روسيا تخفّض مستوى مؤتمرها الفلسطيني إرضاءً لمصر

08 فبراير 2019
لا يزال هنية في القاهرة منذ الأحد الماضي(مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -
لا بوادر حل تظهر، لا في مفاوضات القاهرة حول أزمة الانقسام الفلسطيني المستمر، ولا في مؤتمر موسكو المقرر في 11 فبراير/ شباط الحالي. فمع تسريب أنباء عن رفض السلطة الفلسطينية مقترحاً مصرياً للقاء الفصائل الخمسة الرئيسية في القاهرة، في موعد يسبق اللقاء المرتقب في العاصمة الروسية موسكو، لا تبدو حركة "فتح" أمام خيارات كثيرة غير التصعيد ضد قطاع غزة وضد كل ما هو غير فتحاوي عموماً، بدليل قطعها رواتب جميع الموظفين غير الفتحاويين وغير المستقلين عن أي فصيل في القطاع، واستمرار قطعها التمويل عن عدد من فصائل منظمة التحرير من الرافضين للسياسة الحالية للسلطة ورئيسها، وسط عجزها عن تأليف حكومة جديدة في رام الله يصعب أن تكون إلا فتحاوية حصراً، في ظل رفض جميع الأطراف، أو معظمها، المشاركة في حكومة فصائلية في هذا الظرف.

وأكّدت مصادر فلسطينية موثوقة لـ"العربي الجديد"، أن روسيا خفضت من دعوتها التي وجهتها للفصائل لإجراء حوار حول المصالحة الوطنية في 11 فبراير الحالي، بعد أنّ تلقت احتجاجاً مصرياً على الدعوة الأولى، باعتبار أنّ القاهرة هي "الوسيط الوحيد" في الملف الفلسطيني. وذكرت المصادر أنّ وزارة الخارجية الروسية، عدّلت من الدعوة الموجهة للفصائل الرئيسية، فأعادت إرسال الدعوات للفصائل باسم مركز أبحاث يتبع الوزارة، وليس باسمها مباشرة، بعد اتفاق مع القاهرة على ذلك. ووفق التعديل الجديد، فإنّ الدعوة أصبحت لـ"نقاش بحثي" حول ملف المصالحة والقضية الفلسطينية عموماً، وليس لطرح أي حوار أو مبادرات حول تفعيل المصالحة، وفق ذات المصادر.

وقالت المصادر إنّ القاهرة لديها "حساسية" مفرطة من أي تدخل عربي أو غربي في الملف الفلسطيني، وترى أنها "الوسيط" الوحيد لهذا الملف بكل تشعباته، وسياسياً وأمنياً بالذات، ولا تريد من أي طرف آخر التدخل فيه بحكم الجغرافيا والسياسة.

وبحسب وكالة "الأناضول"، فقد رفضت حركة "فتح" مقترحاً مصرياً لعقد لقاء يجمع خمسة فصائل فلسطينية في القاهرة، للتشاور حول قضية المصالحة بين "فتح" و"حماس". وأوضحت المصادر أن مصر اقترحت عقد لقاء يجمع ممثلين عن "حماس" و"فتح" و"الجهاد الإسلامي" والجبهتين "الشعبية" و"الديمقراطية لتحرير فلسطين"، على أن يسبق لقاء الفصائل المرتقب في موسكو، في 11 فبراير الحالي. وأضافت المصادر أن "فتح" تبرر رفض أي لقاءات مع "حماس" في مصر، بحجة أن اتفاق القاهرة، الموقع أواخر العام 2017، لم ينجح. كما برر المتحدث باسم "فتح" في قطاع غزة، عاطف أبو سيف، رفض الحركة عقد اللقاء بأن "فتح" تريد الاجتماع بالفصائل الـ11، وليس فقط الخمسة. وقال أبو سيف، لوكالة "الأناضول"، إن "أي لقاء للمصالحة يجب ألا يقتصر على الفصائل الخمسة فقط، ويجب أن يضم فصائل منظمة التحرير إلى جانب حركتي حماس والجهاد". وسبق لعضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، حسام بدران، أن أعلن، الأربعاء الماضي، أن حركته تلقت بالفعل دعوة مصرية رسمية، لحضور لقاء يجمع الفصائل في القاهرة، لبحث "مواجهة التحديات التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني، وسبل إعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام". وأعرب عن ترحيب "حماس" بالدعوة.

ورداً على إعلان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، عزام الأحمد، أنه لن تتم مناقشة موضوع المصالحة الفلسطينية في مؤتمر موسكو وإنما "التصدي لصفقة القرن"، اعتبرت "حماس"، أمس الخميس، أن "فتح" تريد التهرب من قضية المصالحة. وقال المتحدث باسم "حماس"، حازم قاسم: "من الواضح أن قيادة حركة فتح تعمل على سد كل المنافذ التي يمكن أن تساهم في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة". وأضاف "نستنكر تنصّل حركة فتح من مناقشة ملف المصالحة". لكن رغم هذه الأنباء، فإن مصادر مصرية وفلسطينية أبلغت "العربي الجديد"، بأن رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، اللواء عباس كامل، أبلغ قيادة "فتح" و"حماس"، في لقاءات منفصلة، بأن القاهرة جادة هذه المرة في إعادة فتح ملف المصالحة. ولا يزال ممثلو "حماس" برئاسة إسماعيل هنية، و"الجهاد الإسلامي" برئاسة أمينها العام زياد النخالة، في العاصمة المصرية، منذ الأحد الماضي، وعقدوا لقاءات مع مسؤولي جهاز الاستخبارات المصرية، تقدمهم عباس كامل.


