"اللقاء الوطني" في لبنان اليوم: "العهد" يحاور نفسه وحلفاءه

24 يونيو 2020
أصرّ عون على عدم تأجيل اللقاء (حسين بيضون)
+ الخط -


ينعقد "اللقاء الوطني" الذي دعا إليه الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الخميس، وعلى طاولته جدول أعمال يرتكز على "التداول في الأوضاع السياسية العامة والسعي إلى التهدئة وتحصين السلم الأهلي وحماية الاستقرار تفادياً للانزلاق نحو الأسوأ وإراقة الدماء بعد التطورات الأمنية التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت وطرابلس (شمال لبنان) قبل أسبوعين". لكن مسعى رئيس الجمهورية وفريقه لإضفاء طابع سياسي جامع على لقاء اليوم لم ينجح، بعد رفض القوى السياسية التي تضع نفسها في خانة المُعارضة لعهد عون، ويتقدمها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، تلبية الدعوة، فيما خرق رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط مقاطعة حلفائه في فريق قوى 14 آذار، وكان أول من حسم حضوره، إيماناً منه بأهمية الحوار في هذه المرحلة العصيبة.

وأكد مصدر في قصر بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية) لـ"العربي الجديد" أنّ الرئيس ميشال عون وجّه دعوات خطية إلى كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومات السابقين والأحزاب والكتل النيابية الممثلة في البرلمان، وسيحضر منهم رئيس الحكومة حسان دياب، وبري، ورئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، ورئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل، ورئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة لـ"حزب الله" النائب محمد رعد، بينما سيُمثل جنبلاط نجله رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط بعد اعتذاره لسبب صحي. كذلك يحضر رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، ورئيس المجلس الأعلى في "الحزب السوري القومي الاجتماعي" النائب أسعد حردان، ورئيس "حزب الطاشناق" النائب هاغوب بقرادونيان، وممثل "اللقاء التشاوري" النائب فيصل كرامي.

ويبدأ الحوار عند الساعة الحادية عشرة صباحاً، ومن المتوقع ألا يتجاوز الساعتين، نظراً لانعقاد مجلس الوزراء في الواحدة والنصف في السرايا الحكومية. ومن أبرز المقاطعين للقاء بعبدا، رؤساء الحكومات السابقون سعد الحريري، تمام سلام، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميّل، ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية. فيما لن يحضر رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود، الذي أكد في الوقت نفسه دعمه للحوار وضرورة عقده في ظلّ الأزمة التي يعاني منها لبنان، وفق المصدر.


وقاد رئيس البرلمان نبيه بري، المشاورات لمدّ الجسور بين المتخاصمين، وإقناع كل القوى السياسية بالحضور، بيد أنّه فشل في تأمين الغطاء الوطني للحوار الذي سيقتصر على فريق الثامن من آذار باستثناء فرنجية الذي سبق له أن قاطع "اللقاء الوطني المالي" في السادس من مايو/ أيار الماضي، بذريعة "الحجر المنزلي، والتزاماً منه بالقيود الموضوعة على حركة السيارات المفرد والمجوز"، فيما السبب الرئيسي وراء "مقاطعة الأمس واليوم" مرتبطٌ بالخلاف الكبير بينه وبين عون وصهره باسيل، الذي تحوّل أخيراً إلى معركة مفتوحة وعلنية عجز "حزب الله" عن تهدئتها.
وتمنّى فرنجية الذي يعدّ من الحلفاء الثابتين لـ"حزب الله"، للحاضرين في لقاء اليوم "التوفيق بمسيرتهم لإنقاذ الوضع الاقتصادي والأمني والمعيشي وإيجاد الحلول المرجوة". فيما خرق جنبلاط المقاطعة التي سجّلتها قوى 14 آذار.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي سام منسى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّه كان الأجدى برئاسة الجمهورية تأجيل الحوار، وخصوصاً أنّ دعوات أطلقت في هذا الإطار بهدف إعادة ترتيب أولويات اللقاء، ونظراً لمقاطعة عددٍ كبير من القوى السياسية له، علماً أنّ المساعي التي بُذِلت من بري تحديداً، ركّزت على أن يكون اللقاء جامعاً ويضمّ مختلف الأفرقاء ويسدّ النقص الذي سُجّل في اجتماع بعبدا المالي في 6 مايو/ أيار، من هنا وُجِدَت ضرورة عدول عون عن الخطوة.

ويرى منسى أن تصميم رئيس الجمهورية على عقد اللقاء يرتبط باقتناع العهد بأنّ الغطاء السياسي و"المذهبي" مؤمَّن، ولا سيما مع مشاركة جنبلاط عبر نجله، فبات المشهد بالنسبة إلى العهد أنّ "اللقاء التشاوري" يشكل الغطاء السنّي، و"التيار الوطني الحرّ" الغطاء المسيحي، و"الحزب التقدمي الاشتراكي" الغطاء الدرزي، وحركة "أمل" و"حزب الله" الغطاء الشيعي. أما غياب فرنجية عن الحوار، فلا يعطيه منسى أكثر مما يحتمل، إذ إنّ سبب المقاطعة مرتبط باختلاف داخلي وشخصي معروف. أما مقاطعة قوى 14 آذار ورؤساء الحكومات السابقين، فلخلاف على التوجه السياسي، ورفض العهد ممثلاً برئيس الجمهورية و"محور 8 آذار" تأجيل اللقاء، يدل على أنّهم لا يأخذون الموقف الآخر بالاعتبار، ويريدون فقط السير بمشروعهم السياسي، وفق قوله.

ويلفت منسى إلى أنّ الدعوة إلى لقاء اليوم تأتي بعدما خرج الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله بكلمة متلفزة يمكن وضعها في إطار البيان التأسيسي بالشكل والمضمون، لكونها أتت بمثابة خريطة طريق للدولة اللبنانية سياسياً واقتصادياً، مع دعوته إلى الانفتاح شرقاً واعتماد سياسة المقايضة مع بعض الدول، منها الصين وإيران. من هنا كان يجب أن يكون كلام نصرالله البند الوحيد على جدول أعمال الحوار، فهو مرتبط بموضوع سيادة لبنان التي هي سبب الخلل الاقتصادي أكثر منه قضية رقمية، في ظلّ تجاهل الحكومة الواضح لما قاله نصرالله، سواء في تبنّيه أو رفضه، خصوصاً أنّه وضع عنق لبنان تحت المقصلة الدولية مع عنق سورية تماماً كما فعل يوم تدخّل بقرار منفرد في الحرب السورية والصراع في المنطقة. ويشير إلى أنّ جدول أعمال الحوار اليوم فضفاض، فالسلم الأهلي الذي يريدون حمايته غير موجود، وكذلك الاستقرار.