وكشف النائب الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لــ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أنّ حفتر سعى للحصول على دعم جوي من مصر، خلال زيارته للقاهرة، أمس الأحد، بعد عودته من زيارة غير معلنة للعاصمة الروسية موسكو.
وقال المصدر إنّ "حفتر يبحث عن مخرج لقواته المتورطة في حربها على طرابلس، بعد أن ووجهت بمقاومة غير متوقعة وانكسرت حملتها"، مؤكداً أنّ حفتر "لم يتحصل على وعد من أي من الدولتين بدعمه، باستثناء تعهدهما باستمرار الدعم السياسي".
وأعلن حفتر، في 4 إبريل/نيسان الحالي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام العاصمة طرابلس، بينما ردّت حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً، بإطلاق عملية "بركان الغضب"، لوقف أي اعتداء على العاصمة.
وجاءت عملية حفتر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع بمدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، والذي كان مقرراً، أمس الأحد، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف حل الأزمة الليبية وإطلاق العملية السياسية، وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى.
ويحظى حفتر بدعم من مصر والإمارات والسعودية، بينما تتجنب روسيا وفرنسا الانحياز في العلن إلى صالحه وتؤيدانه بشكل خفي.
وأوضح النائب لـ"العربي الجديد"، أنّ "موسكو تعهدت باستمرار حمايتها لحفتر من أي تدخل دولي عبر الأمم المتحدة، يحاول منعه من مواصلة عمليته، بينما وعدته القاهرة بمضاعفة جهودها لدعمه أفريقياً كونها تترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي"، مؤكداً أنّ "حفتر مستاء بشكل كبير من حلفائه".
وتمكّنت قوات حكومة "الوفاق" من رد حملة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، بعد أيام من إطلاقها، في 4 إبريل/نيسان الحالي، حيث أكد المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة "الوفاق" محمد قنونو، "اكتمال تأمين طوق العاصمة، والاستعداد لتغيّر المعركة من الدفاع إلى الهجوم".
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام الراضي، عن لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحفتر، أمس الأحد، في قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة، لــ"بحث مستجدات وتطورات الأوضاع في ليبيا".
وأكد النائب الليبي، عودة حفتر بــ"خيبة أمل كبيرة" من مصر، مشيراً إلى أنّ "حفتر لايزال يعوّل على ضغط الرياض على القاهرة، من أجل دعمه بغطاء جوي في معاركه الحالية".
ورغم مجاهرة روسيا بمنعها صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي، يدعو قوات حفتر إلى الانسحاب من طرابلس، إلا أنّها لم تعلن عن زيارة حفتر لموسكو، في الأيام الماضية، بينما أكد البرلمان الليبي أنّ حفتر زار العاصمة الروسية "سراً"، قبل أن يصل إلى القاهرة، أمس الأحد.
ظهور إيطاليا
وتوقّع الخبير الأمني في الشأن الليبي محيي الدين زكري، أن "يلجأ حفتر للتصعيد العسكري كما يحدث الآن عبر تكثيف القصف البري والجوي" في طرابلس، معتبراً أنّ "الهدف من ذلك هو إرسال رسالة للقول إنّه (حفتر) لا يزال قوياً، وللضغط على خصومه لطلب العودة إلى طاولة المفاوضات".
وقال زكري لــ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ "معركة حفتر لم تكن محسوبة، وانكساره السريع لا يعني نهاية المعركة، فيمكن أن يقدّم الخبراء الفرنسيون دعماً من نوع ما، لإعادة توازن قواته والعودة بالمشهد الليبي إلى فصل المفاوضات السياسية السابق".
وأعرب عن اعتقاده بأنّ "أياً من الدول كروسيا أو مصر، لن تقدّم أي دعم عسكري لحفتر في طرابلس، بسبب الانقسامات الدولية، وظهور إيطاليا العلني في الساحة كداعم لحكومة الوفاق".
وأكدت إيطاليا، السبت، رفضها أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، معتبرة أنّه "لن يشكل حلاً للصراع" في ضوء حرب حفتر على طرابلس، محذرة من أنّ أي تدخل قد يتسبب بنزوح جماعي للاجئين عبر البحر المتوسط نحو أوروبا.
