وكانت صحف وقنوات تلفزيونية قد نقلت عن شباب قصة خداعهم من الخرطوم بعرض وظيفة حارس أمني في دولة الإمارات العربية المتحدة قدمته شركة بلاك شيلد للخدمات الأمنية في الإمارات، لكنهم أُخضعوا بعد وصولهم إلى الإمارات لتدريب عسكري قتالي شاقّ لمدة ثلاثة أشهر، وخُيِّروا عقب ذلك ما بين الذهاب للقتال في ليبيا أو اليمن.
وخلال نحو 30 دقيقة، حكى أحد الشباب القصة عبر قناة "سودانية 24"، دون أن يذكر اسمه أو يُظهر صورته، لدواعٍ أمنية حسب قوله.
وذكر أن القصة بدأت حينما تقدم مع عشرات الشباب إلى وظيفة حارس أمني في الإمارات، وأنهم اجتازوا كل الاختبارات التي قام بها مكتب تشغيل بالخرطوم، وسافروا عقب ذلك إلى الإمارات لتستقبلهم الشركة الأمنية، وبعدها حُوِّلوا إلى معسكر التدريب في منطقة عسكرية بالقرب من الحدود الغربية للإمارات.
وأشار إلى أن المعسكر يشرف عليه رائد متقاعد في الجيش السوداني، وأنهم اكتشفوا أن هناك سبع دفعات من السودانيين سبقتهم إلى المعسكر.
وأضاف الشاب أن هناك تخوفاً أمنياً وتهديداً داخل المعسكر للشباب برفع تقرير إلى السلطات الأمنية الإماراتية ضد أي شخص في المعسكر يحتجّ أو يسأل عن مصيرهم، وعن المهمة التي جاؤوا من أجلها، مضيفاً أنهم مُنعوا من إجراء اتصالات هاتفية مع أسرهم أو أي شخص آخر.
وأوضح أنه تمرد داخل المعسكر، حتى أُعيد إلى السودان، وأن كثيرين من الشباب يرفضون فكرة القيام بأي مهمة سوى حارس أمني بموجب العقد الموقع بينهم وبين الشركة.
ويقول المواطن السوداني "الطيب"، وهو والد أحد الشباب الذين ما زالوا في المعسكر الإماراتي لـ"العربي الجديد" إن أسرته وكل أسر الشباب تعيش في حالة قلق بالغ بسبب مصير أبنائها، موضحاً أنه تواصل اليوم السبت مع مكتب العمل الذي أشرف على تسفير ابنه إلى الإمارات للعمل حارسَ أمن، وأن المكتب وعده بإعادة ابنه إلى السودان على وجه السرعة.
من جهته، قال حذيفة إبراهيم محمد، المدير المالي والإداري لمكتب الأميرة للاستقدام، وهو المكتب المفوض في الخرطوم لشركة بلاك شيلد، إنهم تسلموا خطاباً من الشركة، موثقاً من الغرفة التجارية في أبوظبي ومن سفارة السودان في أبوظبي، تطلب فيه توظيف سودانيين في وظيفة واضحة ومحددة، هى حارس أمن.
وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مكتبهم قام بكل الإجراءات القانونية داخل السودان عبر مكتب العمل، وأجرى المعاينات للمتقدمين، مشيراً إلى أن العقود التي وُقعت مع الشباب موثقة من وزارة الموارد البشرية والتوطين في الإمارات، وأن العقد غير محدد المدة، وأن الوظيفة ومكانها واضحان ولا يحتملان التأويل، أي "داخل الإمارات".
وأضاف محمد أن ما أُشيع عن تحويل المهمة إلى تدريب عسكري وقتالي في اليمن وليبيا أصابتهم بضرر بالغ وقلق، وحاولوا التأكد من صحة المعلومات بالاتصال بالشركة الإماراتية التي وعدتهم أمس بإرسال مندوب عنها إلى السودان لطمأنة الأسر، لكنه لم يحضر في الموعد، ويتوقع حضوره اليوم السبت، حسب قوله.
وأشار إلى أن مكتب الأميرة طلب من الشركة إصدار بيان من طريق السفارة السودانية، يوضح الحقائق كاملة، مؤكداً أن المكتب سيظل في حال متابعة مستمرة للأوضاع إلى حين اتضاح الحقيقة.
ولم يصدر حتى اللحظة أي توضيح من الحكومة السودانية عن الموضوع، رغم ورود معلومات شبه مؤكدة عن وصول مجموعة من المجندين إجبارياً للقتال في ليبيا خلال اليوميين الماضيين.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها محاولات لتجنيد شباب سودانيين للقتال في حروب المنطقة، ففي شهر فبراير/ شباط من العام الماضي، ألقت السلطات الأمنية السودانية، القبض على مجموعة وقّعت اتفاقاً مع قبائل موالية للواء الليبي المنشق خليفة حفتر، بغرض تجنيد ألف شاب سوداني للقتال في ليبيا.
وأُلقي القبض على اثنين من أفراد العصابة على الحدود السودانية الليبية، وقُدِّما لمحكمة خاصة في الخرطوم، ولم يُصدَر أي حكم ضدهما إلى الآن.