يتابع الخبراء والسياسيون الروس عن كثب تطورات الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة، متسائلين عن مدى تأثيرها على المشهد السياسي الداخلي الأميركي، وما قد يترتب عليه من تداعيات على العلاقات بين موسكو وواشنطن، لا سيما في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، على الرئيس دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة الأميركية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. كما لم يخلُ الموقف الروسي من البحث عن نظرية المؤامرة، والتعامل مع الاضطرابات الأميركية على أنها مستوحاة من نموذج "الثورات الملونة" لإسقاط الأنظمة غير الحليفة لواشنطن. وفي هذا الإطار، يشير الخبير في الشأن الأميركي بالمجلس الروسي للشؤون الدولية أليكسي ناوموف إلى ثبات موقف موسكو منذ انتخاب ترامب رئيساً في 2016، ومفاده بأن الحملة السياسية ضده يقودها خصومه السياسيون الرافضون لنتائج الانتخابات، مقراً، في الوقت نفسه، بأن مثل هذا الرأي قد لا يكون مستنداً بالضرورة إلى تحليل عميق ومتعدد الجوانب.
وفي مقال بعنوان "تعميق الانقسام: أعمال الشغب في الولايات المتحدة وتداعياتها السياسية"، يعتبر نائب مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة، التابع للمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، دميتري سوسلوف، أن الاحتجاجات الأميركية لن تؤدي بالضرورة إلى خروج ترامب من البيت الأبيض، في يناير/ كانون الثاني 2021، ما لم يتمكن الديمقراطيون من اعتلاء موجة الاحتجاجات العامة لجر الناخبين المتأرجحين إلى صفهم. ويشير سوسلوف، في مقال نشر في موقع مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، إلى أن ناخبي ترامب، الذين يملكون نظرة كراهية لأعمال الشغب وتحطيم التماثيل وركوع البيض تضامناً مع الأميركي من أصل أفريقي جورج فلويد، الذي قتل على يد الشرطة، لا يزالون يؤيدون رئيسهم. ويصف ما يجري بأنه المحاولة الثالثة للديمقراطيين و"الإستبلشمنت" التقليدي للتخلص من ترامب بعد اتهامه بالتآمر مع روسيا أثناء الحملة الانتخابية، وإجراءات عزله الفاشلة، وذلك بهدف تعبئة الناخبين المتأرجحين، ومنعه من الفوز بولاية جديدة.
ورغم أن التشديد على عنصرية ترامب وتزايد الانقسامات الداخلية في عهده يهدفان إلى تعبئة الأميركيين من أصحاب التوجهات اليسارية والمعتدلة ضده، إلا أن كاتب المقال يعتبر، في الوقت نفسه، أن بايدن لا يزال مرشحاً ضعيفاً بسبب كبر سنه ومشكلاته الصحية وفضائح النخبة القديمة، مشككاً في قدرته على تعبئة جميع معارضي ترامب. ويقر بأن "ترامب لم يكن، وحتى أنه لم يحاول أن يكون رئيساً لجميع الأميركيين"، إلا أن سلفه باراك أوباما لم يكن كذلك أيضاً، كما لن يصبح بايدن "موحداً" في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية.
وفيما يتعلق بتأثير الاضطرابات الحالية على السياسة الخارجية الأميركية، يتوقع سوسلوف استمرار "سياسة الردع المزدوج" الموجهة إلى روسيا والصين في آن معاً، خصوصاً في حال اتهام موسكو بالتدخل في الاحتجاجات الأميركية وإشعال الفتنة العنصرية. ويخلص إلى أن منع اندلاع حرب يجب أن يكون الهدف الرئيسي في السياسة الروسية حيال الولايات المتحدة في الظروف الحالية، مقابل توجيه جهود التحكم في المواجهة إلى تعزيز العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة وشركائها في آسيا وأوروبا.