مصر تبلغ أميركا بعدم التراجع عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية

02 يونيو 2017
واشنطن تتابع ملف الجزيرتين مع القادة المصريين والسعوديين(بندر الجلود/الأناضول)
+ الخط -
بعد بروز توجه مصري لتأجيل بت قضية جزيرتي تيران وصنافير، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العام المقبل، يجري الحديث اليوم عن تعهد النظام المصري للإدارة الأميركية، التي تتابع الملف مع القادة المصريين والسعوديين، بحتمية تسليم الجزيرتين إلى السعودية. وأكد مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الخارجية المصرية أبلغت نظيرتها الأميركية في مراسلات رسمية تم تحريرها في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بأن الحكومة المصرية لن تتراجع عن تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، وأن ترتيبات المهام الأمنية بين مصر وإسرائيل والسعودية والقوات الدولية حول جزيرة تيران "نهائية ولن يجري تعديل عليها".

وأوضح المصدر الدبلوماسي الذي اطلع على هذه المراسلات، أن الولايات المتحدة استفسرت عدة مرات وخلال لقاءات جمعت مسؤولين مصريين وأميركيين خلال زيارة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، إلى واشنطن في إبريل/ نيسان الماضي، عن سبب تعطيل تنفيذ اتفاق نقل المهام الأمنية الواقعة على عاتق مصر إلى السعودية، والمرتبطة بخطة انتشار أمني تم اعتمادها بين مصر والسعودية من جانب، وبين مصر وإسرائيل وأميركا من جانب آخر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأضاف أن واشنطن تطلب توضيحات لأنها تخشى من أن يؤدي تعطيل تنفيذ الخطة الجديدة إلى حصول مشاكل أمنية في ما يتعلق بأماكن تموضع القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة في خليج العقبة. وأوضح المصدر أن الخارجية المصرية شددت على أن "الدولة المصرية تفي بتعهداتها الدولية، وأن تأخر تسليم الجزيرتين للسعودية يرتبط بإنهاء الإجراءات الدستورية في مجلس النواب المصري"، لكنها لم تحدد موعداً لإتمام هذه الإجراءات. وأشار إلى أنه من المقرر بحسب الخطة الأمنية الجديدة، أن تتواجد قوات حفظ السلام الدولية بكثافة على جزيرة تيران والمنطقة المحيطة بها خلال العام الحالي، لمراقبة مدى استقرار الأوضاع وعدم ارتكاب أي طرف استفزازات أمنية. وتابع أن الولايات المتحدة أخطرت القيادة العسكرية بالدول الثلاث بضرورة استمرار نزع السلاح من هذه المنطقة، والاعتماد في تأمين الشواطئ على الشرطة المدنية فقط.

وشهدت الأيام الماضية تصريحات متضاربة من نواب البرلمان المصري حول قرب مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية والموافقة نهائياً على نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير، فيما طلب البرلمان من وزارتي العدل والخارجية مستندات جديدة لإثبات سعودية الجزيرتين وتفاصيل المراسلات الدبلوماسية المصرية - السعودية حولهما في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، قبيل تعيين نقاط الأساس للحدود البحرية المصرية، والتي تعتبرها القاهرة والرياض حالياً أساساً لإثبات سعودية الجزيرتين.


وتثير الاتفاقية خلافاً حاداً في البرلمان المختص بإقرارها وفقاً للدستور، ما بين مؤيد لها ومعارض من حيث المبدأ باعتبار جزيرتي تيران وصنافير جزءاً من أرض مصر ولا يجوز التنازل عنها بأي صورة، وبين فريق ثالث يميل إلى إجراء استفتاء شعبي على موضوع التنازل باعتباره متعلقاً بحق سيادي.

وتؤكد الحكومة المصرية في مذكراتها التي أرسلت للبرلمان في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي (أي قبل صدور حكم بات ببطلان التنازل عن الجزيرتين بنحو 3 أسابيع)، أن الجزيرتين كانتا عهدة في يد مصر منذ احتلال القوات البحرية المصرية لهما في يناير/ كانون الثاني 1950 لدعم المركز العسكري والاستراتيجي للعرب ضد إسرائيل، وإغلاق خليج العقبة بعدما احتلت إسرائيل مدينة أم الرشراش وحولتها إلى ميناء إيلات في مارس/ آذار 1949 في نهاية حرب فلسطين.

