سد النهضة يبدأ إنتاج الكهرباء صيف 2021

03 يناير 2020
تطالب مصر بتمرير 40 مليار متر مكعب(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

قال مصدر إثيوبي، تابع إلى "جبهة تحرير تغراي"، أحد مكونات التحالف الحاكم الحالي، والتي تجمعها علاقة متوترة سياسياً برئيس الوزراء أبي أحمد، في تصريحات، لـ"العربي الجديد"، إن مسؤولين حكوميين في وزارة الطاقة ومشروع سد النهضة أبلغوا قيادات الجبهة بأن توليد الطاقة الكهربائية من السد سيبدأ بصورة جزئية في يوليو/تموز أو أغسطس/آب 2021.

وأضاف المصدر أن إبلاغ مسؤولي الجبهة بهذه المعلومة جاء في إطار سعي حكومة أبي أحمد لجمع شمل القوى السياسية الإثيوبية، في ما يتعلق بالدفاع عن قضية بناء السد وحق الشعب الإثيوبي في السيادة المطلقة عليه، إدارياً وتنفيذياً، وتبديد المخاوف المنتشرة بشأن السد، والتي يروّجها مناهضو سياساته، خصوصاً قياديي "جبهة تحرير تغراي"، الرافضين للانخراط في حزبه الجديد "الرفاه"، الذي من المنتظر أن يحل بدلاً من التحالف الحاكم "الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية"، في الاستحواذ على أغلبية مقاعد البرلمان، بعدما تم اعتماد الحزب رسمياً في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي. هذه الخطوة يعتبرها الزعماء المتشددون لـ"جبهة تغراي" إعلاناً لإنهاء عهد السيطرة السياسية لجبهتهم على التحالف الحاكم، لا سيما أن تمثيلهم البرلماني الفعلي أقل بكثير من بعض المكوّنات الأخرى في التحالف الحاكم، والتي انخرطت فعلياً في الحزب الجديد لأبي أحمد.

وذكر المصدر نفسه أن الحكومة ستنظّم في الفترة المقبلة رحلات إلى موقع السد، لمجموعات من قيادات وشباب الأحزاب والعشائر من كل المناطق الإثيوبية، وبالتعاون مع الكنيسة الأرثوذكسية، لتأكيد تقدّم العمل به، وشرح تفاصيل الخلاف مع مصر بشأنه، وأهمية دعم أبي أحمد في مساره التفاوضي الحالي. كما أن الخطاب المحلي الرسمي يُركز في الفترة الحالية على أن "أديس أبابا ستدفع القاهرة لقبول أقل الأضرار"، ليس فقط بسبب تمسك أبي أحمد بالحقوق السيادية لبلاده، ولكن أيضاً بسبب "الدعم الدولي الواسع للمشروع نتيجة عمل كبير لترويج المكاسب الاقتصادية للشركات الأوروبية والآسيوية وفرص الاستثمار الكبرى التي سيخلقها السد"، بحسب المصدر.

