وأكد الحزب التونسي أنه يضع تواقيع نواب كتلة الحزب "الدستوري الحر" السبعة عشر كبداية للشروع في جمع 73 صوتا المستوجبة لتمرير هذه العريضة.
وأعلنت رئيسة كتلة الحزب عبير موسي، اليوم، خلال مؤتمر صحافي، أن كتلتها ستقدّم مشروع عريضة لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي بسبب زيارته الأخيرة إلى تركيا، على أن يتم عرضها على التصويت في جلسة عامة تعقد لهذا الغرض.
وأثار جمع الغنوشي لصفته الحزبية كرئيس حزب حركة "النهضة" ورئيس البرلمان في الوقت نفسه تحفظات بعض النواب ممن اعتبروا أن توقيت الزيارة إلى تركيا يثير الشكوك، إذ جاءت مباشرة بعد سقوط حكومة الجملي، فيما اعتبر البعض الآخر أن موضوع سحب الثقة من الغنوشي لا يعتبر ذا أولوية في هذه المرحلة التي يجب ان تنكب فيها الجهود على اختيار رئيس حكومة.
وأفاد الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة" عماد الخميري في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن دعوة الحزب "الدستوري"، "تنم عن معاداة هذا الحزب للديمقراطية، فالدستوري يقدم نفسه على أساس رفضه للنهضة والأطراف السياسية التي أفرزتها الثورة، وسيبقى يشتغل على هذا الأمر"، مؤكدا أن "هذا الحزب لم يقدم برنامجا ولا رؤية نقدية ويحاول الظهور دائما بمظهر التماس الحاد مع النهضة لا غير".
وأضاف الخميري أن "حركة النهضة بذلت جهدا كبيرا من أجل أن تكون الحكومة سياسية وتجمع جميع الأطياف الممثلة برلمانيا وتخدم التونسيين، ومن أجل العمل على أساس برنامج واضح يضم جميع الأطراف التي لديها الرؤية نفسها، ولكن لم يتم النجاح في هذا المسار رغم تقديم عديد التنازلات من قبل الحركة".
وبيّن المصدر ذاته أن "أغلب الأطراف التي تسببت في هذا الفشل تتحمل أيضا المسؤولية"، مؤكدا أنّ رئيس الحكومة الحبيب الجملي ذهب في اختيار حكومة كفاءات من المستقلين رغم تحفظات الحركة على ذلك ومطالبتها بالتغيير إلا أنه رفض، وهو ما أدى إلى عدم منح الثقة.
وبين أن تونس ورغم إسقاط الحكومة ليست في مرحلة فراغ، وهناك قوانين دستورية تضبط المرحلة القادمة، مذكرا بأن تونس وفي أصعب الفترات الحرجة بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي نجحت في الاحتكام إلى القانون الدستوري، واليوم هناك أيضا أطر دستورية تنظم ما بعد فشل الحكومة وعدم منحها الثقة.
وقال الناطق الرسمي باسم الحركة إن "النهضة تقبلت بكل ديمقراطية عدم منح الثقة وتعتبرها آلية من آليات الديمقراطية"، مؤكدا أن "حركة النهضة تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية وعلى أرضية برنامج اجتماعي يستكمل مسارات الثورة".
أحزاب: القضية الأساسية تشكيل الحكومة
بدوره، أكد النائب عن حركة "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ الدعوة لسحب الثقة من الغنوشي "سابقة لأوانها، لأن الأولوية إنجاز الاستحقاق الدستوري، وتقريبا أغلب الأحزاب منكبة على هذا الأمر"، مبينا أنه بعد سقوط حكومة الجملي وعدم نيلها ثقة البرلمان، فإن القضية الأساسية هي تشكيل الحكومة.
وأضاف بن أحمد أن الدستور ينص على أن يتولى رئيس الجمهورية تكثيف المشاورات مع الأحزاب، "وبالتالي على الأحزاب أن تبحث عن شخصية وقاعدة مشتركة"، مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة "هو الأجندة الأساسية للأحزاب في الفترة القادمة، وما يهم الشعب التونسي هو تكوين حكومة وليس الدعوة لإسقاط الغنوشي لأنها تظل دعوة جانبية".
في سياق مواز أيضاً، يرى القيادي في "التيار الديمقراطي" غازي الشواشي أن "مقترحات الحزب الدستوري ذات طابع إيديولوجي لتصفية الحسابات، ولا يمكن له الانخراط في مثل هذه الدعوات"، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن اهتمام الحزب منصب على الحكومة وهو معني بالمشاركة وبالتالي جهوده ستنصب حول إنجاح المشاورات واختيار الشخصية الأقدر، وهي الفرصة الأخيرة أمام الأحزاب قبل المرور إلى حل البرلمان.
وأكد الشواشي أن الوضع "هش ودقيق، وهناك توترات على الحدود مع ليبيا وأوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة، وتونس لا يمكن أن تنتظر أكثر، إذ إنه يتم ولأول مرة إسقاط الحكومة منذ الثورة، وبالتالي فإن حكومة تصريف الأعمال هي التي تسير البلاد حاليا"، مشيرا إلى أن "عديد الصناديق ترفض منح تونس قروضا إلى حين تشكيل الحكومة، ولا بد من إحداث إصلاحات في عديد القطاعات وليس التفكير في إسقاط رئيس البرلمان راشد الغنوشي".
وبين أنّ الأحزاب "تتحمل مسؤولية إنجاح المرحلة القادمة، وبعد سقوط الحكومة هناك درجات في تحمل الفشل وأولها النهضة التي قادت المشاورات"، مؤكد أن الحكومة التي قدمت "لم تنبثق من رحم البرلمان ولذلك فشلت، ولو تمت المصادقة عليها لكانت التداعيات خطيرة على تونس".
وأوضح أن "النهضة في المرحلة القادمة ستكون مكونا من مكونات المشاورات ضمن الحكومة القادمة، وهي فرصة لتعتبر من درس إسقاط الحكومة على أمل التفاعل إيجابيًا مع مبادرة الرئيس".
من جهته، دعا رئيس حزب "مشروع تونس" محسن مرزوق الغنوشي إلى الاستقالة الطوعية من رئاسة البرلمان أو تحمّل مخاطر سحب الثقة منه، مؤكدا أن الغنوشي لا يمكن أن يكون محايدا في الفترة المقبلة التي ستشهد عملية تصويت على الحكومة التي سيقترحها رئيس الجمهورية قيس سعيّد.