تأخذ العلاقات السياسية والتاريخية بين الجزائر وفرنسا حيزاً مركزياً في فرز واختيارات الناخبين في الاستحقاقات الجزائرية، وتتمركز فرنسا داخل مربع الخطاب الانتخابي للمرشحين الخمسة للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، إذ يستدعي هذا الخطاب الذاكرة الدامية والمرحلة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، ومطالبات باريس بالاعتراف والإقرار بجرائمها هناك، ويستحضر التدخلات الفرنسية في الشأن الجزائري عبر الهيمنة الاقتصادية.
ويتفاوت خطاب المرشحين لانتخابات الرئاسة تجاه ملف العلاقة مع فرنسا، بين خطابات متشددة ذات علاقة بالذاكرة والاستعمار، تقترب في بعض الأحيان إلى ما يصفها المراقبون بـ"الشعبوية السياسية" لغرض استقطاب الناخبين، ومن ثمة تحميل فرنسا جزءاً من المشكلات السياسية والاقتصادية التي تعيشها الجزائر بسبب مخلفاتها وتدخلاتها غير المباشرة؛ وبين خطابات تقوم على واقعية سياسية تجعل من العلاقات مع فرنسا، الدولة ذات التأثير الاقتصادي والسياسي الإقليمي، أمراً لا مفر منه بسبب عوامل متراكمة.
ولا يتردد المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة، منذ بدء الحملة الانتخابية، في توجيه اتهامات إلى باريس بالسعي المستمر للتآمر على الجزائر، ويضع بن قرينة، الذي يرأس حركة البناء الوطني (جناح من إخوان الجزائر) بعض المشكلات الناجمة عن القضية الأمازيغية، على عاتق فرنسا.
وقال في تجمع شعبي عقده في منطقة بومرداس قرب العاصمة الجزائرية ان "فرنسا تريد أن تخلق شعبين وديانتين والعديد من الرايات في الجزائر، لكن الشعب الجزائري لن يرضى بهذه الخطة لكونه واحداً موحداً".
اقــرأ أيضاً
ويتهم بن قرينة ما يصفها "بالدولة الاستعمارية بمحاولة خلق أقليات في الجزائر"، وقال: "فرنسا لها شعب واحد ولغة واحدة ولهم كمعارضة وسلطة خطة سياسية وأمنية، ويريدون في الجزائر خلق علمين و17 لغة وشعبين و20 راية"، مشيراً إلى أنها تستخدم في ذلك بعض المجموعات العرقية، والتي أبدى "عتبه" على أنها "تمثل أدوات الدولة الاستعمارية التي ترغب أن تؤسس نظاما خاصا بها في الجزائر، بينما لا يقبل الأمازيغي ولا العربي إلا بالجزائر موحدة". ويطرح بن قرينة مشروعاً يقول إنه موجه أساساً لإنهاء "الوصاية الفرنسية" على الجزائر، معتبراً أن "عهد الوصاية الفرنسية قد انتهى، والحراك الشعبي رفض الوصاية الفرنسية".
ولفترة عقود، ظلت فرنسا الشريك التجاري الأول للجزائر، وكانت تهيمن على واردات البلاد، وتعيق كل برامج التنمية فيها، عبر لوبيات كانت موالية لها في المؤسسات الحكومية وفي دواليب صناعة القرار، وتعززت المصالح الفرنسية في فترة الأزمة الأمنية في التسعينيات وفي مرحلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي سمح بإنقاذ شركات فرنسية مفلسة عبر منحها صفقات في الجزائر كشركة "إليسكوم".
وينخرط رئيس الحكومة السابق والمرشح الرئاسي عبد المجيد تبون في الاتجاه نفسه، ويعتبر في تصريحاته وتجمعاته الشعبية التي يعقدها أن "العلاقات الجزائرية الفرنسية، لا يمكن أبداً أن تصبح طبيعية دون معالجة مسألة الذاكرة"، ويعتقد تبون أن "بين الجزائر وفرنسا ملايين الشهداء وتضحياتٍ جساماً"، ويصر على مطالبة فرنسا بالإقرار والاعتراف بجرائمها الاستعمارية التي حدثت في الجزائر في فترة الاستعمار بين عامي 1830 و1962.
