حرب بواشنطن بين ترامب وخصومه مع بداية إجراءات عزله.. والخوف من الأدهى

03 أكتوبر 2019
تململ في فريق الرئيس عقب مباشرة التحقيق (مارك ويلسون/Getty)
+ الخط -

واشنطن في الوقت الحاضر ساحة حرب بين الرئيس دونالد ترامب وخصومه في الكونغرس، إذ فجر انطلاق عملية التحقيق بإمكانية عزله الوضع على نحو غير مسبوق، بلغ حدّ التراشق الشخصي العنيف والتوعد بالانتقام، وحتى التلويح بالحرب الأهلية. 

جوّ تناحري أثار مخاوف جدية من احتمال انزلاق الأمور إلى الأسوأ إذا ما تواصل التمادي بمثل هذا الخطاب، لا سيما وأن المعطيات تؤشر في هذا الاتجاه. 

كل طرف يعمل لكسب جولته أو حماية رأسه، فالرئيس ناقم ومحبط من كثرة مطاردته، ويخوض معركة بقاء بكل الأسلحة المتاحة.

في المقابل، خصمه الديمقراطي مصرّ على العزل ومستعجل في إجراءاته. وبين الاثنين يبدو الجمهوري المفترض أن يقف بقوة إلى جانب البيت الأبيض مشتتا ومترقبا، وبدأ بعضه يبتعد أو يمهد للابتعاد عن الرئيس. 

ويزيد من الانكشاف أن فريق الرئيس الأقرب بدأ النفور يذب بين أقطابه، بحيث بات كل واحد يعدّ الأرضية لحماية نفسه. هذا وما زالت العملية في بداياتها. فكيف عندما تغوص أكثر في استحضار الشهود والوثائق والمستندات، أو عندما يصوت مجلس النواب على قرار الإدانة، حسب ما توحي به أجواء الأغلبية الديمقراطية فيه؟

التحقيق استمع، حتى الآن، إلى شاهد واحد. اليوم الخميس يستمع إلى شاهد مهم إن لم يكن الأهم، وهو المبعوث الخاص للملف الأوكراني كيرت فولكر، الذي استقال قبل أيام بعدما تكشفت قصة مكالمة الرئيس ترامب مع نظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، والتقدير أنه سيدلي بمعلومات قد تعزز القضية ضد الرئيس، يتبعها المزيد من الشهود في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، وكلهم من العيار الثقيل، مثل السفيرة الأميركية في أوكرانيا ماري إيفانوفيتش، التي أنهيت خدمتها أخيراً، والتي ستعطي إفادتها أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأسبوع المقبل.

بمواكبة ذلك، بدأت علامات الانفراط تتزايد على جبهة لفيف ترامب الداخلية، أخطرها الملاحظة التي صدرت عن أحد مساعدي نائب الرئيس مايك بنس، الذي قال إن هذا الأخير "لا علم له" بالقضية. 

اعتبر كلامه بمثابة إشارة أولى على نية نائب الرئيس وضع فاصل بينه وبين الرئيس، وذلك من باب التحوط لئلا تنتهي العملية بالعزل، حيث عندذاك يصبح بانس الرئيس البديل على الفور.

كذلك، ازداد التوتر داخل وزارة الخارجية التي صار وزيرها أحد شهود قضية أوكرانيا، بعد تراجعه واعترافه بأنه شارك الرئيس في مكالمته مع الرئيس الأوكراني. 

وامتد التوتر على ما يتردد إلى العلاقة بين وزير العدل وليام بار، ومحامي الرئيس، وأحياناً مساعده الموثوق به، رودي جولياني. وربما بين هذا الأخير ووزير الخارجية مايك بومبيو، إثر انكشاف قصة ملف سلّمه جولياني إلى الوزير، تبين أنه احتوى على معلومات غير صحيحة تخرب على دبلوماسيين في الخارجية، ومنهم السفيرة إفانوفيتش. 

والأربعاء، قام المفتش العام في وزارة الخارجية بتسليم هذا الملف إلى لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، مما زاد النفور من جولياني، الذي يقوم بأدوار رسمية وبتكيلف من الرئيس هي من اختصاص وزارة الخارجية، منها اتصالاته بالمسؤولين في أوكرانيا لحثهم على إعادة فتح التحقيق بقضية شركة غاز أوكرانية كان ابن المرشح الرئاسي جو بايدن عضواً في مجلس إدارتها.


 

خروج واضح عن المألوف، وبما صبّ في تكبير المكالمة وجعلها مادة لفتح التحقيق حول إمكانية عزل الرئيس. 

وما يفاقم مشكلة الرئيس أنه تعذر عليه وقف التسريب الداخلي الذي فضح كل أشكال وقصص الشطط الذي توالى، والذي تعذر ضبطه أو منعه.

معركة العزل ما زالت في بداية طورها القانوني. مسيرته لا يبدو أنها ستكون سالكة على طول الخط. أمامها مراجعات واعتراضات قضائية، قد تؤخر البت إن لم تخفف من زخم الادعاء. 

حتى الآن، يملك الادعاء ما يكفي من الزخم لإطلاق عملية التحقيق، يساعده التأزم والخلافات المتزايدة في صفوف الإدارة، وحتى في البيت الأبيض، في قضية "لا يملك أحد منهم تصوراً" لكيفية دحض تهمة "إساءة الرئيس لاستخدام السلطة، والتي بدأت تلقى آذاناً صاغية خلافاً للمعتاد، لدى عدد متزايد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ، مثل زعيم الأغلبية السناتور ميتش ماكونيل، الذي أعرب عن استعداده لطرح الإدانة على المجلس لو أقرها مجلس النواب. 

الموضوع يتطور باليوم، وأحياناً بالساعة، لكن بين اليوم وموعد حسمه بصورة أو بأخرى، حروب كاسرة بين البيت الأبيض وخصومه، مع ما يترتب على ذلك من انعكاسات محلية وخارجية.

المساهمون