وبحسب مصدر مصري رفيع المستوى، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن القاهرة كانت قد قررت تجنّب ملف المصالحة الداخلية في الوقت الحالي، نظراً للتعنت من جانب السلطة وتمسكها بمواقف متشددة إزاء مجموعة من المعطيات على الساحة الداخلية، وعدم الاستجابة لأية محاولات للتدخل ورأب الصدع. ورغم ذلك، فإن فشل السلطة وحركة "فتح" في تشكيل حكومة أخيراً، كان مدعاة لإحياء مفاوضات الوحدة ومحاولة إنهاء الانقسام مجدداً، على ضوء رفض كل من الجبهتين "الشعبية" و"الديمقراطية" المشاركة في حكومة جديدة. وكشف المصدر المصري أن القاهرة تلقت رسائل غير مباشرة تدعوها للتدخل مجدداً للتوسط بين أطراف الانقسام الفلسطيني، وأن السلطة الفلسطينية فوجئت بمواصلة السلطات المصرية العمل بمعبر رفح من دون وجود موظفي السلطة، و"هو ما ساهم في إعادة إحياء مشاورات المصالحة". وكشف المصدر أن مسؤولين في مصر أبلغوا قيادة "حماس" و"الجهاد" بأن القاهرة لا تشترط إدارة موظفي السلطة الفلسطينية لمعبر رفح لمواصلة فتحه في الاتجاهين، شرط الالتزام بتشديد الإجراءات الأمنية من الجانب الفلسطيني على طول الشريط الحدودي مع مصر، بما يحفظ الأمن المصري، وكذلك الالتزام بالتهدئة مع الاحتلال لعدم تصعيد الأمور في قطاع غزة.

وكانت وزارة الداخلية، التي تديرها "حماس" في قطاع غزة قد تسلمت، في السابع من يناير/ كانون الثاني الماضي، إدارة المعبر بعد انسحاب موظفي السلطة الفلسطينية. ورداً على ذلك ربما، قررت السلطة "إعادة هيكلة" العقوبات المفروضة من قِبلها ضد القطاع المحاصر، فقررت عدم دفع رواتب موظفي غزة إلا لمن هم أعضاء في "فتح" أو يدورون في فلكها، أو لا يمتون بأي صلة إلى "حماس" و"الجهاد". حتى أن رواتب شهر يناير/ كانون الثاني الماضي قُطعت عن المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، وعن المعتقلين المحررين، وجرحى الاعتداءات الإسرائيلية، وعن عدد من أهالي الشهداء.

أكدّت مصادر فلسطينية موثوقة لـ"العربي الجديد"، أن روسيا خفضت من دعوتها التي وجهتها للفصائل لإجراء حوار حول المصالحة الوطنية المرتقب في 11 من الشهر الجاري، بعد أنّ تلقت احتجاجاً مصرياً على الدعوة الأولى، باعتبار أنّ القاهرة "الوسيط الوحيد" في الملف الفلسطيني.

وذكرت المصادر أنّ وزارة الخارجية الروسية، عدّلت من الدعوة الموجهة للفصائل الرئيسية، حيث أعادت إرسال الدعوات للفصائل الفلسطينية باسم مركز أبحاث يتبع الوزارة وليس باسمها مباشرة، بعد اتفاق مع القاهرة على ذلك.

ووفق التعديل الجديد، فإنّ الدعوة أصبحت لنقاش بحثي حول ملف المصالحة والقضية الفلسطينية عموماً، وليس لطرح أي حوار أو مبادرات حول تفعيل المصالحة، وفق ذات المصادر.

وقالت المصادر إنّ القاهرة لديها "حساسية" مفرطة من أي تدخل عربي أو غربي في الملف الفلسطيني، وترى أنها "الوسيط" الوحيد لهذا الملف بكل تشعباته، وسياسياً وأمنياً بالذات، ولا تريد من أي أحد التدخل فيه.

وبحكم الجغرافيا والسياسية، فمصر الأكثر ارتباطاً بالقضية الفلسطينية، لكنها تتعامل بمزاج متقلب مع الملف ومع الفصائل الفلسطينية، وسرعان ما تتغير طباع تصرفاتها وفق الظروف المحلية والإقليمية، وظهر أكثر من مرة انحيازها لفريق فلسطيني دون الآخر.

وأشرفت مصر على ملف المصالحة الفلسطينية منذ بداية الانقسام، وعطلت أي تدخل عربي ودولي فيه، إلى جانب ملف تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل والذي أفرج بموجبه عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ونحو 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينية.

المساهمون