رغم أن المناطق التي اصطُلح على تسميتها "درع الفرات"، نسبةً للعملية العسكرية التركية التي حررت هذه المناطق السورية في ريف حلب الشمالي الشرقي، من سيطرة تنظيم "داعش" قبل نحو سنتين، باتت منذ انتهاء المعارك فيها ضد التنظيم، مكاناً لا يتعرض لأي قصفٍ جوي ومدفعي، ما يؤهلها لتكون أفضل المناطق أمناً في الشمال السوري، إلا أن الوضع الأمني الداخلي المترهل في هذه المناطق، وتعدد الفصائل والقوى المسيطرة، والتنافس بينها أحياناً على النفوذ، جعل مناطق "درع الفرات" تعيش حالةً من الفلتان الأمني، الذي وصل مرات عدة إلى نشوب اشتباكاتٍ بين القوى التي تسيطر هناك.
وتعددت محاولات ضبط الوضع الأمني في مناطق "درع الفرات"، ونجحت أحياناً بإرساء الاستقرار، الذي مرّ بفترات من التحسن وأخرى تراجع فيها، في ظل محاولة إدارة وتنظيم كل ما يتعلق بإدارة هذه المناطق من قِبل المجالس المحلية، التي تنسّق مع مؤسسات "الحكومة السورية المؤقتة"، والجهات الحكومية التركية.
و"درع الفرات" هو الاسم الذي أطلقه الجيش التركي على العملية العسكرية التي بدأت في 24 أغسطس/آب 2016، بهدف تحرير مساحة نحو 100 كيلومتر مربع من الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، وبعمق يصل إلى أكثر من ثلاثين كيلومتراً، من سيطرة تنظيم "داعش" على هذه المناطق، التي تفصل أيضاً بين عفرين غرباً، التي كانت حينها تحت سيطرة الوحدات الكردية، وباقي مناطق سيطرة الوحدات شرقاً من عين العرب (كوباني) نحو تل أبيض ثم الحسكة. وتضم مناطق "درع الفرات" مدناً وبلدات عديدة، أبرزها الباب، وإعزاز، ومارع، وجرابلس، والراعي، وعشرات القرى الأخرى الواقعة في شمال شرق حلب.
ورغم أن عملية "درع الفرات"، نجحت منذ اليوم الأول لانطلاقها بطرد "داعش" من معقله الهام في جرابلس، وتقدّمت لاحقاً بشكل متسارع، ضمن المناطق التي كانت خاضعة لـ"داعش"، الذي انسحب نحو معاقله في مسكنة شرقي حلب، والرقة ودير الزور، إلا أن هذه العملية العسكرية، لم تنتهِ فعلياً إلا بعد السيطرة على مدينة الباب شرقي حلب، في مارس/آذار 2017.
ومنذ انتهاء المعارك في مناطق "درع الفرات"، باتت آمنة، لا تتعرض لأي قصف عكس المناطق القريبة منها في إدلب مثلاً، الأمر الذي شجع آلاف السوريين على الاستقرار فيها، فأصبحت وجهةً لمعظم المهجرين من ريف دمشق، وشمال حمص، وجنوب حماة، ودرعا، فضلاً عن سكانها المحليين الذين عاد معظمهم إليها، غداة طرد "داعش".
وأصبحت مناطق "درع الفرات" مكتظة بالسكان، الذين تضاعفت أعدادهم مع حالة الاستقرار الذي شهدته هذه المناطق. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشف إحصاء لـ"الحكومة المؤقتة" أن عدد سكان مدينة الباب لوحدها، ارتفع من 12 ألفاً، إلى 106 آلاف، بعد طرد "داعش". وارتفعت نسبة السكان في المدن والبلدات المهمة الأخرى، كجرابلس التي بات عدد سكانها بحسب نفس الإحصاء 36 ألفاً، وصوران 25 ألفاً، والراعي نحو 20 ألفاً، ومارع مع دابق نحو 30 ألفاً، وغيرها، فاكتظت هذه المناطق بسكانها المحليين، والقادمين الجدد، وباتت تشهد حركة سريعة بإصلاح الطرق والمنازل المهدمة أو المتضررة، وكذلك نشطت الأسواق التجارية بفضل الاستقرار الذي تبع معارك طويلة.
وافتتحت الحكومة التركية في الفترة الأخيرة، مستشفيات ومراكز خدمية، في مسعى لتحسين البنى التحتية في مناطق "درع الفرات"، ولخلق مناخ ملائمٍ لعيش عشرات آلاف السكان في هذه المناطق.
