حرب أجندات في العراق: تمويل إيراني لأحزاب سنية يستنفر أميركا

17 مارس 2018
تستبق الانتخابات بتحديث سجلات الناخبين (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
الحديث المتداول على نطاق واسع داخل الوسط السياسي العراقي، خلال الأيام القليلة الماضية، بشأن تمويل الكتل السياسية العربية السنية وأحزاب الأقليات من قبل إيران، أو أنها عرضت تمويلاً عليها في هذه الانتخابات، وجد أخيراً من يردده على مستوى رسمي من خلال تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، والتي تضمنت اتهاماً صريحاً لإيران بالسعي للتأثير في الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر تنظيمها في شهر مايو/أيار المقبل. ويقابل ذلك حديث مشابه داخل أوساط مقربة من التحالف الوطني الحاكم بالعراق عن وجود دعم سعودي لكتلتي مقتدى الصدر الذي سبق أن زار السعودية وحيدر العبادي خلال الانتخابات.

ولم يتردد وزير الدفاع الأميركي، بالقول في تصريحات صحافية لدى عودته من جولة في الشرق الأوسط وأفغانستان، ليل الخميس – الجمعة، إن "إيران تحذو حذو روسيا" في العبث بالانتخابات العراقية. واستطرد وزير الدفاع قائلاً: "لدينا أدلة مثيرة للقلق على أن إيران تحاول التأثير باستخدام المال في الانتخابات العراقية. هذه الأموال تستخدم للتأثير على المرشحين والأصوات. باعتقادنا أنها ليست كمية ضئيلة من الأموال. وهذا أمر غير مفيد أبداً"، مشيراً إلى أنه يتعين على إيران السماح للعراقيين بأن يختاروا مستقبلهم.

وعلى الرغم من أن الدعم الإيراني للأحزاب والكتل السياسية، تحديداً الشيعية، منذ الاحتلال الأميركي للعراق 2003 ولغاية اليوم معلن ولا تنكره هذه الأحزاب أو القوى بل وتثني عليه باستمرار، إلا أن الانزعاج الأميركي اليوم نابع من دخول إيران في ساحة التأثير على القوى السياسية السنية وأحزاب الأقليات خاصة في نينوى وكركوك.

وتعرض إيران تمويلاً مالياً ودعماً لمشاريع تنموية في المدن السنية المدمرة التي احتلها تنظيم داعش أو عاثت العمليات العسكرية فيها الخراب، والتي تبلغ مساحتها من إجمالي مساحة العراق العامة نحو 47 في المائة. وتشمل هذه المناطق الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى ومدن جنوب وغرب كركوك وشمال بابل وحزام بغداد.

كما تعمل إيران على استغلال انقسام البيت الكردي خصوصاً بعد استفتاء إقليم كردستان الخاص بالانفصال عن العراق، مستفيدة من الانفتاح المتزايد من معسكر السليمانية (الطالبانيين) على إيران.

وفي السياق، أوضح قيادي بارز بالتحالف الوطني الحاكم في العراق، وتسلّم خلال حكومة عام 2006 منصباً مهماً في الدولة العراقية، ويجري زيارة خاصة منذ أيام الى العاصمة البريطانية لندن، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الولايات المتحدة تشعر بقلق كبير من خطوات إيرانية لكسب أحزاب سنية عراقية في غرب وشمال العراق والعاصمة بغداد، من خلال دعمها مادياً بسبب عدم قدرتها على استعادة نفوذها السابق إثر نقمة السكان السنة عليها".

ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن "الإيرانيين ومنذ زيارة مستشار المرشد الإيراني، علي ولايتي، لبغداد الشهر الماضي فتحوا قنوات اتصال مع أحزاب سنية بينها إسلامية وأخرى قبلية لكن هل تم تمويلها ودفع المال لها أم لا هذا ما لم يمكن التأكد منه أو القول به". وأضاف "لكن من ظاهر حملاتهم الدعائية والإنفاق الكبير يبدو أن لديهم أموالاً رغم أنهم كانوا يشكون من مسألة ضعف إمكانياتهم المادية بالسابق وإغلاق عدد من مقراتهم لعدم قدرتهم على دفع تكاليفها". ولفت إلى أنه "قد يكون انطلاق مشاريع خيرية وتبرعات داخل مدن شمال وغرب العراق ضمن دعم إيران لهذه الأحزاب".