ودعمت إيطاليا، وهي مستثمر كبير في قطاع النفط الليبي، حكومة "الوفاق" في طرابلس المعترف بها دولياً ومن قبل الأمم المتحدة. واستضافت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مؤتمر باليرمو بشأن الأزمة الليبية، والذي انتهى بنتائج لم تصغ على شكل اتفاق، وغاب حفتر عن صياغته.
كما أكدت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، في تصريحات، السبت، وجود 400 جندي من القوات الإيطالية في مصراتة، بالإضافة لقوة أخرى بميناء طرابلس.
ويشير مروان دويب الباحث الليبي في الشؤون السياسية، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إلى أنّ "معركة طرابلس ليست كما يراها حفتر عسكرية، بل بالنسبة للدول التي دعمته هي معركة سياسية من جهتها".
وأوضح في هذا الإطار أنّ "جميع الأطراف الإقليمية والدولية، تعلم بأنّ حفتر لن يحسم المعركة لكن تهديده للعاصمة سيضغط في اتجاه حصدها الكثير من المكاسب الجديدة في ليبيا"، مشيراً إلى أنّ "الداعم الأول لزحف حفتر باتجاه العاصمة، كان من قبل فرنسا الخصم التقليدي لإيطاليا في ليبيا".
وقال دويب، لــ"العربي الجديد"، إنّ "تلك الدول يمكن أن تقدّم لحفتر دعماً لوجستياً أو سياسياً، لكنها لن تجازف بتقديم دعم عسكري مباشر، وحفتر يعلم الآن أنّه تورط" في عملية طرابلس.
ولفت دويب إلى أنّ "تغيّر خطاب حفتر أكثر من مرة، يدل على ارتباكه"، موضحاً أنّ "حفتر قال في البداية إنّه سيحرر العاصمة من دواعش المال العام، ثم قال من المليشيات، ثم قال من الإرهاب، وسقطت كل تلك الادعاءات لأنّها أسباب غير منطقية"، فبنغازي في الشرق، وكل ليبيا تعج بالمليشيات والإرهاب، وبطانته هو شخصياً متورطة في سرقة المال العام".
معركة لا تشبه أي معركة
وبيّن دويب أنّ "ارتباط مصالح أغلب الدول الفاعلة في المشهد الليبي بطرابلس، جعل من معركة العاصمة لا تشبه معارك حفتر في الجنوب وفي الشرق"، مقدّراً بأنّ "حفتر توهّم أنّ المال السعودي يمكن أن يشتري دعماً عسكرياً من حلفائه، لكنّه نسي الحسابات السياسية المعقّدة في طرابلس، ووصول طائرات أو دعم عسكري من أي دولة، سيفتح الباب لتدخل دول أخرى، ما سيصعّد الخلافات الدولية بشكل أكبر".
ولفت دويب إلى أنّ "طرابلس والغرب الليبي ككل، ليس مهماً لأمن مصر"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ "توقيت جولة حفتر ذو أهمية كبيرة، كونه جاء بعد لقائه بمسؤولين روس في موسكو، وعقب انتهاء زيارة السيسي لواشنطن، ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يمكن أن يكون له علاقة بتطور الأوضاع في طرابلس، بسبب دخول أطراف دولية على خط المعركة".
وقال دويب إنّ "تصريحات المتحدث باسم قوات حفتر أحمد المسماري، أكدت وجود طيارين إيطاليين شاركوا في قصف مواقعه في مدينة غريان، خلال الأيام الماضية، كما أعلنت إيطاليا عن استمرار وجود قواتها في مصراتة"، مرجّحاً أنّ "حفتر كان يسعى لتدخل أميركي روسي للحد من تأثير الوجود الإيطالي إلى جانب قوات حكومة الوفاق".
وكانت الولايات المتحدة قد دعت، الإثنين الماضي، إلى "وقف فوري" للعمليات العسكرية في ليبيا. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، إنّ واشنطن "تشعر بقلق عميق من القتال قرب طرابلس"، وتحثّ على إجراء محادثات لوقف القتال.