استمالة إيرانية للعشائر العراقية عبر "الحشد الشعبي": خطوات استباقية لما بعد "داعش"

06 يوليو 2017
عانت القوات العشائرية من الإهمال (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

قادت الضغوط الأميركية المستمرة منذ أسابيع على رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، لإخراج مليشيات "الحشد الشعبي" من مدن العراق المحررة من تنظيم "داعش" في شمال وغرب ووسط البلاد، والتي تبلغ مساحتها نحو 49 في المائة من مجمل الأراضي العراقية، إلى تحركات مضادة من قِبل فصائل مسلحة تابعة لإيران. أبرز هذه التحركات كان السعي لضم قوات عشائرية مناهضة لتنظيم "داعش" إلى صفوف المليشيات مقابل مرتبات مالية مجزية وامتيازات وتسليح جيد، على الرغم من رفض تلك المليشيات، طيلة السنوات الثلاث الماضية، اعتبار العشائر التي تقاتل "داعش"، ضمن "الحشد الشعبي" أو منحها مساعدات، تحت ذريعة أنه لا يمكن الوثوق بها ومخترقة من قبل التنظيم الإرهابي. ويقوّض هذا التطور خطوة العبادي لدمج تلك القوات في جهاز الشرطة المحلية كما هي الخطة.

ووفقاً لمصادر أمن عراقية وأخرى عشائرية في الأنبار ونينوى، فإن ثلاثة فصائل عشائرية وآخر يشكّل مسيحيون عراقيون غالبيته، انضمت إلى مليشيات "الحشد الشعبي" بشكل رسمي، خلال الأسبوع الماضي، بعد زيارة قادة تلك الفصائل بغداد ولقائهم زعماء المليشيات.
وشهدت الأنبار ولادة فصيل جديد أطلق عليه اسم "عصائب الأنبار"، نسبة إلى مليشيا "العصائب" المرتبطة بمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي. ويتألف الفصيل من نحو 300 مقاتل وجميع أعضائه من المقاتلين السنّة، ويعمل في نطاق مناطق غرب العراق تحت إمرة "الحشد الشعبي". فيما أعلن فصيل يطلق على نفسه اسم "حراس سهل نينوى"، وهو من المسيحيين المحليين الذين يسكنون منطقة سهل نينوى شمال شرقي الموصل، ويتألف من نحو 200 مقاتل، عن مبايعته "الحشد الشعبي".


وقال مسؤول في الحكومة العراقية إن إيران بدأت التحرك حيال الضغط الأميركي لسحب المليشيات من المدن المحررة، بكسب مقاتلين سنّة من أهل تلك المناطق عبر دعمهم بالمال وتسليحهم. وأضاف المسؤول، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المشروع يتعارض مع خطة رئيس الوزراء الحالية التي تقضي بدمج مقاتلي العشائر في الشرطة ليكونوا نواة جهاز الشرطة الجديد في المدن المحررة، كما هي الرغبة الأميركية في ذلك".
وأشار إلى أن "المليشيات هي من كانت تضغط على الحكومة لعدم الاعتراف بالعشائر كقوات مساندة تقاتل داعش، واليوم هي من تحاول كسب العشائر بالمال والامتيازات"، لافتاً إلى أن "أغلب الفصائل العشائرية التي قاتلت داعش كانت تعاني من الإهمال وعدم شمولها بمرتبات وإعانات أو حتى تسليحها لمواصلة قتال التنظيم، لكن بشكل مفاجئ باتت تلك الفصائل التي كادت تُنسى، مهمة للغاية". واعتبر أن "الموضوع جزء من المشروع الإيراني في المناطق المحررة تلك"، مؤكداً أن "نسبة تجاوب العشائر وقوات حرس نينوى وفوج حماية تكريت وقوات مسيحية وفصيل عربي في كركوك ضعيفة، ويمكن القول إن 70 في المائة منها رفضت التجاوب مع مشروع كسبها".

في السياق، كشف الشيخ حميد الدليمي، أحد زعماء القوات العشائرية في الأنبار، عن انشقاق حاد بين قوات العشائر تجاه هذا الموضوع. وأوضح الدليمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل قررت الذهاب مع الحلف الإيراني" في إشارة إلى مليشيات "الحشد الشعبي"، مضيفاً أن "فصائل عشائرية أخرى رفضت أن تكون تحت جناح الحشد أو قوة تابعة له وتفضل دمجها في الجيش والشرطة".
وتابع: "بعد ثلاث سنوات من الإهمال والتعمّد في عدم تسليح العشائر ورفض منح مرتبات لمن قاتل داعش أسوة بالحشد الشعبي، يحصل فجأة إقبال عليها، هذا الموضوع يدعو إلى الشك كثيراً"، مضيفاً: "نحن لا نلوم الذين ذهبوا مع المليشيات كتابعين فقد تأذوا كثيراً وباعوا أجهزة التلفزيون لكي يشتروا طلقات نارية ليحاربوا داعش".

يأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان نائب رئيس مليشيات "الحشد"، أبو مهدي المهندس، في كلمه له من إيران، عن تأسيس جهاز أمني تابع لمليشيات الحشد في المدن المحررة من سكان المدن نفسها.
في هذه الأثناء، قال القيادي في مليشيات "الحشد الشعبي" ضمن فصيل تابع لكتائب "حزب الله"، يدعى حسين المياحي، إن "أي قوة عشائرية في تلك المناطق تبقى من دون مرجعية، سيتم التعامل معها كقوة غير شرعية"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد": "عليهم الانضمام إلى أحد فصائل الحشد وهي كثيرة، حزب الله، الخراساني، العصائب، السلام، وبدر، أو سيُعتبرون قوة غير رسمية لا تخضع لقانون الحشد الشعبي".

المساهمون