مجلس الأمن الدولي وأعضاء المجلس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وبعثة "المينورسو" الأممية، وطلب منهم تحمل مسؤوليتهم، واتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لهذه التحركات "غير المقبولة".

وتابع البلاغ أنّه في "الوقت الذي يدعو فيه مجلس الأمن إلى استئناف المسار السياسي بهدف التوصل إلى تسوية واقعية وبراغماتية ومستدامة للنزاع الإقليمي حول الصحراء، فإنّ الممارسات الاستفزازية للأطراف الأخرى تقوّض بشكل جدي جهود الأمم المتحدة".

واتهم المغرب جارته الجزائر بالتورّط في هذا التصعيد من خلال دعم "البوليساريو"، إذ قال البلاغ إنّ "المغرب يعبّر عن الأسف لكون هذا التصعيد يتم بمباركة وتواطؤ من بلد جار، عضو في اتحاد المغرب العربي، ولكن يخرق ميثاقه في مناسبتين: بإغلاق الحدود، وباستقبال حركة مسلحة على أرضه؛ تهدّد الوحدة الترابية لدولة أخرى عضو في الاتحاد".

وعن الجزائر، قالت الخارجية المغربية في البلاغ، إنّ "هذا البلد، عوض احترام قيم حسن الجوار وضوابط الاستقرار الإقليمي، يتمادى في دعم مرتزقة البوليساريو في عملهم المزعزع للاستقرار في خرق للشرعية الدولية".

وطلب المغرب رسمياً من الهيئات الأممية المعنية، الإسراع بفتح تحقيق دولي من أجل تسليط الضوء على الوضعية في مخيمات تندوف، التي تديرها "البوليساريو" فوق التراب الجزائري، والتي يتم فيها احتجاز مواطنين مغاربة، "في ظروف مزرية وغير إنسانية"، بحسب البلاغ.

وأكد البلاغ أنّ "المساعدات الإنسانية التي يمنحها المجتمع الدولي، يتم تحويلها وبيعها في أسواق البلد المضيف، أي الجزائر، لتحقيق الإثراء الشخصي لشرذمة البوليساريو".


وجدّدت الرباط، بحسب البلاغ، "حرصها القاطع على الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد ووحدتها الوطنية، على كافة تراب الصحراء المغربية"، كما طالبت الأمم المتحدة وتحديداً بعثة "المينورسو"، بـ"القيام بواجبها إزاء الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار".

في المقابل، أكد دبلوماسي جزائري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن حكومة بلاده أبلغت المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء، هورست كوهلر، عدم وجود أية نوايا للجزائر لـ"خلق توترات في منطقة الصحراء".

وأضاف الدبلوماسي الجزائري أن "الجزائر أبلغت كوهلر وممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، عبر ممثليها الدبلوماسيين، أنها لا تسعى إلى إثارة حروب وقلاقل مسلحة في المنطقة، بقدر ما هي حريصة على إحلال السلام في إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المغرب والبوليساريو، ودعم مساعي المبعوث الأممي". 

وأفاد المصدر ذاته أن "الجزائر تعتقد أن أي نزاع مسلح يمكن أن يثير مشاكل أمنية جديدة في المنطقة"، وأنه "من المهم الالتزام بقرار وقف إطلاق النار الموقع بين طرفي النزاع المغرب والبوليساريو عام 1991"، مشيرا إلى أن "المنطقة فيها من المشاكل ما يغنيها عن حرب جديدة". 

من جهته، نفى الأمين العام لـ"البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي، نية الجبهة إثارة حرب مسلحة جديدة مع المغرب.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن غالي أنهم "ليسوا من دعاة الحرب، وأن المغرب هو المسؤول عن كل الخروقات والعراقيل التي تواجه تطبيق الشرعية الدولية بالصحراء"، على حد قوله.

وكانت "جبهة البوليساريو" قد قرّرت تنظيم احتفالات تخليداً للذكرى الـ45 لما تسميه "اندلاع الكفاح" في منطقة تيفاريتي التي تعتبرها من بين مناطقها "المحررة" الواقعة شرق جدار الدفاع الأمني المغربي في الصحراء، ونقل ما تسميه "برلمانها" إلى المنطقة نفسها.

وتأتي هذه التطورات، بعد أسابيع قليلة فقط، على القرار 2414 الذي اعتمده مجلس الأمن، وطلب فيه من "البوليساريو" الانسحاب من منطقة الكركرات، وعدم القيام بأي خطوات قد تؤدي إلى تأجيج التوتر مع المغرب.

كما عبّر المجلس في الفقرة رقم 8 من القرار، عن قلقه إزاء إعلان "البوليساريو" نقل جزء من إدارتها إلى منطقة تيفاريتي، داعياً إياها إلى تجنّب اتخاذ أي خطوة من شأنها تهديد استقرار المنطقة.


وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب و"البوليساريو" إلى نزاع مسلح، استمر حتى 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.