ويعتقد تبون، في آخر حوار صحافي أجراه مع قناة أوروبية، أن "فرنسا هي التي تحاول خلط الأوضاع في الجزائر". وطالب وزير الخارجية الفرنسي بالكف عن الإدلاء بتصريحات تخص الشأن الجزائري، كما اتهم بشكل صريح قنوات فرنسية (فرانس 24 والفرنسية الخامسة) بالتشويش وتضليل الرأي العام الدولي بشأن الأوضاع في الجزائر.
ويشير المرشح الرئاسي إلى أن باريس تحاول "لي ذراع الجزائر" باستخدام الجالية الجزائرية المقيمة هناك، والتي يفرض وجودها وظروفها على الدولة الجزائرية التعامل مع فرنسا، وقال إنه "لولا تواجد الجالية الجزائرية بكثافة لكنا تصرفنا مع فرنسا بتصرف آخر".
ولا يفوت عبد المجيد تبون تجمعاته الشعبية دون الحديث عن الدور المؤثر لفرنسا في الجزائر، ومحاولتها السيطرة على المقدرات والثروات الجزائرية، ويعتبر أن الشركات الفرنسية استفادت بشكل مبالغ فيه من صفقات وعقود في وقت سابق، ويتعين في المرحلة المقبلة كبح هذا التوسع. وتعهد في حال فوزه بانتخابات الرئاسة بـ"منع شركة توتال الفرنسية من أن تستولي على ربع الإنتاج النفطي للجزائر"، في إشارة منه إلى محاولات الشركة المستمرة لشراء عقود "أناداركو" في التنقيب واستغلال آبار النفط في الصحراء الجزائرية.
بخلاف هذا الاندفاع السياسي للمرشحين تبون وبن قرينة، يبدو المرشح الرئاسي ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس أكثر "واقعية" في مقاربته للعلاقة مع فرنسا، دون تجاوز الملف التاريخي وضرورة الحصول على اعتراف من فرنسا الرسمية بشأن جرائمها في الجزائر. لكنه يعتبر أن ذلك لن يحدث دون توفر نظام شرعي يقوم على السيادة الشعبية في الجزائر، وببناء دولة محترمة واقتصاد.
ويعتقد بن فليس أن الاختلال الحاصل في العلاقات السياسية والاقتصادية لصالح فرنسا لا تتحمله الأخيرة، بقدر ما تتحمله السلطة التي كانت تقود البلاد في المرحلة السابقة، والتي منحت امتيازات للمصالح الفرنسية.
وقال بن فليس في ندوة سياسية عقدها قبل أسبوع "ليس غريباً أن تدافع فرنسا عن مصالحها، وكما يحلو لها، لكن على الجزائر أن تدافع عن مصالحها هي الأخرى؛ الذنب ليس ذنب فرنسا، الذنب ذنب من أراد للجزائر أن تكون تابعة اقتصادياً لفرنسا".
ويتفاوت خطاب المرشحين لانتخابات الرئاسة تجاه ملف العلاقة مع فرنسا، بين خطابات متشددة ذات علاقة بالذاكرة والاستعمار، تقترب في بعض الأحيان إلى ما يصفها المراقبون بـ"الشعبوية السياسية" لغرض استقطاب الناخبين، ومن ثمة تحميل فرنسا جزءاً من المشكلات السياسية والاقتصادية التي تعيشها الجزائر بسبب مخلفاتها وتدخلاتها غير المباشرة؛ وبين خطابات تقوم على واقعية سياسية تجعل من العلاقات مع فرنسا، الدولة ذات التأثير الاقتصادي والسياسي الإقليمي، أمراً لا مفر منه بسبب عوامل متراكمة.
ولا يتردد المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة، منذ بدء الحملة الانتخابية، في توجيه اتهامات إلى باريس بالسعي المستمر للتآمر على الجزائر، ويضع بن قرينة، الذي يرأس حركة البناء الوطني (جناح من إخوان الجزائر) بعض المشكلات الناجمة عن القضية الأمازيغية، على عاتق فرنسا.
وقال في تجمع شعبي عقده في منطقة بومرداس قرب العاصمة الجزائرية ان "فرنسا تريد أن تخلق شعبين وديانتين والعديد من الرايات في الجزائر، لكن الشعب الجزائري لن يرضى بهذه الخطة لكونه واحداً موحداً".