اقــرأ أيضاً
غير أن هذا التسارع بعودة أوجه الحياة الطبيعية إلى مناطق "درع الفرات"، لم يترافق مع تنظيم وإدارة يواكبان ذلك، في موضوع الضبط الأمني تحديداً، إذ إن النزاعات بين الفصائل المتعددة التي شاركت في المعارك ضد "داعش"، أدت إلى نشوب خلافاتٍ بينها على النفوذ، وصل أحياناً إلى مواجهات مسلحة، كالاقتتال الذي دار بين "فرقة الحمزة" و"تجمّع أحرار الشرقية" نهاية مارس/آذار 2018، واقتتال آخر بين فصيلي "السلطان مراد" و"صقور الشام"، فضلاً عن مواجهات أخرى، لأسبابٍ تتعلق بنفوذ عائلات محلية مثل "آل واكي" لها مجموعات مسلحة، اصطدمت مع فصائل أغلب مقاتليها ليسوا من تلك المناطق.
يضاف إلى هذه الاقتتالات، التي تنتهي عادة بوساطاتٍ محلية، حوادث انفجاراتٍ من عبواتٍ ناسفة وسيارات مفخخة وقعت مرات عدة، في بلدات "درع الفرات"، وهي أحد أوجه الفلتان الأمني الذي يؤرق السكان هناك، ويعتبرونه المنغص الأساسي لحياتهم، إذ يرتبط الضبط والفلتان الأمني ارتباطاً وثيقاً بتحسن الوضع الاقتصادي وحركة البناء والتجارة وتنشيط الأسواق.
ودربت الحكومة التركية، مئاتٍ من رجال الشرطة السوريين، وأرسلتهم على دفعاتٍ إلى مناطق "درع الفرات"، ليصبحوا نواة جهاز شرطة محلي قادر على التصدي لمظاهر الفلتان الأمني. إلا أن قوة الفصائل المسلحة، تفوق قوة جهاز الشرطة، الذي يقف عاجزاً في كثيرٍ من الأحيان، أمام النفوذ الأكبر للفصائل المسلحة، وللعائلات الكبيرة التي تتواجد في مدن وبلدات "درع الفرات".
وتقف مسألة تعدد الفصائل، على رأس أسباب عدم ضبط الوضع الأمني في مناطق "درع الفرات"، كما أن مسألة عدم تحكّم كافة الفصائل بجميع عناصرها، ومنعهم من أي تجاوزات، يلعب دوراً مهماً في الفلتان الأمني، إضافة لمسألة فوضى السلاح، وعشوائيته، إذ إن الفصائل تمتلكه، وكذلك العائلات الكبيرة، إضافة لبعض السكان الذين اقتنوا السلاح بدافع الحماية وسط حالة الفوضى الأمنية. ويقول ناشطون وسكان في "درع الفرات"، إن العائق الأساسي أمام ضبطٍ كاملٍ للأمن، هو عدم وجود إدارة واحدة لها قوة تنفيذية، تستطيع سحب السلاح من داخل المدن، وتفكيك الحواجز المتعددة للفصائل، وتعويضها بحواجز جهة واحدة، إضافة إلى ضرورة إبعاد كافة الفصائل من داخل المدن.
ورغم أن الوضع الأمني شهد تحسناً ملحوظاً أخيراً في الفترة الأخيرة التي لم تشهد اقتتالاتٍ كما حصل سابقاً بين عدة فصائل، إلا أن مظاهر عدم وجود ضبط أمني كامل ما زالت قائمة، كانفجارات مصدرها عبوات ناسفة ودراجات نارية مفخخة، وهو ما يؤرق السكان، الذين يأملون تحسن الوضع الأمني في فترة قريبة.
و"درع الفرات" هو الاسم الذي أطلقه الجيش التركي على العملية العسكرية التي بدأت في 24 أغسطس/آب 2016، بهدف تحرير مساحة نحو 100 كيلومتر مربع من الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، وبعمق يصل إلى أكثر من ثلاثين كيلومتراً، من سيطرة تنظيم "داعش" على هذه المناطق، التي تفصل أيضاً بين عفرين غرباً، التي كانت حينها تحت سيطرة الوحدات الكردية، وباقي مناطق سيطرة الوحدات شرقاً من عين العرب (كوباني) نحو تل أبيض ثم الحسكة. وتضم مناطق "درع الفرات" مدناً وبلدات عديدة، أبرزها الباب، وإعزاز، ومارع، وجرابلس، والراعي، وعشرات القرى الأخرى الواقعة في شمال شرق حلب.