من جهته، قال النائب كاظم الشمري، وهو رئيس كتلة تحالف القوى الوطنية في البرلمان العراقي بزعامة إياد علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "للأسف نرى بعض الأحزاب السنية قبلت على نفسها استقبال أموال من إيران أو من أي دولة أخرى. وأعتقد أن أي حزب سني أو شيعي أو أي تسمية أخرى يقبل على نفسه أن يستقبل أموالاً من خارج الوطن سواء من إيران أو غيرها غير أهل للثقة او تمثيل الشارع". ولفت إلى أن "أي حزب من هؤلاء لا يمثل العراقيين وهو بات يمثل الجهة التي منحته الأموال ويخدمها".

وشدد الشمري على أنه "يجب الآن تفعيل قانون الأحزاب العراقي، خصوصاً بند تمويل الأحزاب والكشف عن مصادر أموالها وأرصدتها". وأعرب عن اعتقاده أنه "آن الأوان أن نطبق القانون. فنحن نرى أن هناك أموالاً بدأت بالتدفق للشارع وبكثرة، وهذا دليل وجود تمويل خارجي من دول خارجية مثل إيران ودول أخرى". وختم بالقول إنه يتعين "على رئيس الوزراء وعلى المفوضية أن تطبق قانون الإحزاب بحق كل حزب سياسي"

من جانبه، قال القيادي في تحالف القوى العراقية، النائب عن محافظة الأنبار حامد المطلك، إنه لا "يستغرب تمويل إيران لأحزاب أو قبول أحزاب بالحصول على تمويل خارجي". ولفت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "هذه المعلومات خطيرة، لأن أخذ تمويل من إيران أو غيرها خطير وسيدمر العملية الانتخابية والديمقراطية بالعراق". وأعرب عن اعتقاده بأن "إيران لا تريد الاستقرار للعراق، وهذا ما نشهده يومياً ونلمسه". واعتبر أنه يتعين "على مفوضية الانتخابات أن تكون واعية وأن تكون نزيهة وحرة، وأن تكون الأمم المتحدة حاضرة وتراقب العملية السياسية".

في المقابل، قال العضو بالتحالف الوطني الحاكم، كاظم الصيادي، إن كلام وزير الدفاع الأميركي لا قيمة له متهماً واشنطن بأنها "من تتدخل وتموّل". وأضاف الصيادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يوجد "دول تحاول أن تصنع جيوش مرتزقة لها بالعراق من السياسيين". واتهم الأميركيين بأنهم متورطون على مستوى الانتخابات في دعم أطراف على حساب أخرى". وحول وجود دعم إيراني لقوى سياسية سنية، قال الصيادي إنه يوجد "بعض الأحزاب نعم لديها موارد مالية كبيرة متأتية ليس من إيران فقط بل من دول أخرى معروفة".

وفي مقابل الاتهامات لإيران يوجد اتهامات مماثلة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتلقيهما دعما سعودياً. وتوجِه أطراف داخل الجناح اليميني المقرب لإيران في التحالف الوطني الحاكم اتهامات لكتلتي الصدر والعبادي بحصولهما على دعم سعودي في الانتخابات، وأن الرياض تسعى لحصول العبادي على ولاية ثانية كونه الأفضل في هذه المرحلة.

ووفقاً لمصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يتصدر فريقه ترويج هذه المعلومات داخل الوسط السياسي في بغداد، فإن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن "السعودية قررت أن تستثمر في الأقوى على الساحة وترك شخصيات سابقة لم تنجح في تحقيق شيء، ولذلك جاء قرارها بدعم العبادي والصدر"، على حد قولها.

المساهمون