وقال مصدر في وزارة الصحة إنه لم يكن هناك بد من فتح عدد إضافي من المستشفيات لتلقي حالات الاشتباه وفرزها وأخذ المسحات منها لتحليل فحص كورونا، وذلك نظراً للزيادة الملحوظة في إقبال المواطنين المصابين بأعراض مرضية متدرجة في شدتها، على مستشفيات الصدر والحميات، بما يفوق بكثير قدرة تلك المستشفيات على استقبالهم والتعامل مع تلك الحالات، خصوصاً الحالات المصابة فعلياً بأعراض خفيفة، أو الحالات التي أظهرت الأشعة الخاصة بها احتمالاً قوياً للإصابة بكورونا. مع العلم أن الوزارة تحاول جاهدة تحويل 35 من مستشفيات الصدر والحميات إلى مستشفيات عزل طبي لذوي الأعراض الشديدة، وهو ما يتطلب بالضرورة اتخاذ تدابير لتخفيف إقبال حالات الاشتباه عليها.
وأضاف المصدر أن عدد المستشفيات المقرر تحويلها لاستقبال حالات الاشتباه يبلغ 320، دخلت 100 منها الخدمة فعلياً، أما العدد الباقي فما زالت الوزارة تحاول توفير احتياجاتها من واقيات طبية وأقنعة وأدوات لأخذ المسحات وغيرها من المستلزمات، التي تعاني معظم المستشفيات من نقص حاد بها، نتيجة ضعف الاعتمادات المالية من جهة واتخاذ إجراءات بيروقراطية على مستوى الإدارات الصحية للحيلولة دون صرفها بكميات كبيرة من جهة أخرى. وأوضح المصدر أن عاملاً رئيسياً أدى إلى زيادة أعداد الحالات المسجلة خلال الأسبوع الماضي، وهو زيادة إقبال المواطنين على المستشفيات لإجراء التحاليل بمجرد ظهور أعراض عليهم، مؤكداً أن الوزارة لم تزد بشكل كبير عدد التحاليل الحاصلة يومياً، لكن عدد المصابين بالنسبة لعدد التحاليل زاد بشكل كبير، مما يدل على استمرار انتشار الوباء وعدم تسجيل أي ذروة رقمية حتى الآن.
وذكر المصدر أن الوزارة أجرت حتى الآن 140 ألف تحليل، وأن نسبة الحالات المكتشفة هي 12 في المائة من إجمالي التحاليل، لكن هذه النسبة ليست معبّرة تماماً عن تطوّر الوباء في مصر، ونجاعة الوصول لبؤر التفشي، لأن النسبة كانت أقل من نصف هذا الرقم حتى الأسبوع الأول من الشهر الحالي، مما يعني أن نسبة الاكتشاف زادت لمعدلات عالية. وهو ما يحمل معنى إيجابياً بارتفاع الوعي بين المواطنين وإقبالهم على الفحص حال الاشتباه، وفي الوقت نفسه يحمل معنى سلبياً يكمن في استمرار توالد البؤر وانتقال العدوى من مناطق ومجتمعات غير مرصودة إلى مناطق أخرى.
وأشار المصدر إلى أن المنظومة الطبية ستعمل في الأيام المقبلة بناء على رغبة بعض المسؤولين في المحافظات المدفوعين باعتبارات إرضاء لبعض الأجهزة، على تقليل أعداد الإصابات المكتشفة في مناطق بعينها، من خلال فرض عراقيل إضافية على التحاليل ومنع استقبال حالات الاشتباه وغيرها من الممارسات التي لم تستطع الصمود أمام التزايد الكبير في أعداد الحالات.
وشرح المصدر هذه النقطة بالقول إن هناك خلافات داخل الوزارة وداخل لجنة إدارة الأزمة بين مسؤولين واقعيين يرغبون في التعامل مع الحقائق من دون تزييف وفي إطار الإمكانيات الضعيفة المتاحة، وبين مسؤولين آخرين من أنصار مقترحات "مناعة القطيع" وغيرها من الرؤى التي قد تكبد المجتمع خسائر بشرية كبيرة. وقد حاول الفريق الثاني منذ أسبوعين التظاهر والترويج بأن مصر وصلت لذروة الإصابات وأن بعض المحافظات سجلت "صفر إصابات" في بعض الأيام على غير الواقع، أو بطريقة مصطنعة بالأحرى، وبمرور الوقت وجدت المستشفيات نفسها في تلك المناطق أمام تدفق عدد كبير من حالات الاشتباه والإصابة، التي ربما انتقلت لها العدوى جراء عدم السماح بالتحليل والعزل في بعض الفترات السابقة، وهو ما يعتبر إخلالاً جسيماً بواجبات العمل وخداعاً للرأي العام.