ولفترة عقود، ظلت فرنسا الشريك التجاري الأول للجزائر، وكانت تهيمن على واردات البلاد، وتعيق كل برامج التنمية فيها، عبر لوبيات كانت موالية لها في المؤسسات الحكومية وفي دواليب صناعة القرار، وتعززت المصالح الفرنسية في فترة الأزمة الأمنية في التسعينيات وفي مرحلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي سمح بإنقاذ شركات فرنسية مفلسة عبر منحها صفقات في الجزائر كشركة "إليسكوم".
وينخرط رئيس الحكومة السابق والمرشح الرئاسي عبد المجيد تبون في الاتجاه نفسه، ويعتبر في تصريحاته وتجمعاته الشعبية التي يعقدها أن "العلاقات الجزائرية الفرنسية، لا يمكن أبداً أن تصبح طبيعية دون معالجة مسألة الذاكرة"، ويعتقد تبون أن "بين الجزائر وفرنسا ملايين الشهداء وتضحياتٍ جساماً"، ويصر على مطالبة فرنسا بالإقرار والاعتراف بجرائمها الاستعمارية التي حدثت في الجزائر في فترة الاستعمار بين عامي 1830 و1962.
ويعتقد تبون، في آخر حوار صحافي أجراه مع قناة أوروبية، أن "فرنسا هي التي تحاول خلط الأوضاع في الجزائر". وطالب وزير الخارجية الفرنسي بالكف عن الإدلاء بتصريحات تخص الشأن الجزائري، كما اتهم بشكل صريح قنوات فرنسية (فرانس 24 والفرنسية الخامسة) بالتشويش وتضليل الرأي العام الدولي بشأن الأوضاع في الجزائر.
ويشير المرشح الرئاسي إلى أن باريس تحاول "لي ذراع الجزائر" باستخدام الجالية الجزائرية المقيمة هناك، والتي يفرض وجودها وظروفها على الدولة الجزائرية التعامل مع فرنسا، وقال إنه "لولا تواجد الجالية الجزائرية بكثافة لكنا تصرفنا مع فرنسا بتصرف آخر".
ولا يفوت عبد المجيد تبون تجمعاته الشعبية دون الحديث عن الدور المؤثر لفرنسا في الجزائر، ومحاولتها السيطرة على المقدرات والثروات الجزائرية، ويعتبر أن الشركات الفرنسية استفادت بشكل مبالغ فيه من صفقات وعقود في وقت سابق، ويتعين في المرحلة المقبلة كبح هذا التوسع. وتعهد في حال فوزه بانتخابات الرئاسة بـ"منع شركة توتال الفرنسية من أن تستولي على ربع الإنتاج النفطي للجزائر"، في إشارة منه إلى محاولات الشركة المستمرة لشراء عقود "أناداركو" في التنقيب واستغلال آبار النفط في الصحراء الجزائرية.
بخلاف هذا الاندفاع السياسي للمرشحين تبون وبن قرينة، يبدو المرشح الرئاسي ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس أكثر "واقعية" في مقاربته للعلاقة مع فرنسا، دون تجاوز الملف التاريخي وضرورة الحصول على اعتراف من فرنسا الرسمية بشأن جرائمها في الجزائر. لكنه يعتبر أن ذلك لن يحدث دون توفر نظام شرعي يقوم على السيادة الشعبية في الجزائر، وببناء دولة محترمة واقتصاد.
ويعتقد بن فليس أن الاختلال الحاصل في العلاقات السياسية والاقتصادية لصالح فرنسا لا تتحمله الأخيرة، بقدر ما تتحمله السلطة التي كانت تقود البلاد في المرحلة السابقة، والتي منحت امتيازات للمصالح الفرنسية.
وقال بن فليس في ندوة سياسية عقدها قبل أسبوع "ليس غريباً أن تدافع فرنسا عن مصالحها، وكما يحلو لها، لكن على الجزائر أن تدافع عن مصالحها هي الأخرى؛ الذنب ليس ذنب فرنسا، الذنب ذنب من أراد للجزائر أن تكون تابعة اقتصادياً لفرنسا".