وكشفت مستندات نشرتها الحكومة المصرية وقت توقيع الاتفاقية كدليل على سعودية الجزيرتين، عن أن مبارك طلب وساطة الرئيس السوداني الأسبق، جعفر نميري، مع العاهل السعودي الراحل الملك خالد بن عبدالعزيز، لإقناعه بعدم إثارة موضوع استعادة السعودية للجزيرتين حتى إتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء.

وكانت "العربي الجديد" كشفت في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن تفاصيل مراسلات خطية بين مصر وإسرائيل حول تنسيق المهام الأمنية ونقل الجزيرتين للسعودية، تم اختتامها بخطاب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مؤرخ في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016، أكد فيه أن إسرائيل لا تمانع تسليم الجزيرتين إلى السعودية، وأنها تقر بما حملته الخرائط المصرية من تقسيم للمناطق وبخطة الانتشار الأمني المرتقب تنفيذها ومشروع جسر الملك سلمان، والسماح للسفن الإسرائيلية بالعبور من مضيق تيران وصولاً أو خروجاً من ميناء إيلات. واختتم الرسالة بأن "هذه الإجراءات لا تمثل انتهاكاً لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية"، وفق تعبير نتنياهو.

وتنص اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة في عام 1978، على حرية الملاحة البحرية والجوية في مضيق تيران وخليج العقبة. وأشار إلى ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي يعلون، في 13 إبريل/ نيسان 2016، بقوله: "توصلنا مع الأميركيين والمصريين والسعوديين لنقل مسؤولية الجزيرتين إلى السعودية، بشرط الإيفاء بواجبات المصريين في الملحق العسكري لاتفاقية السلام".

وكانت مصادر برلمانية قريبة من دوائر اتخاذ القرار في مصر، كشفت لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن تقدّم عدد من المقرّبين لمؤسسة الرئاسة باقتراح لإرجاء تمرير اتفاقية "تيران وصنافير" وعدم الموافقة على الاتفاقية خلال الفترة القريبة المقبلة. وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذه الاتصالات التي تمّت مع مؤسسة الرئاسة حذّرت من زيادة الشرخ في العلاقة بين السيسي والشعب المصري بسبب تمرير هذه الاتفاقية دون تمهيد كافٍ". وأضافت أن "الرؤية المطروحة طالبت بالهدوء في التعامل مع الأزمة وعدم الاستجابة الكاملة لضغوط السعودية في سبيل الإسراع بتنفيذ الاتفاقية، لما له من عواقب سلبية على النظام الحالي". وأوضحت أن "البرلمان عليه انتظار فصل المحكمة الدستورية العليا في حكمي المحكمة الإدارية العليا ومحكمة الأمور المستعجلة والبت في صحة أي منهما، وإذا تم الحكم بعدم دستورية نظر مجلس الدولة هذه الاتفاقية لأنها من أعمال السيادة، فإن ذلك سيسهّل تمرير الاتفاقية من دون أزمات"، وفق تعبير المصادر.

وقلّلت المصادر من أهمية الأخبار المتداولة حول وجود نية في تمرير اتفاقية "تيران وصنافير" خلال شهر رمضان الحالي، استغلالاً لظروف الشهر وصعوبة التظاهر خلاله في ظل حالة الطوارئ. وقضى الاقتراح بـ"عدم تمرير الاتفاقية بشكل رسمي، إلا عقب انتخابات الرئاسة المقبلة حتى لا تؤثر على شعبية السيسي بشكل أسوأ خلال الفترة المقبلة". ولمّح السيسي إلى الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة في عام 2018، مرات عدة، سواء خلال المؤتمر الشبابي في الإسماعيلية أو في الحوار مع رؤساء تحرير الصحف المحلية.

المساهمون