أصوات أميركية: ترامب يسكت عن "الجريمة الإنسانية" في اليمن

27 نوفمبر 2017
المجاعة تهدد 80% من الشعب اليمني(عبده حيدر/فرانس برس)
+ الخط -
عقب أسبوعين ونيف من الحصار المفروض على اليمن، والذي بات يهدّد حياة 80 في المائة من اليمنيين، صعّدت حملة أميركية بمشاركة وسائل إعلام ومنظمات مدنية وخيرية، تحركاتها لإنقاذ هذا البلد من المجاعة، وسط اتهامات لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسكوت عن "هذه الجريمة الإنسانية".

وتقود وسائل إعلام أميركية ومنظمات مدنية وجمعيات خيرية، حالياً، حملة في مسعى لإنقاذ اليمن من مجاعة عامة محققة في حال لم يتم فتح الموانئ والمطارات لوصول المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والمحروقات وبقية الحاجيات الأساسية، التي يستورد اليمن 90 في المائة منها من الخارج.

وتقاطعت الدعوات والمناشدات والضغوط الأميركية عند نقطتين أساسيتين: أن الحصار ما كان ليحصل ويتواصل على مدى أسبوعين ونيف لولا تجاهل واشنطن، إن لم يكن ضؤوها الأخضر لهذا الإجراء، الذي قد يتحول إلى"جريمة ضد الإنسانية" لو مضى على حاله.

وثانياً، أن إدارة ترامب قادرة على وقفه وهي مطالبة بالتحرك في هذا الاتجاه وقبل فوات الأوان.

ولا تزال مواقف الإدارة الأميركية خجولة في هذا الاتجاه، إذ اكتفت بالدعوة إلى فتح المنافذ الدولية لمرور المساعدات الإنسانية ووصولها إلى المهددين بالمجاعة والأوبئة. وفي إثر ذلك، زعمت السعودية أنها سمحت بدخول بعض المساعدات الرمزية وغير الكافية، بحسب الجهات الدولية المعنية بالموضوع، بخطوة هدفت لـ"تنفيس الضغوط " لا أكثر. وبذلك بقي شبح الكارثة يحوم فوق هذا البلد المنكوب وشبه المشطوب من قائمة الأولويات الأميركية والدولية.

وأثارت حرب اليمن منذ بدايتها عام 2015 الشكوك والمخاوف خاصة في الإعلام الأميركي والكونغرس وأوساط الخبراء في الشؤون الخارجية، إذ حذرت هذه الجهات من عواقب الدور "المسهل"، الذي لعبته واشنطن في توفير المعلومات لتحديد الأهداف وتزويد المقاتلات السعودية بالمحروقات واحتمال انزلاقه إلى تورط لو تعذر حسم الحرب.

وتفاقم هذا التخوف عندما بدأت ملامح التعثر تتبلور وانعكس على صورة حملة في الكونغرس لوقف تزويد السعودية بالسلاح اللازم لهذه الحرب، ما اضطر الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لوقف بيع بعض هذه الأسلحة. لكن خلفه ترامب، عاد وفتح حنفية التزويد على مداها، مما جدّد الاعتراضات، خاصة بعد تصاعد الضجة حول سقوط المزيد من المدنيين بالقصف الجوي. بيد أن إدارة ترامب لم تحرك ساكناً.

وجاء الحصار الذي فرض عقب إطلاق صاروخ من اليمن في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، باتجاه مطار الرياض، قيل إن "الحوثيين" أطلقوه؛ ليضاعف المخاوف من "فضيحة إنسانية"، نتيجة إغلاق نوافذ الاتصال بين اليمن والعالم، لا سيما أن التقارير الدولية أخذت تدق جرس الإنذار، بعض معلوماتها المنسوبة إلى مراقبي الأمم المتحدة أفادت بأن "السعودية انتهكت قرار مجلس الأمن 2015 بعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية" إلى اليمن.




وفي هذا السياق، ألمحت جهات إلى احتمال حصول تواطؤ من جانب إدارة ترامب، لجهة السكوت عن الحصار الذي فرضته السعودية على جارتها اليمن. وأفردت صحيفة "واشنطن بوست"، افتتاحيتها لموضوع حصار اليمن، مشيرةً إلى "زيارة صهر الرئيس، جارد كوشنر، إلى السعودية عشية ضرب الحصار".

وشدّدت الصحيفة الأميركية على ضرورة "تحرك الإدارة فوراً لفك الحصار وإلا فهي متواطئة بالجريمة ضد الإنسانية".  وباللغة ذاتها تعاطت أوساط تقف في خندق الرئيس ترامب، مع هذا الموضوع، قائلة إن "ثمة جريمة حرب مماثلة لتلك التي حصلت في الحرب العالمية الأولى تحصل اليوم ضد اليمن وبتواطؤ أميركي".

ودعا السياسي والكاتب المحافظ المعروف، باتريك بيوكانن، الرئيس إلى التحرك لمنع وقوع مجاعة. وتشير الأرقام إلى أن المجاعة باتت تهدد 80 في المائة من الشعب اليمني، وبحسب تقديرات أخرى هناك "7 ملايين على حافة المجاعة و900 ألف إصابة بالكوليرا". والعدد في الحالتين مفتوح على المزيد.

هذا السكوت الأميركي الرسمي تغطيه إدارة ترامب بذريعة التصدي لإيران في اليمن، ما جعل فريقاً من المحافظين وحتى الديمقراطيين، في الكونغرس، يتجاوبون مع المسألة، غير أن الأمر على الأرض تفاقم وبات يحمل أبعاداً كارثية غير معروفة منذ قرن، أي بعد أن فرضت بريطانيا الحصار والتجويع على ألمانيا حتى بعد استسلامها في الحرب العالمية الأولى. 

من هنا تسائل الكاتب بيوكانن "فهل ترتضي أميركا أن تكون المتفرج على جريمة من هذا النوع؟". ويخشى مراقبون من أن واشنطن الغارقة ومعها الرأي العام، بعدة ملفات ملتهبة داخلية وخارجية تتراوح بين مشروع الضرائب إلى قصص الفضائح الأخلاقية فضلاً عن الأزمة مع كوريا الشمالية؛ قد تبقى قادرة على تغطية تجاهل إدارة ترامب للكارثة الزاحفة على اليمن.




دلالات
المساهمون