قدم رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ جابر المبارك الصباح، اليوم الخميس، استقالة حكومته بشكل رسمي إلى أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الصباح، وذلك بسبب وقوع حكومته تحت ضغوطات نيابية وسياسية على خلفية الاستجوابين المقدمين لوزيرة الأشغال والإسكان جنان بو شهري، والذي تسبب باستقالتها، ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح، والذي أعلن 22 نائباً من أصل 50 رغبتهم بطرح الثقة فيه وإبعاده عن المشهد السياسي.
وقال رئيس مركز التواصل الحكومي والناطق الرسمي للحكومة، طارق المزرم، إن "رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك تقدم إلى سمو أمير البلاد باستقالة الحكومة ليتسنى إعادة ترتيب العمل الوزاري".
Twitter Post
|
وجاءت استقالة الحكومة عقب دقائق فقط من إعلان النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، الشيخ ناصر صباح الأحمد، إحالة المخالفات التي تضمنها صندوق الجيش الكويتي والحسابات ذات الصلة به إلى النائب العام، وذلك بعد أن انتهت لجنة التحقيق المكلفة من وزير الدفاع نفسه إلى وجود تجاوزات ضخمة، وفق بيان وزارة الدفاع.
وتحمل خطوة تحويل مخالفات صندوق الجيش الكويتي إلى النيابة العامة دلالة على الخلافات السياسية الحادة بين النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الحالي ونجل الأمير الشيخ ناصر صباح الأحمد وبين وزير الداخلية الحالي الذي حدثت التجاوزات المالية في الجيش الكويتي إبان توليه حقيبة وزارة الدفاع سابقاً.
يُذكر أن الحكومة تعرضت لهجوم نيابي عنيف في جلسة مناقشة الاستجوابين المقدمين لوزيرة الأشغال والإسكان جنان بو شهري ووزير الداخلية خالد الجراح الصباح قبل يومين، حيث فوجئ الجميع بتصويت النواب الموالين للحكومة مع طرح الثقة بالوزيرة، مما أدى إلى استقالتها واتهامها الحكومة بعدم مساندتها، كما فوجئت الحكومة أيضاً بإعلان أكثر من 22 نائباً في مجلس الأمة رغبتهم طرح الثقة بوزير الداخلية مما يؤدي إلى إقالته من الوزارة ومنعه من تولي أي منصب وزاري مستقبلاً.
ويعزو المراقبون السياسيون انقلاب الكثير من النواب الموالين للحكومة، واضطرار الحكومة للاستقالة إلى الصراع الدائر بين أقطاب الحكومة التي بات من المؤكد أنها انقسمت إلى جناحين رئيسيين لا يمكن لهما العمل سوية. ويتزعم الجناح الأول رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الصباح ووزير الداخلية خالد الجراح الصباح، فيما يتزعم الجناح الثاني نجل الأمير والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد.
وغاب وزير الدفاع عن حضور جلسات الاستجواب المقدمة للحكومة، رغم وجوده داخل البلاد، في مخالفة نادرة لأساليب العمل الحكومي في التعامل مع الاستجوابات والتي تشترط على كافة الوزراء الحضور لإظهار تضامنهم.
وتملك القيادة السياسية في الكويت حلول عدّة لإعادة تشكيل الحكومة، وسط مطالبات نيابية وشعبية بتشكيلها بوجوه جديدة خالية من الوزراء الذين تسببوا بتأزم كبير في العلاقات بين البرلمان والحكومة.
وأحد أبرز السيناريوهات المطروحة أمام القيادة السياسية هي عدم التجديد لرئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك الصباح، وتكليف الشيخ ناصر صباح الأحمد بتشكيل الحكومة، لكن هذا السيناريو يحتمل مخاطر عديدة أبرزها عدم وجود خبرة سياسية كبيرة لدى نجل الأمير الذي دخل المشهد السياسي، أخيراً.
ووفق السيناريو الثاني، فإن القيادة السياسية قد تجتمع بقطبي الحكومة، وهما رئيس الوزراء ونائبه، وتحاول حل الخلافات العالقة بينهما بما فيها إبعاد "وزراء التأزيم" وعلى رأسهم وزير الداخلية الحالي، مما يعني تأجيل انفجار الخلافات، وهو أمر يبدو مستبعداً، إذ شهدت الحكومات السابقة التي اشتملت على وجود "أقطاب سياسية" خلافات حادة انتهت بنتائج سياسية كارثية على البلاد كما هو الحال في عام 2012.
أما السيناريو الثالث، وهو الأقرب وفق ما يقول البرلمانيون الكويتيون، فهو إعادة تكليف رئيس مجلس الوزراء الحالي، واستبعاد وزيري الدفاع والداخلية لحين انتهاء مدة البرلمان الحالي، ومن ثم إعادة تشكيل حكومة جديدة وفق نتائج البرلمان القادم الذي يُتوقع انتخابه في عام 2020.
ونفى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ما تردد عن إمكانية حل مجلس الأمة، قائلاً إن "أمير البلاد لا نية له لحل المجلس".وأوضح الغانم: "سمو الأمير أبلغني أنه لا نية لحل المجلس في الوقت الحالي، لكن هناك حاجة لإعادة ترتيب الفريق الحكومي".
Twitter Post
|
ويشير تصريح الغانم حول بقاء البرلمان وعدم حله إلى استمرار المشاريع البرلمانية ــ الحكومية المهمة وعلى رأسها قانون البدون الذي أثار جدلاً كبيراً في الشارع الكويتي، وقانون الحسابات الوهمية.
وقال النائب السابق صالح الملا، والذي أشعل حملة (بس مصخت) التي أدت بالكويتيين إلى النزول لأول مرة بأعداد كبيرة للشارع احتجاجاً على البرلمان والحكومة؛ إنّ الحملة ستبقى مستمرة بسبب عدم وجود أي تغيير حتى الآن وعدم الاستجابة لمطالب الشعب، خصوصاً وأن الحل جاء لإعادة ترتيب أوراق الحكومة فقط.