التدخل الأميركي في ليبيا يُحجّم دور حفتر

13 اغسطس 2016
تتراجع شعبية حفتر داخلياً وخارجياً (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
توالت الأحداث السياسية والعسكرية في ليبيا منذ إعلان رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، بدء الضربات الأميركية الجوية على معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في مدينة سرت، أخيراً، بطلب من المجلس الرئاسي التابع للحكومة، وسط تسريبات من قادة ميدانيين تابعين لقوات عملية "البنيان المرصوص" تؤكد مشاركة قوات خاصة بريطانية وأميركية في تنفيذ عمليات نوعية على الأرض.

تأتي هذه التطورات بالتوازي مع أنباء عن انسحاب فرنسا من شرقي ليبيا التي كانت قد اعترفت، رسمياً، بوجودها إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد مقتل ثلاثة من جنودها، الشهر الماضي. ويؤكد آمر قاعدة بنينا الجوية، محمد منفور، لـ"العربي الجديد"، أن "ضباطاً ومستشارين عسكريين فرنسيين، وأميركيين، وبريطانيين غادروا منذ مدة قاعدة بنينا في بنغازي"، معللاً مغادرتهم بـ"انتهاء مهماتهم في التدريب وتقديم خبراتهم للتعامل مع المعدات العسكرية وأجهزة الرصد والمراقبة". 

ويبدو أن الانسحاب الفرنسي عن دعم قوات حفتر جاء بعد الاحتجاج الشديد الذي أبداه المجلس الرئاسي في بيانه حول اعتراف فرنسا بوجود قوات لها على الأرض، واستدعائه السفير الفرنسي لدى طرابلس، المقيم في تونس، أنطوان سيفان، لتوضيح طبيعة عمل وجود هذه القوات شرقي البلاد.

ويتضح تراجع الموقف الفرنسي الداعم لحفتر في مشاركتها بإصدار بيان الدول الست الكبرى، أول من أمس الخميس، الذي طالب بضرورة وضع كل المنشآت ومواقع النفط تحت سيطرة المجلس الرئاسي بعد توارد أنباء عن نية هجوم كتيبة 194 التابعة لحفتر، والتي عسكرت قبل أيام على مقربة من ميناء الزويتينة بالهلال النفطي، بغية السيطرة عليه. ولم يعد خافياً على أحد أن القرار الأميركي الداعم لحكومة السراج الذي تجلى بضربات جوية ضد "داعش" في سرت غيّر من مواقف دول كثيرة كانت تعلن عن دعمها لمسار الحوار السياسي ولا تخفي في الوقت ذاته دعمها للواء حفتر.





وأعلنت القاهرة (الداعمة الأكبر لحفتر)، أخيراً، عن رعايتها للقاءات ومشاورات بين رئيسَي برلمان طبرق، عقيلة صالح، والمجلس الرئاسي، فائز السراج، ما يؤشر بوضوح إلى تحوّلات في مواقفها إزاء حفتر وداعميه السياسيين شرقي ليبيا. وكانت مصر أولى الدول العربية التي رحّبت بإعلان واشنطن بدء غاراتها العسكرية على "داعش" بسرت، في موقف معلن بأنها لم تملك القدرة على رفض القرار الأميركي، لا سيما في ظل تخبطها بمشاكلها السياسية والاقتصادية.

وبالتوازي مع تراجع العمليات القتالية في بنغازي، التي يرى مراقبون أنها تأثرت بشكل كبير بسبب نجاح وزير الدفاع المكلف، المهدي البرغثي، في فصل كتيبتَين تابعتَين له في بنغازي عن قوات حفتر، ونقل تبعيّتهما إلى وزارته في طرابلس، بدأت تحركات حفتر الذي يشعر بفقدانه داعميه الإقليميين، بدءاً من القاهرة التي غادرها الأسبوع الماضي، متوجهاً إلى العاصمة الأردنية عمّان في زيارة للقاء مسؤولي المملكة، وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش الأردني، الفريق مشعل محمد الزبن. ويسعى اللواء المتقاعد من خلال هذه التحركات، للحصول على دعم معنوي يعيد له الزخم في مواجهة تزايد الدعم الدولي لحكومة السراج.

وبحسب مصادر عسكرية مقربة من حفتر، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الأردن تراجع عن وعوده بتدريب عناصر ليبية على أراضيه، ليكتفي بإمكانية تقديم استشارات عسكرية. وتقول المصادر ذاتها إن "ردة فعل حفتر ستكون قوية خلال الأيام القليلة المقبلة من خلال إطلاق حملة عسكرية مكثّفة في بنغازي، والبدء في اقتحام درنة، لإظهار قوته أمام العالم والإثبات للدول إمكانية المراهنة عليه في الحرب على الإرهاب".

وبحسب المصادر ذاتها، فإن مسؤولين أردنيين أمهلوا حفتر مدة أسبوعين لإنهاء السيطرة على بنغازي والبدء في اقتحام درنة لانتزاعها من مقاتلي مجلس شورى المدينة. وتضيف المصادر أن دولة الإمارات، وهي من داعمي حفتر، دخلت على خط القاهرة الراعي لتسوية سياسية بين البرلمان والمجلس الرئاسي، وطالبت بممارسة ضغوط على الطرفين للقبول بشخصيات ليبية محايدة ضمن تشكيلة حكومة الوفاق كخطوة أولى لإنهاء الصراع.


المساهمون