وخلال كلمتها أثناء جلسة لمجلس الأمن الدولي، عقدت اليوم الجمعة بطلب من روسيا، حمّلت هيلي روسيا مسؤولية إفشال كل المحاولات الدولية لمنع استخدام الأسلحة الكيميائية، موضحة أن موسكو استخدمت حق النقض (الفيتو) 12 مرة لحماية بشار الأسد.
كذلك شدّدت على أنه "لا يمكن السماح لأي طرف باستخدام السلاح الكيميائي ثم الإفلات من العقاب". وقبيل بدء الجلسة، أوضحت هيلي أنه "في وقت ما يجب القيام بشيء" حيال سورية.
وقالت هيلي "نظرياً، نتفق جميعاً أنه يمنع استخدام الأسلحة الكيميائية. فماذا علينا أن نفعل؟ علينا بدلاً من إدانة الدول التي تريد الرد على استخدامها أن ندين استخدامها ونقوم بالخطوات اللازمة. لا يمكن السماح لأي طرف باستخدام الأسلحة الكيميائية والإفلات من العقاب".
وتابعت "لم يقرر رئيسنا بعد الخطوات الممكن اتخاذها في سورية. علينا أن نكون واضحين، إن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية في دوما لم يحدث لأول مرة. تقديراتنا تشير إلى أن الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية على الأقل خمسين مرة". ثم أشارت إلى أن روسيا وقفت في وجه المجتمع الدولي لمنع التجديد لآلية التحقيق المشتركة، وهي التي تحمي النظام.
وأوضحت أنه "كانت هناك آلية تحقيق واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) لوقف التجديد لها. الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قامت بتحليل المعطيات، والدول الثلاث توصلت إلى النتيجة نفسها، وهي أن هجمات بالأسلحة الكيميائية قد حدثت. علينا أن نتأكد أننا نأخذ كل الاحتياطات الممكنة في حال قررنا اتخاذ أي خطوات".
من جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، أن ما يجري حالياً في سورية يشكّل "الخطر الأكثر جدية على الأمن والسلم الدوليين"، مضيفاً أن "لا حل عسكرياً للأزمة السورية والحل يجب أن يكون سياسياً عبر مسار جنيف".
وجدّد غوتيريس إدانته استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، مؤكداً أن فريقاً ثانياً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سيصل إلى سورية اليوم.
وفيما أعرب عن غضبه لاستخدام النظام السوري مجدداً الأسلحة الكيميائية في استهداف المدنيين، لفت إلى أن العالم "يواجه اليوم خطر خروج الأمور في سورية عن السيطرة، وواجبنا إيقاف ذلك".
ودعا الأمين العام "جميع الدول الأعضاء إلى التصرّف بمسؤولية وتأسيس آلية أممية للمحاسبة على استخدام الكيميائي".
وقال الأمين العام إن الوضع في الشرق الأوسط في حالة فوضى لدرجة أصبح يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين. وتحدث عن ثلاثة محاور رئيسية أوصلت الوضع إلى هذه الخطورة. وهي، على حد قوله، الخلافات بين الدول الغربية (الولايات المتحدة بشكل خاص) وروسيا، التي تعيد إلى الأذهان الحرب الباردة، في إشارة إلى الوضع في سورية. ثم قال "لقد عادت الحرب الباردة مع اختلاف جذري، وهو أن آليات وقف التصعيد التي كانت موجودة في الماضي لم تعد موجودة اليوم". أما المحور الثاني، بحسب غوتيريس، فهو الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتطورات الأخيرة في غزة. ثم تحدث عن الانقسام "الشيعي السني" الذي يتجلى في العديد من الصراعات في المنطقة. ثم أشار في هذا الصدد إلى أن هذا الانقسام الذي يظهر بشكل "ديني" ما هو إلا نتيجة صراعات جيو سياسية. وتحدث عن الحرب بالوكالة التي تشهدها العديد من الدول في المنطقة، وكذلك عن الصراعات في اليمن وليبيا والعراق وغيرها من الدول.