لكن هذه الثقوب الواسعة في منظومة إدارة الأزمة، قابلة للتفاقم لأسباب أخرى تعود في حقيقتها أيضاً إلى ضعف التمويل وسوء إدارة القطاع الصحي وسوق الدواء، أبرزها اختفاء العديد من الأدوية المهمة في بروتوكول علاج كورونا من الأسواق، مما قد يحرم الحالات التي ستعزل منزلياً من استخدامها لفترات طويلة، وتم توجيه أكبر قدر من كميات تلك الأدوية مثل "بلاكونيل، هيدروكسي كلوروكين، تاميفلو"، إلى المستشفيات المملوكة للدولة والجيش، واختفت بصورة شبه كاملة من الأسواق، لا سيما بعد إقبال المواطنين على شرائها في بداية الأزمة دون داع طبي، ورغم التأكيد على استخدامها تحت إشراف الطبيب.
وشرح المصدر في وزارة الصحة، أن هناك محاولات لتوفير كميات من تلك العقاقير في الصيدليات الحكومية والخاصة الكبرى، على أن يتم صرفها فقط بواسطة أوراق تثبت العزل المنزلي للحالة، لأن التجربة العملية المبدئية مع الحالات التي خضعت للعزل المنزلي منذ مطلع الأسبوع الماضي وحتى الآن، أظهرت تأخر التعافي حال عدم استخدام تلك العقاقير واستخدام عقاقير أخرى توصف عادة لنزلات البرد والإنفلونزا العادية. وهي كل ما يتمكن الأطباء بمستشفيات الفرز حالياً التوصية باستخدامه على حالات العزل المنزلي. وتقترب حالات الإصابة بكورونا في مصر من 16 ألفاً بعد أيام من الزيادة المستمرة بتسجيل أكثر من 700 حالة يومياً، مع انخفاض معدلات الوفاة إلى 4.6 في المائة وزيادة نسبة التعافي أيضاً إلى نحو 28 في المائة.
وسبق أن تجاهلت الحكومة مناشدة العديد من الجهات تشديد الحظر، ومددت تطبيق إجراءاتها المخففة منذ بداية شهر رمضان (الأسبوع الثالث من شهر إبريل/نيسان الماضي) قيود التدابير الاحترازية وحظر التجول إلى نهاية شهر رمضان، ليستمر التجول من التاسعة مساءً وحتى السادسة صباحاً، بعدما كان يبدأ في الثامنة مساءً، فضلاً عن إعادة تشغيل المحال التجارية والحرفية والمراكز التجارية (المولات) يومي الجمعة والسبت. وأعادت الحكومة كذلك تشغيل الخدمات الحكومية تدريجياً بعودة عمل بعض المصالح جزئياً كالشهر العقاري والمحاكم والمرور.
وأعلنت الحكومة تشديد الإجراءات فقط في الأسبوع الحالي بمناسبة عيد الفطر، وسيتم حظر التجول من الخامسة مساءً وحتى السادسة صباحاً، ووقف المواصلات الجماعية، وإغلاق المحال التجارية والشواطئ والمولات والمنتزهات والحدائق، على أن تعود الإجراءات مخففة من 30 مايو/أيار الحالي ولمدة أسبوعين آخرين. وتتضمن خطة التعايش مع الوباء التي كانت الحكومة قد كلفت وزيرة الصحة هالة زايد بإعدادها، بنوداً عدة غامضة لإمكانية تطبيقها في مصر ولمدى واقعيتها على ضوء الكفاءة الفنية والاقتصادية للدولة، مثل إلزام جميع المواطنين بارتداء الكمامات لأكثر من شهر ونصف الشهر، في الوقت الذي تراجعت فيه الحكومة عن فرض تسعيرة جبرية للكمامات والكحوليات لمدة شهرين، بعد ضغط من كبار مستوردي وموزعي ومصنعي تلك السلع وغضبهم من ضعف المردود المالي العائد عليهم إذا تم تنفيذ قرار رئيس الوزراء.