هدوء نسبي بإدلب بعد 11 يوماً دامياً: نحو ألف غارة ومئات الضحايا

01 أكتوبر 2017
البحث عن ضحايا ببلدة حارم بإدلب(عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
ساد هدوءٌ نسبي حذر في محافظة إدلب شمال غربي سورية منذ صباح أمس السبت، بعد 11 يوماً دامياً، قُتل فيها عشرات المدنيين، بغاراتٍ روسية-سورية، في أعنف تصعيدٍ للقصف الجوي على هذه المحافظة وأرياف حماة وحلب المجاورة لها، منذ نحو أربعة أشهر.

وتنفس السكان المحليون في إدلب ومحيطها الصعداء أمس، مع رجحان الهدوء النسبي منذ ساعات الفجر الأولى، والذي سبقه ساعاتٌ عصيبة شهدت فيها المحافظة مجزرة، قُتل فيها نحو ثلاثين شخصاً في بلدة أرمناز بريف إدلب الشمالي الغربي، إذ كانت طائرة حربية من طراز "سو-24" قد قصفت حياً وسوقاً شعبياً في البلدة نهار الجمعة. وسبق ذلك بساعات، مجزرة مماثلة في بلدة حارم، التي تبعد أقل من ثلاثة كيلومترات عن الشريط الحدودي مع تركيا، بريف إدلب الشمالي، قُتل فيها أكثر من عشرة مدنيين. وقد واصلت فرق "الدفاع المدني السوري" حتى عصر السبت، عمليات البحث عن جثثٍ أو ناجين تحت الأنقاض، إذ أفاد سكانٌ محليون، بأن فرق الإنقاذ انتشلت طفلة قضت بالغارة التي استهدفت حارم، مرجحةً ارتفاع حصيلة الضحايا نتيجة مواصلة عمليات البحث، ووجود عدد كبير من الإصابات الخطيرة التي أوقعها الهجوم.

وقد وثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها، صدر يوم الجمعة، مقتل 137 شخصاً، في القصف الجوي على محافظة إدلب، قتلت القوات الروسية معظمهم. وأوضحت الشبكة في تقريرها أنها "سجّلت أبرز انتهاكات قوات الحلف بين النظام السوري والروس في محافظة إدلب منذ 19 حتى 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، وذلك بعد تثبيت منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب نهاية الجولة السادسة من مفاوضات أستانة". وأوضحت أنّ "الطائرات نفّذت ما لا يقل عن 714 غارة جوية على محافظة إدلب، إضافة إلى ما لا يقل عن 13 برميلاً متفجراً، ألقاها طيران النظام المروحي، واستهدفت منشآت حيوية مدنية عدة، كان أبرزها مشافٍ ومراكز للدفاع المدني ومدارسَ ومحطات تحويل للطاقة الكهربائية". كما وثَّق التقرير "مقتل 137 شخصاً، بينهم 23 طفلاً، و24 سيدة، وثلاث مجازر على يد النظام والروس، قتلت منهم القوات الروسية 128، بينهم 21 طفلاً، و21 سيدة، وارتكبت مجزرتين، في حين تسببت قوات النظام بقتل 9 مدنيين بينهم طفلان و3 سيدات". كذلك بيّنَ التقرير أن "ما لا يقل عن 46 عملية اعتداء على مراكز حيوية مدنية، 36 منها على يد القوات الروسية بينها 8 منشآت طبية، و5 مدارس، و12 مركزاً للدفاع المدني، إضافة إلى 10 حوادث اعتداء على يد قوات النظام، من بينها منشأتان طبيتان، ومدرسة، و4 مراكز للدفاع المدني"، مشيراً إلى أن "القوات الروسية استخدمت الذخائر العنقودية".

وقال مدير الشبكة، فضل عبد الغني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يعد هناك أي معنى لمسار واتفاقيات أستانة، عندما تقوم قوات الضامن الروسي وحليفه السوري، بقصف مقرات وقتل عناصر من فصائل (معارضة) شاركت في أستانة"، معتبراً أن ذلك "هو من دون شك دعم لجبهة النصرة مقابل إضعاف هذه الفصائل"، مطالباً بـ"محاسبة مرتكبي هذه الجرائم، المتسببين بإفشال اتفاقيات خفض التصعيد وقتل المدنيين".

وعلى الرغم من أن تقرير الشبكة الحقوقية ذكر أن الغارات التي استهدفت إدلب لا تقل عن 714 غارة، منذ التاسع عشر من الشهر الماضي، وهو الحد الأدنى الموثق للهجمات الجوية، فإن ناشطين في المحافظة أكدوا أن عدد الغارات أكبر من ذلك بكثير. وقد تحدث "مركز كفرنبل الإعلامي" عن أن الهجمات الجوية تجاوزت 1200 غارة خلال 11 يوماً من التصعيد، ذاكراً في إحصائية نشرها السبت، أن الهجمات استخدمت فيها ذخائر مختلفة، من براميل متفجرة وصواريخ ارتجاجية وصواريخ فراغية.

وأكد المركز الذي يديره ناشطون في محافظة إدلب، أن عدد الضحايا المدنيين يزيد عن 200 قتيل و300 جريح، فضلاً عن عشرات المفقودين وحالات بتر الأطراف والتشوه، مشيراً إلى أن ستة مشاف أساسية في إدلب خرجت عن الخدمة تماماً، إثر تعرضها للقصف الجوي. وقد شلَّ هذا التصعيد الذي خلف مجازر ومآسي، الحياة في عموم المحافظة. وقد أعلنت مديرية التربية والتعليم في إدلب، أنها قررت إغلاق المدارس في المحافظة، نظراً "لاستمرار الهجمة الشرسة من قبل العدوان الروسي والطيران الحربي السوري"، مبينةً أن تعليق الدوام المدرسي سيستمر ثلاثة أيام، اعتباراً من أمس السبت.

وكان "الائتلاف السوري" حذر يوم الجمعة، من أن عمليات القصف العشوائية على المدن والبلدات السورية، ستؤدي إلى تقويض العملية السياسية وفشلها، محملاً روسيا المسؤولية الكاملة بسبب دعمها وشراكتها لقوات النظام السوري في الجرائم المرتكبة. وحذرت نائبة رئيس الائتلاف الوطني، سلوى أكسوي، في بيان "من غض الطرف عن الجرائم التي تحدث في سورية بسبب عمليات القتل التي تنتهجها روسيا"، موضحةً أن "القصف العشوائي يستهدف المدنيين وقوى الثورة بهدف تصفيتها والقضاء عليها"، وفق تعبيرها.

من جهة أخرى، نفت مصادر محلية في محافظة إدلب الأنباء التي أعلنت عنها وكالة "أنترفاكس" الروسية حول بدء انتشار شرطة عسكرية تركية في المحافظة. وتواصلت "العربي الجديد" مع ناشطين في المحافظة، وفي معبر باب الهوى الحدودي بين سورية وتركيا، وهم نفوا ما أوردته الوكالة التي كانت قد ذكرت أنه "لا توجد شرطة عسكرية روسية في إدلب حتى الآن، لكن عناصر الشرطة العسكرية التركية ينتشرون هناك".

المساهمون