وحول الوضع الإنساني في سورية، قال غوتيريس إنه "خلال السنوات الثماني الأخيرة عاش السوريون حياة مروعة من التعذيب والتهجير والقتل والأسلحة الكيميائية والتجويع وغيره كثير"، ثم وجه انتقادات إلى مجلس الأمن، وقال "إنه لم يقم بواجبه لتعيين آلية تحديد من الذي قام بتلك الهجمات في حال توصلت المنظمة إلى نتيجة أنه تم استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما".
أما السفير الروسي، فاسيلي نيبينزيا، فجدد اتهامات بلاده لواشنطن، حين اعتبر أن "التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية إلى سورية انتهاك صارخ للقانون الدولي"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة لا تستحق أن تكون عضواً دائماً في مجلس الأمن".
كذلك أضاف أن "السياق الحالي للوضع في سورية ستكون له تداعيات خطيرة على العالم بأسره"، لافتاً إلى أن "واشنطن ولندن وباريس تريد فقط إطاحة النظام السوري".
وتابع "نشاهد تحركات عسكرية على الأرض ولا يمكننا أن نسمح بذلك، لأن ذلك يهدد الأمن والسلم الدوليين. وقبل أن تبدأ التحقيقات تم الإعلان عن النتائج من قبل دول في هذا المجلس. أمامنا التجارب في العراق وليبيا ولا يمكن أن نسمح بأن يحدث في سورية ما حدث هناك. الولايات المتحدة تستخدم مجلس الأمن الدولي لتغطية احتياجاتها للحصول على مناطق حظر الطيران، على سبيل المثال كما حدث في ليبيا".
ثم شكك في وقوع هجمات دوما، قائلاً "لقد أعلنت الحكومة السورية أن لا علاقة لها بالهجمات وطلبت أن يقوم فريق من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتحقيق ووصل الفريق". ثم اتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بأنها تريد نشر الفوضى مجدداً في سورية، بعدما تمكن النظام من السيطرة مجدداً على مناطق واسعة من البلاد، بحسب المندوب الروسي.
وتحدثت السفيرة البريطانية، كارين بيرس، قائلة "إننا هنا اليوم وبشكل رئيسي بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما. إن استخدام الأسلحة الكيميائية لا يمكن أن يمر بدون محاسبة وعقاب"، مؤكدة أن "روسيا تريد حماية حليفها بأي ثمن".
وقالت بيرس إن بلادها ليست ضالعة في هجوم الأسلحة الكيميائية في سورية، رافضة اتهاماً من وزارة الدفاع الروسية. وأضافت بيرس للصحافيين "هذا غريب، كذب فج.. إنه أسوأ الأنباء الزائفة التي رأيناها حتى الآن من الآلة الدعائية الروسية".
ومن جهته استهل السفير الكويتي لمجلس الأمن، منصور العتيبي، حديثه عن غزة ومقتل الفلسطينيين والانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين. وعن سورية قال "عقدنا العديد من الاجتماعات في الأيام القليلة الماضية حول سورية، وما كنا لنجتمع اليوم لو كنا قد اتفقنا على آلية جديدة للتحقيق في ادعاءات استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. وهذه الخلافات بين الدول الأعضاء في المجلس عمقت من الانقسام ولا بد من تكثيف الجهود إزاء عملية الدفع بالعملية السياسية في سورية التي أصبحت تراوح مكانها".
وأيد نداء غوتيريس "بضرورة الاتفاق على آلية جديدة لضمان المحاسبة وعدم إفلات مرتكبي الجرائم في سورية من العقاب. ونجدد دعمنا لبعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي ستقوم بالتحقق من الادعاءات المتعلقة باستخدام الأسلحة في دوما. ونشدد على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم التي تم تأكيدها".
وناشد السفير الكويتي مجلس الأمن بتجديد آلياته وعدم السماح باستخدام حق النقض "الفيتو" عند التصويت على قرارات حول جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأوضح في هذا السياق "أن الانتهاكات المستمرة، للقانون الإنساني الدولي وللقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2018، وذلك من قبل الأطراف المتنازعة في سورية، تعزز من قناعتنا بضرورة الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في حال وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والتعامل مع أي جرائم ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والمسائل الإنسانية كمسائل إجرائية (في مجلس الأمن)، أي لا يسري عليها حق النقض حتى لا نسمح بتكرار هذه المآسي والمعاناة الكبيرة للمدنيين الأبرياء".
(شاركت في التغطية من نيويورك: ابتسام عازم).