لبنان: عودة الهاجس الأمني بتحذيرات محلية ودولية

03 يونيو 2016
الأجهزة الأمنية اللبنانية حققت "إنجازات أمنية" عديدة (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو وكأنّ كلمة سرّ وصلت إلى المسؤولين اللبنانيين، السياسيين والأمنيين، لفتح ملف الوضع الأمني وخطورته، مباشرة عقب انتهاء الانتخابات البلدية.

تداول الملف الأمني انطلق، في يونيو/حزيران الحالي، بإعلان وزير الداخلية، نهاد المشنوق، أن القوى الأمنية اللبنانية نجحت "في تعطيل ثلاث محاولات لشبكات تفجير من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الثلاثة أشهر الأخيرة". 

وتبع تصريح المشنوق تداول معلومات عن أهداف سياسية ومناطق محددة تسعى مجموعات متشددة إلى ضربها أمنياً، في حين أعلنت قيادة الجيش توقيف مجموعة تابعة لـ"داعش" في عكار (شمالي لبنان)، كما أوقفت خلية أخرى في منطقة عاليه (جبل لبنان). 

يبدو وكأنّ الهاجس الأمني عاد إلى الداخل اللبناني، بعد أن كان محصوراً لأشهر على الحدود الشرقية مع سورية، في عمليات دعم في عرسال (بلدة على الحدود محسوبة على المعارضة السورية)، أو استهداف لمجموعات مسلحة في الجرود الحدودية، ما دفع جهات دولية إلى توجيه تحذيرات لرعاياها في لبنان.

كما كان لافتاً، أيضاً، رسالة بعثتها قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) لبعض الهيئات التابعة للأمم المتحدة، ومنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).



وجاء في رسالة "اليونيفيل" أنه "نظراً للمعلومات الواردة حول وجود تهديدات أمنية في بيروت وغيرها من المناطق في لبنان، ننصحكم بالمحافظة على الاحتراس والحذر والوعي الكافي بما يحيط بكم، وتجنبّ التجمعات الكبيرة، خصوصاً في المناسبات العامة والسياسية، بما فيها المجمّعات والمطاعم والمقاهي، والتبليغ فوراً في حال الاشتباه بأي نشاط أو حادثة تحصل". 

مصادر مطّلعة أكدت، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك تخوفاً على الوضع الأمني في لبنان، وهو تخوف مستمر ولم يتوقف"، مشيراً إلى أنّ "الجو العام في البلد، وعلى الرغم من وجود ارتياح سياسي ملحوظ بعد تنظيم الانتخابات البلدية، لكن الجميع يعرف أنّ عمل المجموعات المسلحة والمتشددة لم يتوقف، وهي في نشاط مستمرّ ومنتشرة في كل أنحاء لبنان ومناطقه، ما يدعو إلى الحذر ورفع حالة التأهب". 

يذكر أنه سبق للأجهزة الأمنية اللبنانية أن حققت "إنجازات أمنية" عديدة بناءً على تقارير واردة من أجهزة أمنية غربية ودولية مختلفة، كان أبرزها توقيف شبكات كانت تعدّ لتفجيرات واغتيالات في بيروت ومحيطها، وذلك طوال الأعوام الثلاثة الماضية.

وقالت مصادر أمنية محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التخوّف من تنفيذ أعمال إرهابية في لبنان لم يَزُل في أي لحظة"، مشيرة إلى أنّ "القوى الأمنية تقوم بجهود كبيرة لمتابعة هذا الملف بعيداً عن الإعلام وعن الخطابات والمواقف"، مضيفة أنّ "التعاون قائم بين مختلف الأجهزة الأمنية في التنسيق وتداول المعلومات فيما بينها، وذلك في إطار توجيهات واضحة بالتعاون التام بينها في هذا الملف". 

وتشهد بيروت ما يشبه حالة تأهب أمني، تحديداً في أماكن التجمّعات الكبرى وفي المجمّعات التجارية، وكان لافتاً، أيضاً، على سبيل المثال التدقيق الأمني الكبير الذي شهدته مباراة لكرة السلّة في بيروت، داخل وخارج المجمّع الرياضي، حيث أقيمت المباراة في ظل انتشار عناصر أمنية بزيّها الرسمي والمدني في المدرجات وبين الجمهور. 


كما أنّ حالة التأهب عادت وارتفعت وتيرتها في محيط الضاحية الجنوبية لبيروت (مقرّ قيادة "حزب الله" ومربّعة الأمني وخزّانه البشري على مدخل بيروت الجنوبي) وعلى مداخلها، على اعتبار أنّ هذه المنطقة تبقى هدفاً للمجموعات المتشددة نتيجة استمرار "حزب الله" في المشاركة في الحرب السورية ودوره فيها، علما أنّ التفجير الأخير الذي وقع في لبنان استهدف منطقة برج البراجنة في الضاحية، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

كما توالت المواقف الرسمية المحذرة من الوضع الحالي في لبنان، والداعية إلى خوض المعركة بوجه التشدّد، منها إشارة قائد الجيش، جان قهوجي، إلى أنّ "معركتنا مع الإرهاب ماضية إلى الأمام ولا هوادة فيها، ولن تتوقف إلا بالقضاء على تجمعاته وشبكاته التخريبية"، وذلك خلال إطلاق مشروع الاتحاد الأوروبي لدعم الجيش والأمن العام. 

وفي المناسبة نفسها، قال مدير عام الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، إنّ "لبنان يعيش أدق مراحل تاريخه الحديث وأخطرها، من خلال مواجهته الإرهاب، وهو ينوب في معركته الشرسة هذه عن العالم عموماً، وأوروبا خصوصاً".

وتساهم كل المعطيات المتداولة والتصريحات الأمنية والسياسية في إشاعة جو من القلق بين الناس، تحديداً لجهة التخوّف من عودة مسلسل التفجيرات التي شهدها لبنان بشكل متفاوت منذ بدء الأزمة السياسية عام 2005، باغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري. 

وبينما لا تخفي جهات سياسية واقتصادية خوفها من انعكاس هذه الأجواء على الوضع السياحي والاقتصادي في البلد مع بدء فصل الصيف، لا يمكن فصل هذا الوضع عن الملفات السياسية العالقة، بدءاً بالشغور الرئاسي المستمر منذ مايو/أيار 2014، ووصولاً إلى الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها العام المقبل.