مستوطنات الضفة الغربية... لحل أزمة السكن الإسرائيلية أيضاً؟

28 اغسطس 2016
يتكثف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي قرب بيت لحم(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يعد كبار المسؤولين الإسرائيليين يكتفون بمسوغات دينية وأمنية واستراتيجية لتبرير مواصلة السيطرة على الأراضي الفلسطينية، التي احتلت عام 1967، بل باتوا يجاهرون بحماسهم لمواصلة احتلالها لدواعٍ اقتصادية أيضاً. فسوق السكن في إسرائيل يعاني من ضائقة ومن ارتفاع أسعار الشقق، بسبب قلة مساحة الأراضي المتاحة للبناء مقابل زيادة الطلب بهذا الشأن. لذلك، شرعت دولة الاحتلال في خطة استغلال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من أجل حل المشكلة.

وتقوم الخطة على تدشين مستوطنات جديدة أو توسيع بعضها، بهدف استيعاب العائلات اليهودية التي تعجز عن شراء شقق سكنية داخل إسرائيل. وكشف وزير الإسكان، يوآف غالانت، عن الخطة الجديدة خلال زيارة قام بها أخيراً إلى مستوطنة "عوفرا" التي تقع في محيط مدينة بيت لحم. وأعلن أن المرحلة الأولى تقوم على توسيع التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، الذي يضم المستوطنات الواقعة قرب بيت لحم. ومن شأن هذا الأمر أن يوفر شققاً سكنية لنصف مليون يهودي في غضون عقد من الزمان.

ونقل موقع صحيفة "ميكور ريشون" قبل أيام، عن غالانت، العضو بحزب "كلنا" (يمين وسط)، قوله إن المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة "يجب أن توفر حلولاً لمشكلة السكن في إسرائيل". وأضاف أن كل وزارات الحكومة ومؤسسات الجيش المختلفة ستتعاون من أجل تطبيق هذه الخطة، التي تلحظ تدشين مؤسسات تعليمية ودينية ومؤسسات عامة في المستوطنات الجديدة، على حد قوله. وأكد أن هناك حرصاً رسمياً على تقليص وطأة الإجراءات البيروقراطية من أجل إنجاز المشروع وفق الجدول الزمني المحدد.
الإعلان عن هذه الخطة فاجأ حتى قادة المستوطنين الذين وصفوها بـ"الطموحة جداً". ونقلت "ميكور ريشون" عن رئيس المجلس الاستيطاني "غوش عتصيون"، موشيه رفيف، قوله إن قادة المستوطنين "سيمدون يد العون لغالانت من أجل إنجاز خطته على أكمل وجه".


ويأتي ذلك بعدما تبين أن كلاً من غالانت ووزير المالية، رئيس حزب "كلنا"، موشيه كحلون، فشلا في الوفاء بتعهداتهما للناخبين عشية الانتخابات بحل مشكلة السكن أو الحد منها. أسعار الشقق السكنية واصلت ارتفاعها بشكل كبير. وبات متوسط سعر الشقة في منطقة الوسط يزيد عن نصف مليون دولار. هذا ما جعل الطبقة الوسطى في إسرائيل عاجزة عن الحصول على شقق سكنية.

في الواقع يبرر غالانت خطته، التي ستمثل طفرة في المشروع الاستيطاني، بالحاجة إلى حل مشاكل السكن في منطقة الوسط. لكن من المتوقع أن تستفيد منها الأزواج الشابة التي تقطن ما يعرف بـ"مدن التطوير"، في شمال وجنوب الكيان الصهيوني. وتواجه هذه المدن ضائقة اقتصادية كبيرة. وبما أن الأغلبية الساحقة من السكان هناك هم من مؤيدي الأحزاب الدينية واليمينية، يمكن الاستنتاج أن الدافع الأيديولوجي والعامل الاقتصادي يعززان نزعة الانتقال للإقامة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

وهناك سلة مغريات كثيرة تشجع الأزواج الشابة على استغلال "الفرص" في خطة غالانت الجديدة. وقد صنفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المستوطنات في الضفة على أساس أنها مناطق أفضلية ضمن فئة "أ". ويحظى كل من يسكنها بالكثير من المزايا الاقتصادية، مثل التسهيلات الضريبية وقروض إسكان طويلة الأمد وذات ظروف ميسرة، وخفض رسوم التعليم والمواصلات وغيرها.

أما الأزواج الشابة في ما يسمى بمنطقة الوسط فتبحث عادةً عن حلول لمشكلة السكن في شمال إسرائيل وجنوبها. ولم يكن من وليد الصدفة أن يختار غالانت منطقة بيت لحم للبدء في تنفيذ خطته. بل يرتبط هذا الخيار بالإجماع السائد بين الأحزاب الصهيونية على وجوب الاحتفاظ بها ضمن أية تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين. في الوقت نفسه، لم يعد توسيع الحزام الاستيطاني في محيط بيت لحم جزءاً أساسياً من خطة "القدس الكبرى"، والتي وضعها رئيس الوزراء الأسبق، أرييل شارون، والتي تهدف إلى توسيع حدود بلدية القدس المحتلة شمالاً وجنوباً في عمق الضفة لضمان زيادة عدد اليهود القاطنين فيها إلى مليون.

يشار إلى أن السكن في منطقة بيت لحم يغري الكثير من الإسرائيليين، بسبب قربها من أراضي دولة الاحتلال، مما يجعل المستوطنين قادرين على مواصلة مزاولة أعمالهم في إسرائيل والعودة إلى مستوطناتهم الجديدة خلف الخط الأخضر.

المساهمون