وتتزامن هذه التحركات الداخلية في إثيوبيا مع نشر هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية صوراً جديدة لسد النهضة قبل أيام، أظهرت تقدماً ملحوظاً في بنائه، إذ تم الإفراج، للمرة الأولى، عن صور حديثة للمشروع بعد إنجاز المكونات المختلفة له، مثل الخرسانة المسلحة، وسد السرج، ومبنى الطاقة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقبيل انطلاق الاجتماعات الفنية الأربعة الحاسمة، برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، قال نائب مدير مشروع السد بيلاتشو كاسا، لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إن عملية الإنشاء تتقدم من دون أي تباطؤ "كما كان من قبل"، وأنه تم بالفعل الانتهاء من لوح الوجه الخاص بسد السرج، وهو سد الخرسانة للوجه الصخري، الموجود على يسار السد الرئيسي. وللحفاظ على سلامة تدفق المياه، تم إنجاز العمل في جانب المجرى، ليصبح السد قادراً على توفير الطاقة المطلوبة حتى 100 عام، إذ سيضم السد ثلاثة مجار للمياه، بما في ذلك مجرى مائي وسط السد الرئيسي، وممر للفتحات (قناطر) يمكن أن يسمح بأكثر من 14 مليون متر مكعب من المياه، وممر للطوارئ في الجانب الأيسر من سد السرج. وكانت إدارة السد قد أصدرت عدة بيانات، منذ شهرين، أكدت فيها عدم تأثير تقليل عدد التوربينات المسؤولة عن توليد الطاقة الكهربائية، في ظل زيادة كفاءة التوربينات الثلاثة المستخدمة حالياً، والتي تمد إثيوبيا بها شركة "جي أو هيدرو" الفرنسية، والتي طالبت القاهرة الحكومة الفرنسية بالضغط عليها لوقف التعاون مع أديس أبابا لحين التوصل لحل القضية.


ووفقاً للمعلومات المتوفرة لدى مصر فإن نسبة الإنشاءات التي تنفذها شركات محلية وأجنبية في المشروع تجاوزت 82 في المائة، وأن العمل الإنشائي للجوانب الكهروميكانيكية، الذي تديره شركتا "جيجوبا" و"سينوهيدرو" الصينيتان، قد اكتمل منه ما نسبته 30 في المائة ومن المتوقع أن ينتهي تماماً نهاية العام المقبل. وأعلنت مصر أخيراً تمسكها في المفاوضات الفنية بإمرار وتدفق 40 مليار متر مكعب سنوياً من النيل الأزرق، وأن المقترح الإثيوبي يطالب بتمرير 35 مليار متر مكعب، وأنه تم تحديد المقترح المصري بناء على متوسط إيراد النهر، في أثناء فترات الجفاف والجفاف الممتد، بالاستدلال بما حدث في الفترة بين عامي 1979 و1987. وقالت مصادر دبلوماسية وفنية حكومية مصرية، لـ"العربي الجديد" أخيراً، إن الخلاف حالياً بين مصر وإثيوبيا ينحصر الآن في نقطة أساسية واحدة، هي تحديد الرقم الذي إذا انخفضت عنه كمية المياه المتدفقة من السد، ينبغي إعلان حالة الجفاف واتخاذ التدابير الاستثنائية، إذ تطالب مصر بتمرير 40 مليار متر مكعّب أثناء فترات الجفاف وبالتالي اتخاذ التدابير الاستثنائية بوقف الملء إذا انخفض المنسوب عن هذا الحد، في حين تعرض إثيوبيا اتخاذ التدابير عند حد 35 مليار متر مكعب، وتمرير هذه الكمية في فترات الجفاف. ويحاول السودان دفع البلدين إلى القبول برقم وسط.

وأضافت المصادر أن مصر أسقطت تماماً تمسكها السابق بوصول 49 مليار متر مكعب من المياه إلى بحيرة السد العالي، بصيغة واضحة غير ملتبسة، ما أعطى المفاوضات دفعة حقيقية، ودفعت وزير الري الإثيوبي، الذي كان يعتبر من أصحاب المواقف المتشددة في الجولات الماضية، إلى إبداء مرونة غير مسبوقة، تتمثل في الإعلان عن الموعد الفعلي لبدء تخزين المياه في بحيرة السد الرئيسية. ومن المقرر عقد الاجتماع الفني الرابع والحاسم بين وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا لاستئناف المشاورات والمناقشات الفنية حول المسائل الخلافية المتعلقة بشأن سد النهضة، في أديس أبابا يومي 9 و10 يناير/كانون الثاني الحالي، بحضور ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين. ثم سيتم عقد اجتماع وزاري في العاصمة الأميركية واشنطن يوم 13 يناير، لتقييم نتائج الاجتماعات الفنية، وما تم إحرازه في موقف المفاوضات بين الدول الثلاث.