ورغم أن عملية "درع الفرات"، نجحت منذ اليوم الأول لانطلاقها بطرد "داعش" من معقله الهام في جرابلس، وتقدّمت لاحقاً بشكل متسارع، ضمن المناطق التي كانت خاضعة لـ"داعش"، الذي انسحب نحو معاقله في مسكنة شرقي حلب، والرقة ودير الزور، إلا أن هذه العملية العسكرية، لم تنتهِ فعلياً إلا بعد السيطرة على مدينة الباب شرقي حلب، في مارس/آذار 2017.
وأصبحت مناطق "درع الفرات" مكتظة بالسكان، الذين تضاعفت أعدادهم مع حالة الاستقرار الذي شهدته هذه المناطق. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشف إحصاء لـ"الحكومة المؤقتة" أن عدد سكان مدينة الباب لوحدها، ارتفع من 12 ألفاً، إلى 106 آلاف، بعد طرد "داعش". وارتفعت نسبة السكان في المدن والبلدات المهمة الأخرى، كجرابلس التي بات عدد سكانها بحسب نفس الإحصاء 36 ألفاً، وصوران 25 ألفاً، والراعي نحو 20 ألفاً، ومارع مع دابق نحو 30 ألفاً، وغيرها، فاكتظت هذه المناطق بسكانها المحليين، والقادمين الجدد، وباتت تشهد حركة سريعة بإصلاح الطرق والمنازل المهدمة أو المتضررة، وكذلك نشطت الأسواق التجارية بفضل الاستقرار الذي تبع معارك طويلة.
وافتتحت الحكومة التركية في الفترة الأخيرة، مستشفيات ومراكز خدمية، في مسعى لتحسين البنى التحتية في مناطق "درع الفرات"، ولخلق مناخ ملائمٍ لعيش عشرات آلاف السكان في هذه المناطق.
غير أن هذا التسارع بعودة أوجه الحياة الطبيعية إلى مناطق "درع الفرات"، لم يترافق مع تنظيم وإدارة يواكبان ذلك، في موضوع الضبط الأمني تحديداً، إذ إن النزاعات بين الفصائل المتعددة التي شاركت في المعارك ضد "داعش"، أدت إلى نشوب خلافاتٍ بينها على النفوذ، وصل أحياناً إلى مواجهات مسلحة، كالاقتتال الذي دار بين "فرقة الحمزة" و"تجمّع أحرار الشرقية" نهاية مارس/آذار 2018، واقتتال آخر بين فصيلي "السلطان مراد" و"صقور الشام"، فضلاً عن مواجهات أخرى، لأسبابٍ تتعلق بنفوذ عائلات محلية مثل "آل واكي" لها مجموعات مسلحة، اصطدمت مع فصائل أغلب مقاتليها ليسوا من تلك المناطق.
يضاف إلى هذه الاقتتالات، التي تنتهي عادة بوساطاتٍ محلية، حوادث انفجاراتٍ من عبواتٍ ناسفة وسيارات مفخخة وقعت مرات عدة، في بلدات "درع الفرات"، وهي أحد أوجه الفلتان الأمني الذي يؤرق السكان هناك، ويعتبرونه المنغص الأساسي لحياتهم، إذ يرتبط الضبط والفلتان الأمني ارتباطاً وثيقاً بتحسن الوضع الاقتصادي وحركة البناء والتجارة وتنشيط الأسواق.
ودربت الحكومة التركية، مئاتٍ من رجال الشرطة السوريين، وأرسلتهم على دفعاتٍ إلى مناطق "درع الفرات"، ليصبحوا نواة جهاز شرطة محلي قادر على التصدي لمظاهر الفلتان الأمني. إلا أن قوة الفصائل المسلحة، تفوق قوة جهاز الشرطة، الذي يقف عاجزاً في كثيرٍ من الأحيان، أمام النفوذ الأكبر للفصائل المسلحة، وللعائلات الكبيرة التي تتواجد في مدن وبلدات "درع الفرات".
ورغم أن الوضع الأمني شهد تحسناً ملحوظاً أخيراً في الفترة الأخيرة التي لم تشهد اقتتالاتٍ كما حصل سابقاً بين عدة فصائل، إلا أن مظاهر عدم وجود ضبط أمني كامل ما زالت قائمة، كانفجارات مصدرها عبوات ناسفة ودراجات نارية مفخخة، وهو ما يؤرق السكان، الذين يأملون تحسن الوضع الأمني في فترة قريبة.